رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكاية "الست ملتزمة" مع جدران الوحدة بعد رحيل السند: "راحوا الحبايب"

كتب: سحر عزازي -

12:58 م | الأحد 26 أغسطس 2018

الست ملتزمة

داخل بيت تظنه مهجورًا، تجلس ملتزمة أحمد عبدالله، وسط مخلفات وحشرات وبقايا طعام تعفن، يتساقط سقفه عليها ببطء دون أن تشعر، ترافقها بعض الأدوات البسيطة التي تؤانس وحدتها بعد فراق زوجها ومن بعده خبر رحيل ولديها "عباس" و"عمار"، قرة عينيها التي فقدت الرؤية بإحداهما من شدة البكاء حتى هذه اللحظة ليتبقى لها بصيص نور ترى من خلاله.

تحكي السيدة التسعينية أن العيد يأتي عليها بلا رفيق أو حبيب يشاركها تلك اللحظة التي فقدت لذتها منذ غيابهم، وتحولت لذكرى مؤلمة تحاصرها في مكانها الضيق، تقول بكلمات تحمل مرارة وحزن شديد "كل الحبايب راحوا، مبقاش ليا حد يجيني"، توفى زوجها قبل 40 عامًا وتفرغت لتربية صغارها ووهب حياتها بأكملها لإسعادهم وتعويض غياب الأب حتى رحل الأكبر بعده بـ20 عامًا واكتملت صحيفة أحزانها بغياب الأصغر "ماتوا بس سابولي أحفاد من ريحتهم"، تعيش هنا بينما قرر الصغار الرجوع لمسقط رأسهم في الصعيد لاستكمال حياتهم، وترك الجدة بمفردها في المحروسة تنتظر دورها كي تلتقي بهم مجددًا "اللي مصبرني أني رايحالهم قريب".

تعيش في عالم منعزل عن الواقع، لا تهتم بمراسم العيد ولم تعد تنتظر سوى يوم وفاتها، تحصل على معاش 400 جنيه شهريًا، تنفق منه على طعامها الذي يقتصر على المكرونة فقط، رافضة تناول أي صنف آخر "مبقاش فيه أكل يلد عليا، كل مرار".

بمجرد ذكر أسماء أبنائها أمامها تنفجر في البكاء وكأنها طفل صغير يصرخ وراء أمه "شايلة القهر جوه بطني بدل الأكل"، حين تسألها عن زائريها، تجيب دون تردد "ربنا بيزروني أحسن من الكل"، ترفض العودة لسوهاج بلدها بسبب غياب كل أقاربها ولم يتبقى سوى الأحفاد التي لم تعرف ملامحهم "هروح لمين مبقاش فيه حد".

الكلمات الدالة