رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

يد يحبها الله ورسوله.. "ندى" تنحت في الصخر نهارا وترعى أسرتها ليلا

كتب: يسرا البسيوني -

11:53 م | السبت 12 ديسمبر 2020

ندى سرور

روّت لنا كتب الحديث والسيرة أن الصحابي الجليل معاذ بن جبل تشرفت يداه بتقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم لهما، وقال له "هذه يد يحبها الله ورسوله".

وجاء أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مدّ يده مسلمًا على معاذ بن جبل رضي الله عنه فلمس في يده خشونة، فسأله عن سببها فأخبره أنها من أثر العمل، فقبّلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: "هذه يد يحبها الله ورسوله ولا تمسها النار".

وفي السياق ذاته، وبأنامل ضاعت نعومتها تمسك بيدها "الصاروخ" لتقطيع الرخام، وحفر اللوحات على ألواح الحجر لتصنع منها وجهات البيوت ورخام المطابخ بكل دقة، تذهب يوميا بحثًا عن رزق بناتها الثلاث: "سلمى 13 عامًا بالصف الأول الإعدادي، سما بالصف الربع الابتدائي، وفريدة كي جي وان"،  بعد وفاة والدهن.

تروي ندى سرور صاحبة 34 عامًا، من البساتين، كيف عملت كمقاول للحجر الهاشمي، اللاند سكيب، ورخام المطابخ، بعد أن دفعتها عزة نفسها للنزول إلى سوق العمل لتوفير سبل المعيشة لبناتها بعد وفاة والدهن، حيث قامت جدة الأطفال بطردهم من المنزل: "جدة عيالي طلعتنا من البيت بعد وفاة زوجي، وقالتلي هو مات قبلي مش هيورث فيا وخدي عيالك وإمشي".

ذهبت "ندى" إلى منزل والدها للإقامة به مع بناتها، حيث نزل بجوارها وساعدها حتى تعرفت على مبادئ العمل في الحجر الهاشمي، وطريقة التعامل مع العملاء.

تقول ندى في حديثها لـ "الوطن"، إن الدافع وراء نزولها لسوق العمل عندما قام ابن خالها بإرسال مبلغ إليها من أموال الصدقة وهو ما رفضته تمامًا، وكان تلك الموقف هو الدافع الأساسي لإصرارها على الخروج للعمل: "أنا رفضت الفلوس وحلفت إن عمري ما هصرف على ولادي من أموال صدقة، ولازم أشتغل وأصرف عليهم من تعبي وأربيهم أحسن تربية".

وأضافت: "كان ممكن اعتمد على أهلي في تدبير نفقات بناتي، ولكن فضّلت استفيد مما علمني والدهم علشان يفضل هو سبب لمعيشتهم لأنه كان نعم الزوج والأب لبناته".

منذ عام تقريبًا، بدأت الأم عملها حيث تلقت أول طلب بعد تأسيسها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وأسمتها "رخام وحجر مهدي" نسبة لاسم زوجها، الذي عمل على تزيين معظم ميادين مصر قبل الثورة، بحسب كلامها: "أول شغل جالي كان رخامة مطبخ، ووافقت عليها ومتكبرتش، وكنت فرحانة بيها ونزلت عملتها".

لا تجد "ندى" مشكلة مع طبيعة العمل التي لا تناسبها بل سعيدة به وبما حققته فيه، والخبرة التي اكتسبتها فأصبحت قادرة على تحديد أنواع الحجر المناسب والخامات، والأسعار: "بقيت أنزل أعاين الشغل بنفسي وأقدر تكلفته المبدئية".

تحملت العديد من الخسائر في بداية عملها حيث تعرضت لموقف عندما تسلمت فيلا لتشطيبها وقامت بتدبير المصاريف لإنجاز العمل بها، قبل أن تدفع العميلة عربون أو حساب الشغل: "بعت غويشتي الدهب وبدأت شغل في الفيلا وجت العملية خلتني فكيت الشغل كله وخسرت فيه كتير، ودا علمني إني مبدأش شغل غير أما استلم حسابه".

تعود الأم من عملها في الخامسة مساءً، لتقوم بتحضير الطعام بصحبة أطفالها، ثم تبدأ معهن رحلة المذاكرة التي عادة ما تكون من الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة العاشرة مساءً: "بخصص ساعة لكل بنت وبقعد معاهم أشوف خدوا إيه ونذاكر ونلعب سوا لحد ما يناموا".

ووجهت "ندى" الشكر لوالدها الذي ساندها على مدار عام، وكان يذهب معها لأماكن العمل مع توجيه النصائح لها وأسلوب التعامل مع عملائها، وطريقة اللعب بالأحجار وصنع اللوحات منها.