رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«طلاق القاصرات»: حكايات عن كابوس «الزواج المبكر»

كتب: دعاء الجندي -

12:01 م | الثلاثاء 31 يوليو 2018

صورة أرشيفية

«الفستان الأبيض والطرحة» حلم يراود الفتيات والأهل معاً، فرحة يعتبرها المصريون «ليلة العمر»، لكنها مع اقترانها بزواج القاصرات قد تتحول إلى كابوس مؤلم يدمر الحياة، تاركاً الفتاة حاملة لقباً قد يكون الأصعب فى ظل التقاليد المجتمعية، وهو «مطلقة».

سلط الضوء على القضية بشكل كبير تحذير الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل نحو 8 أشهر، حين قال خلال كلمته باحتفالية التعداد السكانى: «فوجئت بأن عدد المتزوجات فى سن 12 عاماً ليس بسيطاً.. بنت عندها 12 عاماً نحملها مسئولية زواج وبيت.. انتبهوا لأولادكم وبناتكم لأن ذلك يؤلمنى ويؤلم أى إنسان عنده ضمير حقيقى واهتمام بأبنائه وبناته».

تروى شيماء. م، من محافظة الدقهلية، أن أهلها زوجوها عرفياً، وهى ابنة الـ15 ربيعاً، لتنتقل وهى طفلة إلى منزل الزوجية وتبدأ حياتها برفقة زوجها صاحب الـ23 عاماً، فى منزل والديه.

عاشت «شيماء» جحيماً، من إهانة وضرب وسحل، لتستيقظ ذات مرة على اعتداء من والدة وشقيقة زوجها، وصل إلى حد إجهاضها فى المرة الأولى، دون تدخل زوجها الذى وصفته بأنه «معدوم الشخصية»، لتنتهى حياتها الزوجية فى سن الـ17 بعد إنجاب طفلتها الوحيدة «عبير».

تقول شيماء: «أبويا إدانى لأول واحد خبط على الباب.. كنت بتعلم وفى المدرسة وكنت شاطرة.. لكن أول عريس اتقدملى أبويا وافق.. وعندنا هنا إن البنت تتجوز دى حاجة كبيرة.. ولو البنت بقت 18 ولا 19 وما اتجوزتش، تبقى عنست»، وتضيف: «ماكنتش فاهمة حاجة، فرحت بالدبلة والفرح.. لما أبويا قالى فلان عايز يخطبك فرحت زى العيال كلهم، وشفته مرتين بس قبل الجواز وسط أهلى.. وبعد كده حضرنا الجهاز واتجوزت.. كنت عيلة مش فاهمة حاجة.. أول مرة ضربنى كانت يوم الصباحية.. وقعت منى كوباية راح نازل على وشى بالأقلام.. لما جت أمى قالت لى معلش متعصبيهوش إنتى كبرتى خلاص، حسيت وقتها إنى بموت.. عشت سنتين خدامة تحت رجله هو وأهله.. كل حاجة ضرب وشتيمة.. لحد ما حملت أول مرة وكنت بنضف البيت وأمه ندهت علىّ مسمعتهاش.. جت هى وبنتها ضربونى علقة موت لحد ما سقطت وجوزى ولا عمل حاجة.. وأبويا زعق شوية وسكت»، وتتابع: «بعد كده حملت تانى بعدها بفترة قصيرة.. ما كانش نفسى أخلف، كان نفسى أطلق بس النصيب.. حملت تانى وأبويا خاف إنى أموت، بقى كل شوية ييجى ياخدنى، قعدت شهور الحمل كلها عنده ورجعت بعد الولادة مرة واحدة، بس ضربونى تانى وهربت لبيت أبويا من الشباك.. وقلت له مش هرجع تانى ولو غصبتنى هموت نفسى»، وتتابع: «أمه قالت لى هقتلك بالسم إنتى وبنتك.. وشها فقر علينا.. خفت على نفسى وفضلت سنة بعد كده لا مطلقة ولا متجوزة.. قالى هنسيبك كده بيت وقف.. لحد ما أبويا رفع قضية إثبات زواج، وبعدها طلاق، واتحكم فيها، وكل ده مش بس عشان أطلق لكن عشان أثبت نسب بنتى، لأنه لما اتولدت مرضاش يكتبها باسمه، وقال مش بنتى.. ولحد دلوقت بنتى عندها 4 سنين أبوها ماشفهاش ولا مرة ولا بيصرف عليها.. بندم كل لما أشوف بنتى إنى اتجوزت صغيرة.. حرمت نفسى وبنتى من الحياة».

يمنع قانون الطفل، 126 لسنة 2008، زواج البنات أقل من 18 عاماً، باعتبارهن أطفالاً، مقارنة بسن الزواج القانونية فى الماضى، وهو 16 عاماً، الذى كان عموم المواطنين يقبلونه، وإن كان يعترض عليه نشطاء حقوق الإنسان، ومنظمات تعنى بحقوق المرأة والطفل، حتى صدر قانون 2008 تماشياً مع قرارات مؤتمر المرأة الذى عقد فى بكين عام 1995.

وظاهرة تزويج البنات أقل من 18 عاماً تنتشر فى الأرياف وفى بعض مناطق الحضر أيضاً، لأنه بسبب الموروث الاجتماعى والدينى يسود الاعتقاد بأن سن زواج البنت هى البلوغ.

وتذكر «نادية. ر»، الشابة صاحبة الـ20 عاماً، أنها تزوجت قبل نحو 4 سنوات من شاب عشرينى، واشترط عليه والدها أن تكمل تعليمها، حيث كانت حينها فى دبلوم التمريض، لكن ضغط أهل العريس جعل والدها يعجل بالزفاف، لتبدأ قصتها الحزينة.

تقول نادية إنها تزوجت ولم تكن تعلم أى شىء عن زوجها الذى كان يعمل سائقاً فى إحدى شركات النقل، لتفاجأ بعد ذلك بطباعه السيئة وتناوله لمخدر «الحشيش»، كما أنه كان يتغيب عن المنزل بالأيام دون أن يترك لها قوت يومها أو تعلم مكانه، وتضيف الشابة: «كنت بقعد أيام فى الشقة قافل علىّ بالمفتاح مبعرفش أخرج ولا أشوف أهلى، بنزلهم السبّت يدونى أكل زى المساجين وخلاص.. كتير والدى كلمه يسيب المفتاح لكنه كان بيرفض.. مرة رجع وكان شارب اتخانقت معاه ضربنى بالفازة، فتح لى دماغى 6 غرز.. بعدها مقدرتش أستحمل.. طلبت الطلاق بعد ما اتنازلت عن كل حاجة.. وخرجت من الجوازة بلقب مطلقة وبس.. لكن الحمد لله أنا كملت دراستى دلوقت ودخلت الجامعة وبنصح كل البنات.. إوعى تتجوزى صغيرة.. عيشى حياتك».

وكان مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء قد أصدر تقريراً، ضم إحصاء مثيراً حول نسب الطلاق فى مصر نهاية العام الماضى، ذكر أن حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق، وأن مجمل حالات الطلاق على مستوى اليوم الواحد تتجاوز 250 حالة، لا تتجاوز فيها بعض حالات الزواج أكثر من عدة ساعات بعد عقد القران، وتستمر أخرى إلى نحو ثلاث سنوات لا أكثر.

وبحسب نفس التقرير، فقد وصلت حالات «الخلع» عبر المحاكم أو الطلاق، خلال عام 2015، إلى أكثر من ربع مليون حالة انفصال؛ مسجلةً زيادة تقدر بـ89 ألف حالة عن العام السابق.

ذلك التطور الذى يهدد أركان مئات الألوف من الأسر والزيجات فى مصر، رصدته الأمم المتحدة فى إحصاءات، أكدت فيها أن نسب الطلاق ارتفعت فى مصر من 7% إلى 40% خلال نصف القرن الماضى، ليصل إجمالى المطلقات فى مصر إلى 4 ملايين مطلقة، وتؤكد الإحصاءات الرسمية أن المحاكم المصرية تداولت نحو 14 مليون قضية طلاق عام 2015، أطرافها 28 مليون شخص، أى نحو ربع تعداد سكان المجتمع المصرى، حيث تشهد محاكم «الأسرة» طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والراغبات فى اتخاذ القرار الصعب فى حياتهن، بلجوئهن إلى المحكمة المتخصصة فى الأحوال الشخصية.