كتب: دينا الجندي -
01:56 ص | السبت 20 يناير 2024
استطاعت «السوبر ماما» مريم إبراهيم، فتاة مدينة الزقازيق، البالغة من العمر 23 عامًا، إنشاء مشروعها الخاص من العدم، وظلت تكافح منذ الصغر حتى شبابها، دون يأس أو سخط على الحياة، إذ لم تتخل عن استكمال دراستها رغم الصعاب التي ألمتها، وتحدت بعزم وصبر دروب الدنيا التي لم تهبها النجاح بمعلقة ذهبية، بل اضطرت للتنازل عن الكثير مقابل النجاح الذي حققته في الدفاع عن كونها تستحق الطموح.
كانت «مريم» في العاشرة من عمرها، حين ذاقت طعم الفقد بموت والدها، لتتحمل والدتها من بعده أعباء الحياة، وظلت تُكافح من أجل توفير حياة كريمة لأبنائها، ورافقتها في رحلة الكفاح ابنتها، التي تخلت عن رفاهيتها كطفلة، حتى تعين الأم في الحفاظ على البيت، والعيش في ستر دون حاجة من أحد.
ورغم الظروف غير المستقرة لطفولة «مريم»، أصرت على إتمام تعليمها، حتى تخصصت بمجال التمريض، وعملت بتخصصها التعليمي في إحدى العيادات الخاصة.
تزوجت «مريم» وأنجبت ابنها الوحيد «إبراهيم»، وظنت أن الحياة بدأت منحها قليل من الاستقرار، ولكن عاكستها الظروف من جديد، لم تدم العلاقة الزوجية طويلًا، وانفصلت في هدوء، وكان عُمر رضيعها حينها أربعة أشهر، فأصبحت منفصلة مع نفقة بسيطة تكفي الاحتياجات الأساسية له، ومن هنا تزاحمت الأفكار في رأس مريم لتوفير لنفسها ووليدها حياة كريمة، تمكنهما من العيش بشكل لائق، وتعليم جيد، بعيدًا عما تعرضت له في طفولتها وشبابها، فهي في حياة الطفل «الأم والأب»، بحسب تعبيرها.
فكرة عابرة صادفت «مريم» أثناء تصفحها مواقع التواصل الاجتماعي، فهي البارعة في صناعة الحلويات الشرقية موهبة ورثتها عن والدتها، فكانت بيع ما تتقنه في عربة جذابة تحمل ألوان وأمل، جاء بها ووالدتها من الزقازيق إلى القاهرة، لاختيار مكان مناسب لإقامة مشروعها الوليد، ووضعت كل ما تملك من أموال هي في صناعة العربة وشراء أواني لوضع الحلويات وعرضها للبيع، في البداية كانت موارد المنزل هي رأس المال لحين نجاح المشروع، فبدأت تقريبًا من الصفر.
صبر «مريم» كان عنوان المواجهة مع ما حمله لها الشارع من ويلات، فكان لابد من أن تكون هادئة تتقبل المضايقات من الرجال والنساء على حد سواء، فبينما طاردها الذكور انتقدتها الإناث لأنها تقف وحيدة في الشارع، وهنا جاء دور العائلة في دعم مريم في لحظات ضعفها وحينما تأثرت بما يدور حولها، وكانت الأم مثل البوصلة التي توجهها من جديد نحو أهدافها لتربية الحفيد، ثم جاءت مشاركة الشقيقة الصغرى، لإعادة البسمة على وجهها من جديد.
طموح «مريم» لا حدود له رغم أن ما ربحته ليس ضخمًا، إلا أنها سعيدة للغاية به «أنا ببقى مبسوطة جدًا بالكام قرش اللي بروح بيهم وأجيب عشا ده ببقى في أسعد لحظات حياتي، و الحمد لله رضا ربنا كبير عليا»، وبعد نجاح تنفيذها لمشروع عربة الحلوى، لا تضع مريم ضمن خطتها فتح متجر خاص بها وحسب، بل تتطلع لتكوين سلسلة كاملة من عربات الحلوى بجميع المناطق والمحافظات في مصر.