رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بعد وفاة الجدة الحاضنة لراوية.. من سيتولى رعاية الطفلة الناجية من حريق محطة مصر؟

كتب: أحمد عصر - يسرا محمود -

04:13 م | الأحد 03 مارس 2019

بعد وفاة الجدة الحاضنة لراوية.. من سيتولى رعاية الطفلة الناجية من حريق محطة مصر؟

عيناها الواسعتان تزداد جمالًا ولمعانًا لانعكاس أشعة الشمس عليها، أثناء انتظارها للقطار الذي سيحملها إلى محافظتها الشرقية، مع جدتها الستينية سامية عليوة، التي أمسكت بيد حفيدتها الصغيرة بإحكام خوفا عليها من التيه وسط الزحام المتزايد، يتحدثان سويا حتى اقتراب موعد رحلتهما، دون أن تدري الطفلة "راوية" أنه آخر لقاء مع "أمها الثانية" الحاضنة لها منذ ما يقارب 5 أعوام، قبل أن تفرقهما ألسنة النيران المفاجئة جراء "انفجار جرار محطة مصر"،  حاصدًا روح الجدة، بينما استقر جسد "راوية" المصاب بحروق تخطت 82% في إحدى غرف العناية المركز بمستشفى معهد ناصر، لتبقى الطفلة، ذات الست أعوام، بين مصيرين مجهولين، تنازع من أجل البقاء فيها، وحضانة لا تعلم إلى من ستؤول.

على درجات سلم الطابق الخامس من المبنى الرئيسي لمستشفى معهد ناصر، كان يجلس الأربعيني السيد أحمد، واضعًا رأسه بين يديه بعد أن امتلأت عيناه بحزن ظاهر على طفلته الملقاة على أحد أسرّة غرفة العناية المركز الجالس أمامها منذ مساء يوم الحادث، لا يعرف مصير طفلته التي يزداد حالها سوءً يومًا بعد يوم، فهي لم تتحدث إليه منذ وقوع الحادث، حسب قوله: "آخر حاجة عملوا لها عملية في رقبتها عشان تعرف تتنفس منها، ولما بسأل الدكتور عن حالتها بيقول لي ادعي ربنا حالتها تستقر".

لم ير "السيد" طفلته، منذ 5 أعوام، فبحسب قوله، كانت جدتها الحاضنة لها تمنعه من رؤيتها، فقط هي الصدف التي كانت تقوده إلى النظر إليها من بعيد عبر شوارع قريتهم التي يسكنون بها في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية متابعا: "لما كنت أقول لجدتها إني عايز أشوفها تقولي لأ مفيش بنات، لو عايز تشوفها أرفع رؤية في المحكمة".

كانت "أخر صدفة" جمعت "السيد" بـ "راوية" منذ نحو 3 أشهر، قبل أن يهاتفه أحد أصدقائه من العاملين بمحطة مصر يخبره بمشهد الطفلة الذي أصبح حديث كافة مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الأيام الماضية، ليتجه الأب إلى محافظة القاهرة مسرعًا، بعد جولة في قريته تأكد منها أن الطفلة كانت في رحلة مع جدتها هناك.

أزمة حضانة الطفلة "راوية" التي امتدت على مدار 5 أعوام مضت، كتب لها أن يكون هذا الحادث هو المحرك الأقوى لها خلال الأيام القادمة، ولكن حالة الطفلة التي لا يعلم "السيد" ما هو مصيرها، جعلته وبقية الأسرة في حالة سكون تام، في انتظار ما سيؤول إليه الأحداث القادمة.

جلسة ودية، عقدها الأب مع طليقته شاهيناز محمد، للاتفاق على "حضانة راوية"، أكد لها فيه، حسب كلام الأم، أنه لن يحرمها من ابنتها، التي ستكبر بينهما، دون استحواذ طرف عليها، وهو ما وافقت عليه "شاهيناز" بعد أن طلبت منه أن تكون إقامة الطفلة معها، راوية لـ "الوطن" قصة انفصالها عن "السيد" التي بدأت بعد أشهر فقط من ولادة "راوية"، لتتزوج هي بآخر وتنجب منه طفلتين، تاركة لوالدتها مهمة التنقل بين أروقة المحاكم لرفع قضية حضانة الطفلة انتهت بالحصول على حكم نهائي بحق الجدة في الحضانة بدلاً من الأب، منذ 5 سنوات.

طيلة الأعوام الخمسة، لم ير الأب طفلته، وفقا لرواية "شاهيناز"، التي استرجعت بذاكرتها صدام حدث بينهما، تروي تفاصيله، عندما رفض الأب إعطائهم الطفلة وحجزها في منزله رغم إصابتها بالجفاف، مخبرًا طليقته "ملكيش عندي حاجة"، حتى تمكنت من الحصول عليها بالقوة مع والدتها، قائلة: "ومن ساعتها وهو مبيسألش على بنته"، وفقا لروايتها.

تناوبت الأم والجدة على تربية الطفلة، التي كانت تذهب كل أسبوعين للمبيت مع والدتها، لتعود مرة أخرى لأحضان جدتها، المتولية مسؤولية متابعة واجباتها المدرسية وتحصيلها الدراسي، والاعتناء بصحتها، والترفيه عنها بالتنزه وزيارة الأقارب، في ظل اختفاء دور الأب، على حد وصف والدة "راوية"، ليبدأ الآن فصل جديد في حياة الطفلة بحياة بين الوالدين، بعد وفاة الجدة، فالقانون في هذه الحالة هو المنوط بالفصل في الأمر إذا ما نشأ خلاف، يوضح ذلك أحمد مصيلحي، المحامي بالنقض ورئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل، حيث ينص قانون الأحوال الشخصية، على ضرورة أن يكون الطفل برفقة أنثى أثناء فترة الطفولة المبكرة، وهو القانون المعمول به في مصر وفي معظم الدول بما فيها دول أوروبا حاليًا، حسب قوله.

يتحدث "مصيلحي" عن بعض الدراسات التي أجريت في هذا الشأن، والتي أكدت جميعها على أنه يفضل للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، والتي حددتها هذه الدراسات ما بين 7 إلى 9 سنوات، أن يكون برفقة أنثى، وهو ما يقره القانون على اختلاف فارق السن الذي يحدده للحضانة بـ15 عامًا، فتكون الحضانة بالترتيب للأم أولا وفي حالة وجود مانع، تؤول لأم الأم، ثم أم الأب، ثم الخالة، ثم العمة، وهكذا.

ويؤكد "مصيلحي" ضرورة وجود مبدأ عام في كل الأحوال بألا ينفصل الطفل أو الطفلة عن والديه، وأن يراهم ويجلس معهم بينما تكون الإقامة فقط مع الحاضن، وهو ما اعتبره "مصيلحي" حق أصيل للطفل قبل أبويه معبرًا عن ذلك بقوله: "لازم الناس تتعلم إن ده حق للطفل لو اتحرم منه بنشوف بعد كده مواطن غير سوي".