كتب: سامية الإبشيهي -
12:15 ص | الجمعة 21 مارس 2025
الصداع النصفي، أو كما يُعرف باسم «الشقيقة»، يُعدّ من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا وتأثيرًا على حياة المصابين به، فهو ليس مجرد صداع يمكن التخلص منه باستخدام المسكنات، بل هو حالة مرضية مزمنة قد تستمر نوباتها لعدة ساعات أو حتى أيام، وغالبًا ما يكون الألم نابضًا ومتمركزًا في أحد جانبي الرأس، ويصاحبه الغثيان، والحساسية الشديدة للضوء والصوت، والدوار، بحسبما صنفته منظمة الصحة العالمية.
المشكلة الحقيقية تكمن في تأثير الصداع النصفي على الحياة اليومية، إذ يجد المصاب صعوبة في أداء مهامه اليومية، سواء في العمل أو الدراسة، ويضطر أحيانًا إلى التوقف عن ممارسة أنشطته المعتادة حتى انتهاء النوبة.
ويمر الصداع النصفي بعدة مراحل، تبدأ بمرحلة «البوادر»، إذ يشعر المريض بتغيرات في المزاج، الشهية، أو مستوى الطاقة، ثم تأتي مرحلة «الهالة»، التي يعاني فيها البعض من اضطرابات بصرية، مثل رؤية وميض أو بقع ضوئية، أو الشعور بوخز وتنميل في الأطراف، وتليها مرحلة الألم الشديد، التي تستمر لفترات متفاوتة، تجعل المصاب غير قادر على تحمل الضوضاء أو الإضاءة القوية، وأخيرًا، تأتي مرحلة «ما بعد النوبة»، حيث يشعر المصاب بالإرهاق والتعب العام وكأن جسده قد استنزف بالكامل.
في تقرير سابق، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الصداع النصفي يعدّ أحد أكثر الاضطرابات العصبية انتشارًا، إذ يؤثر على حوالي 1.1 مليار شخص حول العالم، وأوضحت أن هذا المرض يمكن أن يكون من الأسباب الرئيسية للإعاقة، نظرًا لما يسببه من نوبات متكررة تعيق أداء المهام اليومية، وتؤثر على جودة الحياة.
كما أشارت المنظمة العالمية إلى أن النساء أكثر عُرضة للإصابة بالصداع النصفي مقارنة بالرجال، بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الدورة الشهرية، أو فترة الحمل، وأضاف التقرير أن المصابين بهذا النوع من الصداع يعانون من ضعف في التركيز، ما يؤثر على إنتاجيتهم في العمل والدراسة.
ومن جهتها، أكدت وزارة الصحة والسكان المصرية أن الصداع النصفي من أكثر المشكلات الصحية التي يتم الإبلاغ عنها في العيادات والمستشفيات، وأنه يؤثر على نسبة كبيرة من المصريين، لا سيما في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 50 عامًا.
وحذرت الوزارة من أن تجاهل أعراض الصداع النصفي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل الصداع المزمن أو حتى السكتات الدماغية في بعض الحالات النادرة، لذا، شددت على أهمية استشارة الطبيب في حال استمرار نوبات الصداع لفترات طويلة أو تكرارها بشكل ملحوظ.
كما أوضحت أن العلاج لا يقتصر على استخدام المسكنات، بل يتطلب تغيير نمط الحياة، من خلال تقليل التوتر، تحسين جودة النوم، وتجنب بعض الأطعمة التي قد تحفِّز حدوث النوبات، مثل الشوكولاتة، الكافيين، والأطعمة المالحة.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الصداع النصفي ينتج عن خلل في التوازن الكيميائي داخل الدماغ، خاصةً في مستوى السيروتونين، الذي يساعد في تنظيم الألم، وعند انخفاض مستوياته، يحدث تمدد في الأوعية الدموية داخل الدماغ، مما يؤدي إلى الشعور بالألم الشديد.
كما أكدت الدراسات أن العوامل الوراثية تُمثل دورًا كبيرًا في زيادة احتمالية الإصابة بالصداع النصفي، إذ أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة يكونون أكثر عُرضة للإصابة به.
ومن العوامل الأخرى التي قد تؤدي إلى تحفيز نوبات الصداع النصفي:
التوتر والضغط النفسي قلة النوم أو النوم غير المنتظم
التغيرات الهرمونية، خاصة لدى النساء
استهلاك بعض الأطعمة والمشروبات المحفزة للصداع
ينقسم علاج الصداع النصفي إلى نوعين:
- علاج خلال النوبة، ويتمثل في تناول الأدوية المسكنة التي تساعد في تقليل الألم، ولكن يُنصح باستخدامها تحت إشراف طبي لتجنب الإفراط في استخدامها.
- العلاج الوقائي، وهو يشمل الأدوية التي تقلل من معدل حدوث النوبات وشدتها، ما يساعد المريض على التمتع بحياة أكثر استقرارًا.
وإلى جانب العلاج الدوائي، أظهرت الدراسات أن اتباع أسلوب حياة صحي يمكن أن يقلل من تكرار نوبات الصداع النصفي، ومن بين هذه العادات:
الحصول على قسط كافٍ من النوم يوميًا
ممارسة الرياضة بانتظام، وخاصة تمارين الاسترخاء مثل اليوجا
تقليل مستويات التوتر والضغط العصبي
تجنب الأطعمة والمشروبات التي تحفز حدوث النوبات