رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

يحيى الرخاوي: أبناء المطلقين معرضين للإصابة بالاكتئاب و"اللازمات العصبية"

كتب: يسرا محمود -

01:23 م | الجمعة 19 أكتوبر 2018

يحيى الرخاوي

تقارير وإحصائيات محلية وعالمية، تكشف تصدر مصر نسب الطلاق دوليا، بمعدل 20 حالة طلاق كل ساعة، لتتضمن ثنايا الأرقام والإحصائيات آثار نفسية جثيمة تتراكم في نفسية ذوي المنفصلين، قد تشوش على طريقة تفكيره ورؤيته للحياة، كما يمكنها أن تكون تجربة إيجابية تؤدي إلى تكوين سوي لنفسيتهم.

الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي، يشرح لـ"الوطن" النتائج التفصيلية المترتبة على وقوع حالات الطلاق، وكيفية تحويل قرار الانفصال لحدث جيد في حياة الأبناء، وإلى نص الحوار:-

- ما الأسباب الرئيسية لتصدر مصر للدول من حيث نسب الطلاق؟

أصبحت المرأة أكثر حساسية وأحرص على إثبات ذاتها والحفاظ على كرامتها، كما أن أغلب الرجال صروا أكثر استثارة وأقل مسئولية الضغوط الاقتصادية، فضلا عن التسرع في اختيار شريك الحياة، دون دراسة جيدة لتلك الخطوة "المصيرية، ولكن لابد من التميز بين الطلاق البائن بلا رجعة، وبين المؤقت، والتي يغفل عنه باحثي بالدراسات المنتشرة في المجالي النفسي والاجتماعي، ما يدفعنا للشعور بتضخم "أزمة الطلاق" وتفشيها بالمجتمع.

- هل يختلف تأثير الطلاق على الفتيات مقارنة بالأبناء؟

بالتأكيد، ويتباين التأثير حسب مرحلة السن، ومن خلال خبرتي فإن مرحلة المراهقة هى أصعب المراحل التي تظهر مثل هذا الفرق، فالفتى يحتاج فيها إلى سند أبوي أساسًا، والفتاة تحتاج إلى حضن أبوي أيضًا وإلى صداقة أموية في نفس الوقت، وغياب أي من ذلك يعتبر حرمانا من هذه الحقوق، وتتعرض الفتيات تظل الأكثر تأثرنًا بتلك الخطوة، على الرغم من حزني على أن الوالد في الأسرة المصرية لم يعد سندًا، والأم لم تعد صديقة، وربما حل محلهما الفيس بوك والهواتف والمحمولة، مما جعل الفقد أقل أثرًا.

- ما هي الأثار النفسية السلبية المصاحبة للطلاق في كل مرحلة عمرية؟

في مرحلة الطفولة المبكرة التي تبدأ من 3 سنوات حتى 9 سنوات، يعرض الطفل للإصابة بالاكتئاب و"اللازمات العصبية"، الممثلة في حركات لا إرادية متكررة، مثل سرعة تحريك جفون العينين وخروج رغاوي من الفم، بالإضافة إلى اضطراب القلق العام، الذي يجعله يشعر بالخوف المستمر غير المبرر والآسى، والانحياز لأحد الابوين، فضلا عن احتمالية ضرب وسب الأم حال رؤيتها تتعرض لعنف جسدي على يد والده، كنوع من التقليد.

أما عن مرحلة المراهقة، يمكن أن تتسم سلوكيات أبناء المطلقين بالعدوانية، ولكن يمكن أن يعيش في حالة نفسية مستقرة ويتكيف مع الوضع، إذا مر بحياة أسرية ناجحة، بها العديد من الذكريات والمواقف الإيجابية، فيما يكون الأمر أكثر سهولة في مرحلة الشباب، التي تزيد فيها التأثر بالحياة العملية ودوائر الأصدقاء.

- ما الدوافع المسببة لعزوف بعض أبناء المطلقين عن تجربة الزواج؟

الصورة الذهنية المشوه عن الارتباط، والخوف من تكرار تجربة فشل والديهم، وهنا يجب تدخل "سيكو داينمي" من طبيب نفسي، لإعادة تكوين المفاهيم لديهم حول مفهوم الأب والأم والأسرة والزوجان.

- لماذا يتسم بعض أبناء المطلقين بتعدد العلاقات العاطفية وكثرة الزيجات؟

لأنهم يريدون من الطرف الآخر إشباع العديد من الاحتياجات شديدة التعقيد في فترة زمنية قليلة للشعور بالأمان والاستمرار في العلاقة، فضلا عن سرعة تقلب الحالة المزاجية، وعدم الرغبة بالمجازفة في استكمال الارتباط إلا عن الوصول لمرحلة يقينية بنجاحهما مستقبلا، وهو أمر يصعب إثباته سريعا.

- ما هي الحالات التي يصبح فيها الطلاق ذات تأثير إيجابي على الأطفال؟

عند وجود خلافات مزمنة ومعلنة بين الوالدين، خاصة حين يصل إلى حد الإيذاء البدنى أو التراشق بسباب خارج أو التلويح باتهامات الخيانة علانية، وجرى كل ذلك أمام الأطفال بشكل متواتر (أحيانا يوميا وأحيانا دائما) فإن الأطفال قد يتمنون ولو داخل أنفسهم انهاء هذه المعارك بأى صورة ولتكن الطلاق.

- ما انعكاس تطبيق قانون "الرؤية" الحالي على نفسية الأبناء؟

رغم اجتهاد المشرّع فى تقديم ما يدعم سلامة الرؤية وفائدتها إلا أنها إجراءات وشروط قلبت الرؤية إلى مسألة ميكانيكية تحت المراقبة (مرفوضة حتى لو كانت مراقبه السلطة) وهى قد تـٌـفـْقد الرؤية وظيفتها فعلا ، حتى كدت أقول ولو لنفسى: أن "قلتها أحسن"، لكن فى الوقت ذاته أتمنى أن يكون هذا الإلزام القانونى هو فتح باب لتنظيمها بما يرضى الله، ويحقق العدل، ويسمح للعواطف السليمة أن تصل للأصغر فى جو عاطفى أخلاقى إيمانى مسئول، وهذا لا يتحقق بالقانون وحده، وإن كان القانون قد يسمح بالفرصة لحدوثه من واقع طيبه المصريين، ودينهم الشعبى الجميل.

- ما رأيك في تفعيل "الحضانة المشتركة" من الناحية النفسية؟

فكرة جيدة، ولكن لابد أن يصل هذا المعنى الطيب أولاً للوالدين، وألا تكون استجابة أى منهما لمجرد الخوف من القانون، وإنما أرجو أن يحيى فيهم مثل هذا الإجراء الحرص على حسن تطبيق القانون، ليس على حساب العواطف الإنسانية النبيلة التلقائية.

- كيف يمهد الزوجان نبأ الطلاق لأبنائهما؟

يجب مشاركة الأطفال فى القرار، دون تشوية صورة أحد الأبوين، ما يساعد فى تخفيف الأضرار، وهذا أفضل من مفاجأتهم بانهيار الأسرة فجأة دون انذار أو تمهيد.

- ما هى الحالات التي يجب فيها تراجع الأبوين عن الطلاق وزواجهما مجددًا؟

عند إتاحة فرصة المراجعة الهادئة بعد إطفاء الحرائق الخلافية، وهذا عادة ما يحدث حين يتبين فيها الطرفان، أو أحد الأطراف مسئوليته عن حدوث الطلاق وقدرته على تجنب الأسباب، وأيضا يتبين مدى ضرر الأطفال من انهيار الأسرة، يا حبذا لو وجد وسيط طيب حكيم يساعد فى رأب الصدع، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل.

- هل ارتفاع نسبة الإناث المطلقات بنسبة 64.9% مقارنة الذكور بنسبة 35.1% له دلالة نفسية؟

تكشف تلك الإحصائيات أن يكون الرجال أقل مسئولية وأكثر أنانية، مع الوضع فى الاعتبار تعدد الزوجات أو الزيجات (عدد مرات الزواج).

- ما هى أبرز الفروق النفسية بين أبناء المطلقين من الريف والحضر؟

الطلاق فى الريف أقل تواتراً منه فى الحضر، كما يصلنى أن المطلقات فى الريف أكثر مسئولية وأقدر رعاية لأطفالهم بعد الطلاق ربما لوجودهم فيما يسمى "الأسرة الكبيرة".

- ما هى أبرز الفروق بين الأبناء الذين ينشئوا مع والدتهم فقط مقارنة بالذين يعيشون مع والدهم فقط؟

توجد اختلافات كثيرة ومتعددة، وتختلف وفقًا الطبقة الاجتماعية، والثقافة الفرعية والفروق الفردية، وبصفه عامة ومن منطلق خبرتى الشخصية فإن من يعيشون مع الأم المسئولة هم عادة لهم فرصة أكبر فى الاستمرار أسوياء من الذين يعيشون مع الأب اللهم إلا إذا وجدت مع الأب جدة جانيه، أو زوجة ثانية مسئولة طيبة.

- ما الأمراض النفسية التي تتسبب للأبناء الذين يسمعون كلام مسئ من الأب عن والدتهم أو العكس؟

هذا ليس موقفا مُمْرِضا فقط، بل إننى اعتبره موقفا غير أخلاقى قد يصل عندى إلى مستوى الجريمة، فليس لأى من الطرفين الحق فى تشويه الطرف الغائب، لأن صورة هذا الطرف تظل محفورة فى وعى الطفل أو المراهق بعد الانفصال، ولا تختفى بمجرد اختفائه جسدياً، وكأن الأم أو الأب الذى يقوم بذلك يلقى بماء النار داخل وعى طفله هذا يحرق هذه الكيان الذى هو فى عميق وعيه أو يشوهه بلا بديل، أما تحديد مرض نفسى نتيجة لذلك فهذا أمر صعب، لأن ما يترتب على مثل هذه الجريمة هو أي مرض نفسي محتمل وخطير فعلاً.

- كيف يمكن إعادة تأهيل أبناء المطلقين؟

تحدث تلك العملية بصورة تلقائية وعادة بمساعدة الأسرة الكبيرة، والأقرباء الأعقل، فالطفل والمراهق يمكن أن يمارس بنوته مع أي والد أو والدة كبديل يقدم له الرؤية والرعاية القدوة والإرشاد، أما المدة التى يحتاجونها لتمام سلامة، ذلك فهي تختلف حسب الظروف المتنوعة، وحسب مساحة حضور هذا الوالد البديل ومدى مسئوليته ووجوده في المتناول.