رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"البنت القوية" رزق أم "شمال"؟.. فتيات على درب المسؤولية بعد غياب السند

كتب: إسراء صبحي -

07:20 م | الخميس 05 يوليو 2018

صورة تعبيرية

تخرج في كامل أناقتها مبكرًا، يد تحمل الهاتف لتتأكد من وصول زميلتها إلى العمل لتنيب عنها في "الشيفت" حتى لا يُقتطع جزء آخر من راتبها الهزيل، فقد تأخر صغيريها في الصحو بعدما قضيتا ليلة شابها مشاحنات مع طليقها بسبب مصروفات الدراسة، فيما أمسكت يدها الأخرى بيد طفليها اللذان يطالبنها باستقلال "تاكسي" حتى يتجنبا استكمال شجارهما مع زملائهما في طريق الوصول للمدرسة.

"لدي ولدان توأم، وانفصلت عن زوجي لأنه لا يتحمل المسؤولية"، هكذا شرحت هبة أحمد كيف تحولت لأب وأم معًا، استأجرت بيتًا بصحبة صغيريها، ولا تلق بالًا لما يقال عنها، فألسنة الجيران –حسب الأم- لا تكف عن القيل والقال، فهي امرأة شابة تخرج كل صباح ولا تعود إلا ليلًا "لا أعطي كلام الناس أي اهتمام لأنهم لم يعيشوا حياتي".

"دي ست شمال" جملة قالها جارها واخترقت أذن "الست هبة" كما يحب أن يطلق عليها معارفها، مضت في طريقها نحو باب شقتها دون أن تبالي، ففي انتظارها إعداد وجبة غذاء للطفلين وواجبات دراسية ومهمات لعملها عليها استكمالها "المرأة هي من تصنع الرجال، ويكفي أنهن قادرات على تربية أكثر من طفل بمفردها، لكن الرجل بمجرد انفصاله عن زوجته يبحث عن غيرها ليتزوجها بحجة تربية أولاده".

"دونا هوني"، سيدة في أواخر الثلاثينيات، استقلت عن أسرتها ماديا، تعيش حاليًا بمفردها، لا يمر يوم إلا واستمعت فيه لأقاويل عنها من الصحبة قبل الجيرة، ترى أن ذلك يعود لكونها استطاعت الاعتماد على ذاتها وتحقيق ما ترنو إليه في حياتها، تحكي عن سبب طرقها باب الاستقلال، "عانيت كثيرا من تسلط أسرتي، يعاملونني كأني قطعة من ممتلكاتهم، وكاني لست نفسًا بشرية.

تدافع "هوني" عن أحقية الفتيات في خوض رحلة الاستقلال عن أسرهن فتقول: "الناس اللي بتشوف البنت المستقلة إنها شمال، مش من حقهم يقولوا رأيهم فيا، عملتلي إيه الناس في معاناتي؟، أنا بشوف كلامهم من قيمة الأرض اللي بدوس عليها، لإن كل اللي بيعملوه كلام وتشنيع على البنات وتدخل في حياتهم في نفس الوقت اللي هما مش شايفين عيوبهم".

وتقتنع إيمان السيد، شابة عشرينية، أن الاستقلال الاجتماعي يتحقق بالاستقلال المادي، كما تؤمن أن عائلتها كانت ولا زالت تشجع فكرة استقلال البنت طالما أنها قادرة على اتخاذ قراراتها وناضجة، معبرة عن اعتزازها بتشجيع والدها لكل خطواتها في الحياة: "في البداية واجهت مشاكل بسبب استقلالي، وبعض الناس قالوا إني لا أحترم العادات والتقاليد، ووصل الأمر أنهم يعتقدون أني هاربة من شيء، لكنني أرى أن تصرفي صحيح ومقتنعة به، لأني في النهاية لا أخالف مبادئي".

"المجتمع الذي يصنف الناس على حسب شكلهم ويحكم على بنت أنها شمال لمجرد أنها مستقلة أو تعيش بمفردها أو مطلقة، يظلم البنت ويكشف عن انحدار في المستوى الأخلاقي"، هكذا بدأ محمد الغاوي، شاب في الثلاثين من عمره، الدفاع عن الفتيات المستقلات، مؤكدًا أنه لا يجوز إطلاق مثل هذه التعبيرات على أي فتاة مهما بدا من تصرفها أو شكلها "إذا كنا مصرين على وصف بعض البنات بالشمال فهناك شباب ممكن أن يُقال عنهم شمال نتيجة تصرفاتهم الخاطئة".

اتفق معه في الرأي عمر حاتم، في أوائل العشرينيات، قائلًا: "مصطلح البنت الشمال أطلقه الشباب الذين لديهم نقص، وكل شخص حر في تصرفاته، ولا يمكن أن نحكم على أحد من دون أن نعرف ظروفه جيدًا".

الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، قال إن "كل شخص يوصف آخر أو تصرف قام به يكون حسب الذي يحمله في داخله، ونسميها في علم النفس (الحتمية النفسية)، بمعنى إذا كان الشخص سيئا فيرى الناس من حوله كلهم سيئيين، وبالتالي وصف أي بنت بأنها شمال هو ظلم لها، وهي ألفاظ وتعبيرات جديده توضح الانحدار الثقافي في مجتمعنا"، مضيفًا "إذا كنا شعب متدين كما ندعي، فالرسول (ص) قال (ولا تزروا وازرةً وزر أخرى)، وبالتالي رفع الثقافة المهملة هو الذي سيحل كل مشاكلنا، وبنصح كل بنت أن تلتزم بالآداب العامة أمام الناس وتعيش حياتها ولا تلتفت للصغائر".

الكلمات الدالة