رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

في ذكرى ثورة الجزائر.. «الوطن» تعيد نشر حوارها مع المناضلة جميلة بوحريد

كتب: هدى رشوان -

03:29 م | الخميس 01 نوفمبر 2018

المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد

بمناسبة الذكرى الـ64 لاندلاع الثورة الجزائرية، تُعيد «الوطن»، نشر حوارها مع المناضلة الجزائرية «جميلة بوحيرد»، الذى أجرته خلال زيارتها لمصر مطلع العام الجارى، واستغرق نحو 90 دقيقة من الحكى المتواصل عن قضايا وموضوعات، لا تنفصل فيها السياسة بمصر عن الجزائر، ولا النضال فى الستينات عن الألفية الثانية، تفاصيل استغرقت فى حكيها بطاقة شابة فى العشرين، وبذاكرة تؤرخ لأحداث ما زالت مستمرة ومتجددة، لم تتوقف «جميلة» سوى لالتقاط الأنفاس، أو الاستغراق لحظات مع اللحن الذى تحفظه وتدندنه مع العازفين.

ما شعورك إزاء استقبال الشعب المصرى لك بعد أكثر من 65 عاماً على زيارتك الأولى للبلاد؟

- فى الحقيقة لم أكن أتصور ذلك، استقبال رائع وحفاوة من شعب مصر لى، لم يقل عن استقبال 1962، فالمصريون جميعهم استقبلونى بحفاوة شديدة، وبالأمس سافر شاب أكثر من 28 ساعة بالقطار من القاهرة لأسوان لمجرد أن يسلم علىّ، وأكتب له فى «الأوتوجراف»، والله العظيم هذا الشاب أسرنى وجعلنى سعيدة بشباب مصر.

 

حدثينا عن الزيارة الأولى لمصر فى عهد عبدالناصر؟

- كانت عقب الاستقلال، وكان هناك حماس ونضال وتضحية وبطولة، كان الوطن العربى كله وحدة واحدة، لن أنسى فضل عبدالناصر على الجزائر فى دعمها، وفرحت كثيراً حينما عرضت ابنة الزعيم الراحل هدى جمال عبدالناصر، تسجيلاً لزيارتى الأولى لمصر، فليس لدىّ أى توثيق لهذه الزيارة. وأتذكر أنه عقب الاستقلال وزيارتى لبنان التف حولى الشعب كله، وكان الحرس يبعدهم خوفاً من اغتيالى، لكنى كنت أرحب بهم جميعاً، وأؤكد أن مصر عشقى وحبى الأول والأخير، إنها بلادى وقلبى، كما الجزائر، ولا يستطيع أحد أن يفرق بين حبى لها وحبى للجزائر.

 

هل تابعت أحداث ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟

- طبعاً. كنت أتابع ما يحدث يومياً، والشعب المصرى عظيم فى مروءته وكريم بخلقه، ولا أنسى تضامنه مع قضية الشعب الجزائرى وثورته ضد الاحتلال الفرنسى، ولا بد أن يكون الشباب على مستوى المسئولية لمواجهة الهجمة الاستعمارية الشرسة التى تواجه الأمة العربية كلها.

 

صفى لنا شعورك أثناء متابعة أحداث الثورة؟

- حبيت نجيكم فى الميدان ونشارككم فى ثورتكم ضد الظلم، والبعض قالوا لى إن اسمى ذُكر من جانب الثوار فى ميدان التحرير، أنا دائماً مع الشعوب والمظلومين، ولست مع الرؤساء ولا أهتم بهم، أنا مع فلسطين، فهى مظلومة، ولدىّ حزن كبير على سوريا وليبيا واليمن، حتى إننى أصبحت أكره أن أتابع نشرات الأخبار فى الحروب.

 

ماذا عن حرب مصر ضد الإرهاب؟

- نحن الجزائريين وقفنا ضد الإخوان وحاربناهم وكانوا يقتلون أولادنا ويذبحونهم يومياً، 10 سنوات نحاربهم فى سلسلة من المذابح راح ضحيتها قرى بأكملها، وفى النهاية انتصرنا عليهم، والنضال لا سن له، كبار وصغار وشباب الجميع يحارب الإرهاب، وكان الله فى العون، ربنا يقدركم ويعينكم يا مصريين على الإرهابيين.

 

ما رأيك فى الأجواء السياسية التى يعيشها الوطن العربى الآن؟

- محاولات الهيمنة التى يحاول الغرب فرضها على الوطن العربى الآن ستبوء بالفشل حال تسلح الشباب بالوعى الثقافى والسياسى والاجتماعى، للتمييز بين الغث والسمين فيما يبث له من أفكار وآراء، من أجل حماية المجتمع والحفاظ على هويته الثقافية والاجتماعية، والدور المفروض أن تلعبه الحكومات العربية هو بذل المزيد من الجهد فى تثقيف الشباب والأخذ بأيديهم والاستماع لهم والاهتمام بقضاياهم وإشراكهم فى الأمر، ونقل الخبرة الصحيحة إليهم والعمل على تقويم سلوكياتهم التى تتعرض بصفة مستمرة للاستحواذ من جانب قوى الغدر، وحال الأمة العربية فى الماضى كان أفضل من الآن.

 

ما رأيك فى انضمام بعض الشباب لـ«داعش» والمنظمات الإرهابية؟

- بعض الشباب مسلوبو الإرادة، وعقولهم لا تدرك ما يحاك للهوية العربية من محاولات طمس وتغييب عبر نظرية فرض الأمر الواقع على الوطن العربى، حيث تعمل قوى الشر على تمزيقه وتقسيمه.

 

هل كنت تتوقعين حصولك على تكريم خاص، جائزة نوبل مثلاً؟

- لا.. وأكررها مرة ثانية، أنا مع الشعوب. وحصلت على نوبل بالفعل من حب الناس لى، والاستقبال الحافل الذى أشهده يومياً من الجميع.

 

رغم أنك واجهت الاحتلال بشراسة لكن دموعك قريبة للغاية؟

- حينما أشاهد الحروب والدمار فى أوطننا العربية أبكى بشدة، فلدىّ حزن شديد على سوريا وليبيا واليمن، وأصبحت أكره نشرات الأخبار، والظهور فى الإعلام. أنا لا أخشى الموت ما دام ثمنه الحرية، نحن لا نعرف الخوف، وتربينا على النضال، حتى إننى لم أبكِ وقت تعرضى للتعذيب، كنت قوية ولا أخاف أحداً من المستعمرين مهما كانت صفته، ووقفت فى المحكمة وقلت: «أعرف أنكم ستحكمون علىّ بالإعدام، لكن لا تنسوا أنكم بقتلى تغتالون تقاليد الحرية فى بلدكم، ولن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة»، وحينما حُكِم علىّ بالإعدام انتابتنى نوبة من الضحك العالى، استفزت رئيس المحكمة فرد صارخاً: «لا تضحكى.. فالأمر خطير»، حتى إن أحد الشعراء كتب قصيدة لى فى هذا الموقف.

 

ما أبرز المواقف التى لا يمكن أن تغيب عن بالك أثناء اعتقالك؟

- فى السجن كانوا يجبروننا على أن نرتدى ملابس من الخيش من الرقبة إلى كعوب الأرجل، وأنا وزميلاتى المناضلات كنا نخيط هذه الملابس فساتين قصيرة ميكروجيب دون أكمام، حتى إن السجانات كُنّ ينظرن إلينا ويقلن: «ما أبهاكم.. ما أحلاكم»، لم نكن نخاف السجن.

 

كيف كان شعورك بعد أن صرت ملهمة الشعراء؟

- هناك 70 قصيدة ليست لى أنا جميلة بوحيرد، ولكن فى رمز النضال للشعب الجزائرى، رمز مقاومة الجزائر فى وجه الاحتلال الفرنسى.

 

وماذا عن الفيلم المصرى «جميلة بوحيرد»؟

- تمت كتابته وتصويره وأنا فى السجن، ولم يحصلوا منى على موافقة، ولم أطلع عليه قبل التصوير، وكنت أتمنى التركيز على شهداء الثورة الجزائرية وكل الدول العربية التى قدمت الكثير من الشهداء فى سبيل استقلالها وحريتها بدليل ثورات الربيع العربى.

 

هل قابلت الفنانة ماجدة بطلة الفيلم من قبل؟

- حضرت للجزائر مرتين مع ابنتها غادة ولم ألتقِ بها، لذلك سألت عنها فور وصولى إلى مصر، وأكدوا لى أنها مريضة، وأطلب من محبيها الدعاء لها بالشفاء وأشكرها على أنها لفتت أنظار العالم لقضية الجزائر.

 

من أقرب الفنانين المصريين إلى قلبك؟

- أعشق عبدالحليم وأم كلثوم وشادية، وطقطوقة السنباطى لوردة «اسأل دموع عينيا» من أروع ما سمعت، وأعشق أيضاً عبدالوهاب، وأتذكر أنه فى إحدى جلساتى معه طلب منى العزف عن البيانو، فقلت له إننى لا أعرف العزف لكنه أصر، فجلست إلى البيانو وعزفت السلم الموسيقى فقط، كان عبدالوهاب فارساً.

 

هل تستمعين للفنانين الجدد؟

- أعرف بوشناق وشيرين، لكنى أحب القدامى، ولا أهتم بالجديد كثيراً، لكن بالأمس أعجبنى الفنان محمود حميدة فى كلمته، فقد عبر عن احترامه لى ونضال الثورة الجزائرية فى مواجهة الاحتلال الفرنسى، وقال لى إنه لم يكن يظن يوماً أنه سيقابلنى، وتأثرت كثيراً حينما قال لى: «عندما سمعت أنباء تعذيبك شعرت بآلام فى جسدى، وبعدها سكنت القلب ولم ينازعك فيه أحد». وتأثرت حينما نزل وقبل يدى وضممته إلىّ، وشاهدت الدموع فى عينيه، هذا فنان مثقف ورائع ومحترم.

 

هل لديكِ أحفاد؟

- حفيدة واحدة عمرها 20 عاماً، وابنتى وحفيدتى تعيشان فى أمريكا، وتزوراننى كل فترة.