رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"الفيلوفوبيا" كابوس الفتيات وتبعدهم عن الارتباط.. وخبيرة نفسية تضع روشتة علاج

كتب: ندى سمير -

11:31 ص | الجمعة 06 سبتمبر 2019

فوبيا الارتباط

الـ"الفيلوفوبيا" أو فوبيا الارتباط، اضطراب نفسي يلاحق الكثير من الفتيات، يشعرن بسببه وكأن ارتباطهن بشخصٍ ما ربما يفنيهن، أغلبهن يهبن الارتباط بشخص ما في علاقة عاطفية فقط، وبعضهن يهبن الارتباط في المطلق، الارتباط بأي شيء أو أي شخص أيًا كان.

سارة: قلبي بيتقبض لما تيجي قدامي سيرة الارتباط

عاشت سارة فهمي، الفتاة الثلاثينية، فوبيا الارتباط أو الـ"الفيلوفوبيا" بحذافيرها، بعد أن فقدت والدتها التي أحبتها وتعلقت بها كثيرًا، عندما كانت في سن الـ7 سنوات، كانت دائمًا ما ترفض أن تربطها أي علاقة بأي شخص من الجنس الآخر، وحتى كانت تأبى أن تجمعها علاقة صداقة وطيدة بإحدى صديقاتها، تشعر وكأن هناك حدودًا معينة، لا يجب لأي شخص أن يتخطاها أيًا كان من هو وأيًا كانت صفته أو مكانته عندها: "بخاف أقرب أي حد مني لا أخسره زي ما خسرت أمي".

وأوضحت "سارة" لـ"الوطن" أنها في بادئ الأمر كانت تعتقد أنها طبيعية، وأن بُعدها عن فكرة الارتباط العاطفي هو ما ينص عليه دينها وتقاليد مجتمعها، ولكن بعد وصولها لسن الـ22 سنة تقريبًا، حيث تقدم بعض الشباب لخطبتها، ورفضتهم هي واحدًا تلو الآخر، بدأت تشك في الأمر، خاصة أنها لم يكن مثلها كمثل باقي الفتيات اللواتي يشعرن بسعادة عندما يطرق أحدهم بابهن وهو ينوي التقرب منهن: "لما كنت بعرف أني جايلي عريس قلبي كان بيتقبض، كنت برفض من غير ما حتى أفكر في الموضوع".

راود أهلها بعض الشكوك تجاه الأمر، ولكنهم سرعان ما أدركوا حقيقة الخوف المزمن التي أصيبت به مذ أن فقدت والدتها، فاحترموا رغبتها في عدم الزواج، مع أن احترام أو تقبل أمرٌ كهذا لم يكن سهلًا عليهم إطلاقا.

حاول أهل "سارة" عرضها على طبيب نفسي مرارًا وتكرارًا ولكنها دائمًا ما كانت ترفض الفكرة شكلًا وموضوعًا: "دايمًا ببقى حاسه أني لو اتخليت عن الخوف المزمن دا هبقى بتخلى عن مامتي، وأنا مش عايزه كده".

شهد: أهلي عقدوني

أما عن شهد عمر، البالغة من العمر 32 عاما، والتي لطالما عانت من فوبيا الارتباط، حيث اشتبهت في إصابتها بها عندما كانت في الصف الأول الثانوي، حينما أخبرتها صديقتها ذات يوم أن أحدهم يريد الارتباط بها، لتُعرض "شهد" عن الأمر وترفضه رفضًا تامًا، ولكن لم تكمن هنا المُعضلة، بل كمنت فيما شعرت به حينها من خوف: "أنا فاكرة كويس جدًا توتري، ودقات قلبي اللي عليت بمجرد معرفتي بأن في حد بيفكر فيا".

مر هذا الموقف واعتقدت أنها مجرد رهبة من الإقدام على مثل هذه الخطوة في سن صغير، ومرت الأيام وتقدم لخطبتها الكثيرون، ولكن في عمر الـ25 تقدم لخطبتها شاب كامل الأوصاف، حثها الجميع على الموافقة عليه، ولكنها شعرت بنفس الخوف الذي كانت تشعر به كل مرة، اختلقت حججًا وأعذارًا كثيرة لترفض، ثم بدأت أسرتها في الشعور بالارتياب، وباتت نظرات الشك في أعينهم تقتلها بالبطيء، علاوة على ضغطهم عليها بشكل مستمر: "ماكنتش عارفة أفهمهم إزاي أن أكيد اللي عندي دا مرض مش عامله عمله ولا حاجة".

وأضافت الفتاة الثلاثينية في حديثها لـ"هن": "أهلي عرضوني على شيوخ ودجالين، جربوا كل حاجة، إلا إنهم يعرضوني على دكتور نفسي، كانوا بيقولولي أنتِ مش مجنونة، أنتِ معمولك عمل"، كما تعرضت "شهد" لأشكال كثيرة من العنف الأسري بسبب رفضها لفكرة الارتباط، حتى تزوجت غصبًا في عمر الـ28. 

لكن زيجتها لم تدم لأكثر من 6 أسابيع، وسرعان ما طلبت من زوجها الطلاق لاستحالة العيش بينهم: "مافكرتش في علاج عشان تقريبًا التجارب اللي عاصرتها في بيت أهلي خلتني بقيت رافضه فكرة الارتباط تمامًا، وماعنديش أي استعداد حتى أتخيل نفسي مع حد"، كما أكدت على كثرة الخلافات الأسرية التي كانت تنشب بين والدها ووالدتها منذ أن كانت صغيرة وحتى وقتنا هذا.

ملك: فكرة الارتباط مابتنجحش غير في الأفلام

"ماكنتش أتخيل أن في مرض أسمه كدا أصلًا، كنت فاكرة أني عندي عقدة من الرجالة"، هذا ما بدأت به ملك حامد، 26 عاما، حديثها لـ"الوطن"، حيث أنها كانت تجهل حقيقة هذه الفوبيا، وأضافت: "طول عمري بكره الرجالة، من ساعة ما شفت بابايا بيضرب مامتي، ومن ساعة ما بدأ أخويا يقلده ويضربني".

عاشت "ملك" حياة مريرة في بيتها مع أسرتها الصغيرة المكونة من أربعة أفراد، حيث أن حياتها لم يظهر فيها أي تقدير لها أو لوالدتها من قِبَل العنصر الذكوري الذي كان يقطن معهم في بيت واحد وهم أبيها وأخيها، فخلقت هذه البيئة غير الصحية شخص مريض بالـ"الفيلوفوبيا" أو فوبيا الارتباط.

تقدم للزواج منها الكثيرون، ولكنها كانت بارعة في "تطفيشهم"، كما ذكرت، "لو كان الرفض جه مني أنا كان غصبني أبويا على الموافقه، عشان كدا ماكنتش برفض، بس كنت بخلي اللي يجي يشوفني مرة يحرم وما يجيش تاني".

كما أضافت الفتاة العشرينية أنها لم ترى حتى الآن قصة زواج ناجحة، حتى تتبعها وتتزوج هي الأخرى: "فكرة الارتباط بقت فكرة فاشلة، العلاقات دي مابتنجحش غير في الأفلام".

رأي الطب النفسي في الفيلوفوبيا

أفادت هالة حماد، استشاري العلاقات الأسرية والطب النفسي للأطفال والمراهقين، في حديثها لـ"الوطن" أن الـ"الفيلوفوبيا" أو فوبيا الارتباط اضطراب له العديد من الأسباب ومنها:

أسباب الفيلوفوبيا

العلاقة غير السوية بين الطفل وأمه، والتي ربما ينجم عنها شخص مصاب بهذا النوع تحديدًا من الفوبيا.

الأم غير السوية، التي سريعًا ما يتغير مزاجها العام، تارة سعيدة وحنونة على طفلها، وتارة أخرى غاضبة وقاسية عليه، هذا النوع تحديدًا من الأمهات قد ينتج أثر معاملتهم المتغيرة لأبنائهم أشخاص غير واثقين في البشر المحيطين بهم، حيث يرى الطفل العالم من حوله مكان غير آمن، كما يرى البشر غير آمنين، وتُرسَّخ هذه الفكرة في اللاوعي، ثم ينتج عنها الـ"الفيلوفوبيا".

علاقة الأب والأم غير الناجحة، أو التي تنطوي على الكثير من المشاكل والشد والجذب بين الطرفين، قد تنتج أشخاصًا يعانون من فوبيا الارتباط: "الأطفال مابيكونوش شافوا علاقة ناجحة أصلًا عشان يكرروها".

مشاهد العنف التي يشهدها الأطفال أيضًا تعد سببًا لفوبيا الارتباط.

الخوف من الفقد، ربما أيضًا ينجم عنه فوبيا من الارتباط.

الختان، والذي يعد سببًا قويًا لبعد الفتيات عن فكرة الارتباط في المطلق والزواج بالتحديد.

مشاركة الأب والأم مشاكلهم الخاصة بهم مع أبنائهم من باب الشكوى، حيث تجبر هذه الخطوة الأطفال على خوض حرب لا علاقة لهم بها في سن صغير، مما قد يعرضهم فيما بعد لاضطراب فوبيا الارتباط.

الاختلاط بأشخاص متزوجين يذمّون في فكرة الزواج أيضًا، عادة ما ينجم عنه الاصابة بالـ"الفيلوفوبيا".

طرق علاج الفيلوفوبيا

أول خطوة هي العلاج السلوكي النفسي المعرفي.

عند تطور الفوبيا إلى اكتئاب أو قلق نفسي يُصرف للمريضة علاج، إذا استلزم الأمر.

تخضع المصابه بالفوبيا إلى جلسات المساندة النفسية.

كما نوّهت "حماد" أن هناك فرق بين التوتر والخوف الطبيعي الناتج عن خوض الشخص لتجربة جديدة، وبين الـ"الفيلوفوبيا" أو فوبيا الارتباط، وهذا الفرق يعلمه ويحدده الشخص بنفسه.

كما أضافت استشاري العلاقات الأسرية أن ضغط الآباء على الأبناء عادةً ما يولِّد نتائج عكسية، كما أن التردد في عرضهم على طبيب نفسي يزيد الوضع سوءًا.