رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

فاقد الشيء يعطيه.. «سماح» من مصابة لداعمة لضحايا الحروق: «عشت معاناتهم»

كتب: محمد خاطر -

06:00 ص | الثلاثاء 12 أكتوبر 2021

سماح السيد محمد.. مصابة حروق

يعتقد الكثيرون أن فاقد الشيء لا يعطيه، لكن في المقابل يرى الآخرون أن فاقد الشيء، هو أكثر من يعطيه بين الجميع، لأنه الوحيد الذي تجرع من قبل مرارة فقدان هذا الشيء والحرمان منه، وحكاية «سماح»، التي تعرضت لحادث حريق قبل حوالي 20 عاما، أفقدها الثقة في نفسها بشكل كبير، دليل حي على صحة الاعتقاد الثاني، بعدما وهبت حياتها من حينها لدعم مصابات الحروق وبطلات مستشفى أهل مصر، لتمكنهن من مواجهة أي تنمر يتعرضن له، وفي نفس الوقت تكسبهن الثقة في أنفسهن من جديد، بعدما أفقدتهن حوادث الحروق التي تعرضن لها تلك الثقة، مثلما حدث معها في السابق، قبل أن تنجح في تخطي كل ذلك.

سماح السيد محمد، أم وزوجة، وحاصلة على دبلوم تجارة، فور تخرجها من مدرستها عام 97، وأثناء استعدادها لبدء حياتها الزوجية بعد شهور، تعرضت لحادث كاد أن يسبب لها العديد من الحروق بأنحاء متفرقة من جسدها، قبل أن تنجح في السيطرة على الأمر، أو كما خيل لها حينها، لتكشف بعد ذلك أن كف يدها بالكامل تتضرر بسبب هذا الحادث، بالإضافة إلى جزء من رقبتها، حسبما تحكي الأم والزوجة.

علاج إصابة الحريق بشكل خاطئ فاقم من المشكلة

وتكشف «سماح»، في حديثها مع «الوطن»، أن ما زاد الأمر سوء حينها كان تلقيها لعلاج خاطئ، كاد أن يسبب «غرغرينة» بكف يدها وهددها بالبتر، قبل أن تجد طبيبا يصلح ما أفسده ما سبقه.

وشفيت يداها بالفعل، لكن الجرح الذي خلفه هذا الحادث في نفسها لم يُشفَ، وظل معها على مدار السنوات الطويلة الفائتة مثل العلامة التي تركها الحريق على يديها، وما زالت تقاوم عوامل الزمن، وفق ما ترويه «سماح»، مضيفة: «الحادثة رغم أنها كانت حريق مش كبير وربنا ستر، بس من يومها ولسنوات طويلة فضلت فاقدة الثقة في نفسي، كنت طول الوقت خايفة من نظرات وتبريئه الناس لحرقي».

مصابة حروق: النسيان ساعدني في اكتساب الثقة بنفسي من جديد

ولأن السنين تمتلك سلاحا مهما يسمى النسيان، مرور السنوات على الحادث ساعد الأم على تخطي أزمة ثقتها في نفسها تلك، بل أصبحت تواجه نظرات المتنمرين وسخريتهم على يديها، بتنمر وسخرية ونظرات منها تجاههم: «كان لازم أعمل كدا، متعرفوش نظرة الناس وكلمتهم ممكن توجع ازاي».

وتضيف «سماح»: «عشان كدا، من وقتها وقررت دعم أي بنت مصابة بحروق بكل الأشكال الممكنة، اللي اقدر عليها، وبصور فيديوهات وصور كتير معاهم، عشان نتحامي في بعض ونتعلم نواجه العالم منستخباش منه».

مصابة حروق: المجتمع يتعامل بشكل قاسٍ معنا

وتشير «سماح»، إلى أن المجتمع يتعامل بشكل قاسٍ للغاية مع أي مصابة للحروق، مؤكدة أن غالبية الشركات ترفض حصولهن على أي وظيفة، لدرجة أن بعض مسؤولي التوظيف تلك الشركات يقولون لهن: «اقعدوا في البيت أفضل، شكلكم مينفعشي».

وتعرب الأم عن غضبها الشديد من ذلك: «ليه نقعد في البيت ليه نستخبي، ليه مش نعيش زي ما كل الناس عايشة، ليه المجتمع نفسه بدل ما يساعد ويدعم يبقى هو الجلاد»، كاشفة أن هؤلاء الفتيات والسيدات بطلات حقيقيات ويجب العمل على مساعدتهن وتوفير كل ما يحتاجهن لإعادة ثقتهن بأنفسهن من جديد.

بعد الحادث وجدت «سماح» الدعم من زوجها وحماتها

قبل الحادث، كانت الفتاة مخطوبة لزوجها الحالي، الذي أصر هو ووالدته على إتمام الزواج، ولم يشعرها في يوم من الأيام سواء هو ووالدته أنها فتاة ينقصها أي شيء عن فتاة أخرى سليمة، حسبما تؤكد الزوجة، موجهة الشكر والامتنان إلى زوجها وحماتها على موقفهما النبيل المغاير للكثير من المواقف التي رأتها طيلة رحلتها مع علاج حريق يديها، مع حالات فتيات أخرى تعرضن لحريق، وتسبب ذلك في ترك أزواجهن لهن وابتعاد كل الناس عنهن، قائلة في نهاية حديثها مع «الوطن»: «لكن ده بحمد ربنا لم يحدث معايا، ولقيت كل دعم من زوجي وحماتي، لدرجة أنها الراعي الرسمي للأكل بتاعنا أنا وجوزي وأولادي لفترات طويلة».