كثير من الفتيات والفتيان يمتنعن عن الزواج، بنسب متجاوزة ومختلفة عن الأسباب المتعارف عليها، فيبررن ذلك شعورهن بالخوف الزائد من طرح الفكرة، وصعوبة التآلف والتكيف مع الشريك في العلاقة الزوجية، وهو ما يعرف بـ"الربط" أي الخوف المرضي من الزواج، التقت "هن" عدد من الحالات.

تقول "رانيا محمود - 24 عامًا، ممثلة مسرح"، عن تقبلها لقب "عانس" في سبيل عدم الارتباط الخاطئ، قائلة: "معظم الفتيات تتملكها شعور الخوف من فكرة الانتقال إلى الحياة الجديدة والخوف من العلاقة الجنسية، فضلًا عن تضاعف مسؤولية الزوجة عن الطرف الآخر مراحل كثيرة، وأكثر ما تؤرقني في التفكير هي مرحلة الحمل، وعملية الإنجاب، فهي فكرة مرعبة بالنسبة لي".

أما "ميشيل المصري"، ثلاثيني متزوج: "يختلف الخوف الزائد من فكرة الزواج في محافظات الصعيد عن الوجه البحري، فيقع العريس في الصعيد تحت ضغط نفسي رهيب، وشعوره بالرعب حول فكرة الفشل الجنسي في الليلة الأولى، شاعرًا بالخجل لأنه مطالب بإثبات رجولته، لأسباب أهمها اهتمام الأهل والأصدقاء بشكل مبالغ فيه، وعند الفتيات فهن غارقات بالهواجس والتصورات المرعبة عن ليلة الدخلة، وسموها حكاوي الرعب والدم".          

على صعيد ذلك، يوضح الدكتور علي النبوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، الفرق بين المفهوم الشعبي والطبي لـ"الربط"؛ فيشير الأول إلى فشل العريس أو الزوج في الليلة الأولى مع ملاحظة وهو بعيد عن العروس سليم جنسيًا وجسديًا وليس يعاني من أمراض عضوية أو جنسية، ولذلك يتهم هذا الاضطراب الجنسي النفسي بتفسير الحسد وأعمال السحر ويطلق على العريس "مربوط"، ويلجأ البعض إلى المشايخ، وقراءة النصوص الدينية التماساً للعلاج.

وعند الانتقال إلى المعنى الطبي فنشير إليه دوليًاً، بأنه مرض نفسي يصيب الشخص وهو بعيد عن الزوجة فيعاني من الانتصاب الجنسي الكامل وشعوره بعدم القدرة على إقامة علاقة جنسية، في حين عند بداية بعض العلاقات يحدث الارتخاء التام، ويطلق عليه أيضًا "الضعف الجنسي"، يقابله اضطراب مشابه عن الفتيات يسمى "فاجينسماس"، ويعني الانقباض العضلي في الحوض والفخذين، يحدث نتيجة وجود اعتقادات شخصية لبعضهن بإن الجنس شىء مؤذي، وقلة حياء، ولذلك يخفن البعض لا شعورياً من ذلك.

ويستكمل، تكثر بمحافظات الصعيد ذهاب المريض إلى المعالج الطبي بعد فشل المعالج الشعبي، موضحًا بأن هناك عدد من الأبحاث التي توصفه بـ"قلق الإدخال"، ويحدث لا شعوريًا نتيجة خوف، والسبب في ذلك، "القصدية" أو "لازم تعمل" أي التأكيد على قدرة الشخص وقصده لفعل معين، وذلك التأكيد من قبل الآخر يصيب أي شخص بالتوتر العصبي وقد تؤدي بنتيجة عكسية.

يستكمل النبوي بإن فئة الشباب الأكثر عُرضة للمرض، في حين أن المثقفين الأقل شعور في الرغبة الجنسية فيقول: "كلما زادت ثقافة الشخص كلما قلت رغبته الجنسية"، لإن الجنس صفة من الصفات التي يمكن أن تستبدل بالهوايات، مثل فئة الحرفيين"، فهم أكثر رغبة من الذي يقرأ كتاب، أو يشغل اهتمامه بالآداب والعلوم والفنون؛ لإنه يجد ترفيه مشبع من نوع آخر، فهي فئة حولت طاقة الجنس إلى طاقة ثقافية وإبداعية.

وعن الأسباب النفسية، يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية: "هناك أسباب اقتصادية، أو السمع لحكايات الفشل السابقة، وكذلك وجود التناقضات والمعايير المزدوجة بالمجتمع"، حيث وجود ثقافة دينية ضد الجنس، أمام ثقافات أخرى معه.

ويستكمل صادق، وهي أمور ليست بالسهلة على التكيف المفاجىء كالزواج، ولذلك كثير من الشباب يلجأ إلى المهدئات والمخدرات، للعبور بذلك، وكل ذلك خاضع للعامل النفسي فقط، ويكمن العلاج الحقيقي في التأهيل النفسي لذلك، وأهمية الدور التعليمي والإعلامي بالتوعية الجنسية السليمة، تلك أمور يفتقرها الجو العام.