رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

في ذكرى رحيله.. «سوزان» فرنسية رآها عميد الأدب العربي بقلبه وعشقها 60 عاما

كتب: آية أشرف -

09:00 ص | الجمعة 28 أكتوبر 2022

طه حسين وزوجته

60 عامًا من الحب والامتنان، وفيض وفير من الصور التذكارية التي وثقت الكثير عن حياتهما ولحظاتهما، وكتاب باليد يحمل العديد من الخبايا والأسرار، كشف قصة الحب بين طالب العلم الكفيف عميد الأدب العربي طه حسين والفتاة الفرنسية سوزان بريسو، التي أصبحت زوجته.

سوزان بريسو التي ولدت عام 1895، وعملت بالتدريس، عشقت طه حسين، الذي جاء لبلادها قادمًا من أحد الأقاليم، طالبًا للعلم قبل أن يصبح أحد أهم أعمدة منارة الفِكر والأدب بمصر والعالم العربي، أعجب بها وأحبها، فتعاطفت معه في البداية كونه شاب كفيف، مثلما قال عنها العميد في كتاباته، قبل أن تحب عقليته وقدراته، ليكلل هذا الحب بزيجة في 9 أغسطس 1917.

لاومت «سوزان»، طه حسين في حياته ومشواره على مدار 60 عامًا، ولم تفارقه في كل كبيرة أو صغيرة من يومه، ولم تتركه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، لتدون كل موقف جمعهما، وكل طباع اكتسبتها منه، وكشفت خباياه وأسراره خلف الورقة والقلم، في كتابها «معك»، الذي يروي حياتها التي امتدت لستة عقود مع العميد.

مقتطفات جمعت عميد الأدب العربي ونصفه الآخر، نسردها فيما يلي، في ذكرى رحيل طه حسين التي تصادف اليوم 28 أكتوبر.

لم يهمل طه حسين قط عيد ميلادها، ليس مجرد التذكير أو الاحتفال باليوم، بل اهتمامه بذوقها في الهدايا، فقالت «سوزان» في كتابها عن سؤاله لعيد ميلادها: «ماذا تفضِّلين أخيرًا؟ مجموعة من آنية المطبخ أم عقدًا ذا جوهرة؟، هكذا كان يعابثني في أحد أيام ميلادي، وكان يعرف أنني أحب أن أزيِّنَ البيت».

رومانسية طه حسين

موقف رومانسي عاشته سوزان بريسو في إيطاليا مع طه حسين، روته في كتابها، وهي تسرد: «لم يكن ثمة مجال للحديث عن العذوبة ليلةَ وصولنا إلى (بادو) وسط عاصفة مخيفة؛ كان أحدهم قد أوقَفَ سيارتَه بلطفٍ أمام باب الفندق، فتوقَّفَتْ سيارة الأجرة على بُعْد عدَّة أمتار من المدخل، وإني ما زلتُ أتساءلُ كيف استطعْتُ أن أجذبَ طه بسرعةٍ كافيةٍ وسط قرقعة الرعد، وتحت وابل المطر والبرد الذي كان يتساقط علينا، لم تكن المظلة تفيد شيئًا، ولم تكن لدينا الرغبة في أن نغنِّيَ (تحت نفس المظلة) كما كان طه يفعل في السنوات الأولى يومَ كنَّا نذهب للتنزُّه تحت وابلٍ من المطر، كنَّا نحتمي منه فعلًا تحت مظلة واحدة، مشدودين وأحدنا إلى الآخَر، مستنشقين بسعادةٍ الهواءَ المغسولَ وأريجَ الأرض المبلولة».

ماذا قال في أيامه الأخيرة؟

كلمات تشبه الاعترافات والحديث عن الطفولة والشباب، كانت آخر ما نطق به عميد الأدب العربي، إذ تحدثت سوزان بريسو عن زوجها ومعاملاته في أيامه الأخيرة في الكتاب، قائلة: «وكان في السنوات الأخيرة يقول بحزن (كنتُ أقلَّ الجميع اعتبارًا في نظر أسرتي، كنتُ مُهمَلًا، مُحتقَرًا.. ومع ذلك فإنْ كان لهم أن يفخروا.. أحيانًا) ولم يكن ليتمَّ جملته».

وكان يقول غالبًا: «لو تعلمين.. لو تعلمين.. كنتُ أعلمُ فيما أظن، وربما ليس كل شيء، ومع ذلك فهل تعتقد أنني لم أكن أعلم لماذا حزمتَ رسائلي أنتَ الذي لم تكن تستطيع قراءتها؟».

لازمت جثمانه وحدها

وصفت «بريسو» مشاعرها لحظة وفاة طه حسين، التي حركتها لتبقى وحدها بجانب جثمانه حتى الوداع لمثواه الآخير، قائلة: «بقيت مع جثمانه وحدي نصف ساعة كاملة، قلت لنفسي وأنا وحيدة معه، ابني لم يصل بعد، وابنتي ما زالت في الطريق من أمريكا إلى القاهرة، وهمست ألم نبدأ الحياة وحيدين، وها نحن الآن ننهيها وحيدين».

 وبعد 16 عامًا من وفاة عميد الأدب العربي، رحلت حبيبته وصديقته وزوجته وشريكة مشواره، سوزان بريسو، عن عمر ناهز 94 عاما، التي كان دومًا يخبرها أنه أعمى بدونها.