رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكايات مرعبة ووجع محفور.. "طاهر" يوثق حنين فتيات لحضن آبائهن بمبادرة إنسانية

كتب: آية المليجى -

06:04 م | الأحد 21 يونيو 2020

مبادرة هل حضنت ابنتك اليوم

عشرات من القصص عبرت عن العلاقات الهشة بين الأب وابنته، وغيرها من الحكايات المؤلمة عن الأذى النفسي الذي لحق بفتيات من معاملة آبائهن القاسية، فعلى مدار سنوات متتالية اعتاد محمد طاهر، سماعها، تشكلت بداخله أفكار أراد أن تصبح اليد الحانية على فتيات افتقدن مشاعر الأبوة، ليخرج بمبادرته "هل حضنت ابنتك اليوم". 

على مدار أربع سنوات متتالية، اعتاد "طاهر" وضع الهاشتاج الذي يحمل اسم مبادرته عبر حسابه على فيسبوك، فعلى العالم الافتراضي، حيث بدأ الرجل الثلاثيني، في تكرار رسالته، لينتقل بها إلى أرض الواقع ورسم الجرافيتي على جدران شوارع وميادين تحمل عنوان مبادرته "هل حضنت ابنتك اليوم"، لعلها تكون سببًا في عودة ابنة لحضن والدها، أو ربما يعيد رجل تفكيره في معاملته مع أبنائه.

"في بنات عطشانة للمحبة والحضن من آبائهم.. ومش لاقيينه في بيوتهم".. هكذا عبر "طاهر" في حديثه لـ"هن"، عن تجارب فتيات وقعن في علاقات خاطئة بسبب الحرمان من عاطفة الأبوة: "البنت لما تكون محرومة عاطفيًا من البيت ممكن تقع في علاقات مؤذية كتير.. عكس البنت المتشبعة بالحنان خاصة من أبوها".

عشرات من القصص والحكايات الإنسانية اعتاد "طاهر" تلقيها من فتيات ربما اخترن أسماء مستعارة وفي أحيان أخرى، تحدثت أخريات بهويتهن الحقيقية، ليكشفن عن وجه "مرعب" من قساوة اعتدن عليها من آبائهن، فالمبادرة لم تعد تتوقف عن المناداة بالحضن: "في حكايات كتير مرعبة مش بس صعبة". 

أب ضرب طفلته بالجنزير عشان كلمت زميلها.. وآخر حرم ابنته من كلية أحبتها

تنوعت أشكال القسوة التي سمعها "طاهر" في حكايات تلقاها: "البنت اللي عندها 13 سنة وأبوها ضربها بالجنزير عشان كانت بتكلم ولد زميلها وقرر إنه يحبسها في البيت شهر، والأب اللي حرم بنته تدخل الكلية اللي بتحبها من غير مبرر ولما فشلت ضربها وحرمها من المصروف، والبنت اللي باباها أجبرها تروح معاه وهو رايح يتجوز ولما حس إنها مضايقة ضربها" وغيرها من حكايات ملئت بوجع محفور في قلب فتيات. 

لم يتوقف "طاهر" عند سماع الحكايات، حاول طرق الأبواب والحديث مع الآباء، لكنها كانت الخطوة الأصعب، فمجرد أن يكشف "طاهر" للفتاة المعنفة عن اقتراحه بالحديث مع والدها، تتسارع في الإجابة بالرفض: "في بنات كتير جدًا بتبقى مرعوبة من رد فعل والدها.. الموضوع مش سهل".

وفي وجه آخر، جاءت حكايات فتيات أقل حدة في افتقاد مشاعر الأبوة، ومن هنا تمكن "طاهر" من الحديث مع آبائهن: "في حالات عرفت أكلم الأب فعلًا وشرحت له احتياجات ابنته الأساسية.. استوعبها، وطبطب عليها، واحضنها، وقرب منها، وخليك صديقها.. كتير من الآباء معندهمش الوعي أصلا يتعامل إزاي مع ابنه أو بنته.. هو أتربى على القسوة والإهمال، وبالتالي بيربي أولاده بنفس الطريقة".

فتيات كسرن حاجز الصمت مع آبائهن

وفي وسط الحكايات الموجعة ووقوف "طاهر" مكتوف الأيدي، أتت المبادرة بثمارها مع فتيات كسرن حاجز الصمت مع آبائهن، ليتذوقن حنانه وتدور بينهما الأحاديث والذكريات: "من قصة البنت اللي عملت أكاونت فيك (حساب على مواقع التواصل بمعلومات غير حقيقية) وبتبعت لباباها كل يوم جملة هل حضنت ابنتك اليوم.. لغاية ما فعلا استجاب وجمعها هي وأخواتها وحضنهم، وعن الشاب اللي فضل يتابع المبادرة وأول ما اتجوز وخلف بنت بقى يحضنها كل يوم.. والأب اللي بطل يزعق لبنته".

"طاهر": حضن الأب لبنته بيصلب طولها

"حضن الأب لبنته بيحميها، بيحسسها بالتقدير، الأمان، المحبة، القبول، الارتواء، الاكتفاء.. وبيصلب طولها، ويطمنها، ويحسسها إنها شبعانة، مش متلهفة لكلمة من حد أو اهتمام.. مش أي حد يملى عينها ويرضي طموحها في شريك حياتها، أو يستميلها عاطفيا.. بيفرحها، ويداوي جروح روحها، ويسندها".. هذه هي القناعات التي يؤمن بها "طاهر" ويسعى لتحقيقها ومداواة جروح من حرمت من حضن والدها. 

"إيناس": بقيت أحضن بابا وأتكلم معاه أكتر

إيناس أحمد، فتاة عشرينية، اعتادت متابعة مبادرة "طاهر" لفترة طويلة، لتصبح من المستفيدين بها، فرغم العلاقة الجيدة التي تربطها بأسرتها، لكن ثمار المبادرة أتت بالمزيد.

"إيناس" هي الابنة الوحيدة، فليس لها من الأخوة سوى شقيقين، لكنها تحدثت مع أسرتها بشأن المبادرة، لتتحول لغة الحوار بينها وبين والدها بعنوان المبادرة: "لما بيكون عاوز ياكل.. يقولي هل أكلت مع ابنتك حاجة اليوم.. هل تحدثت مع ابنتك اليوم".

استفادة الفتاة العشرينية لم تتوقف عند ذلك، فمن بعد المبادرة بدأت تنعم بحضن والدتها ووالدها: "أنا علاقتي بيهم كويسة جدًا من قبل المبادرة، لكن يمكن مكناش بنحضن بعض ودلوقتي بقيت أحضن ماما وبابا وبقيت أتكلم معاه كتير حتى لو في حاجات تافهة".

بعد 20 عامًا.. "شيرين" تقابل والدها بفضل مبادرة "طاهر"

 قبل ما يزيد عن 20 عامًا، انفصل والد "شيرين" (اسم مستعار) عن والدتها، قرر الزواج من أخرى والابتعاد عن ابنته، حرمت من حضنه واشتاقت لوجوده في تفاصيل حياتها، لكنه اختار البعد عنها.

حاولت الفتاة العشرينية الحديث مع والدها، لكن الأمر لم يأتي بما رغبت فيه، ظلت الأمور هكذا حتى وقعت أعين "شيرين" على مبادرة "طاهر" لمست الفكرة قلبها، وبدأت في نشر عنوان المبادرة عبر حسابها على فيسبوك.

استمرت الابنة في نشر المبادرة، حتى لاحظها والدها، في البداية استخف بالأمر ولم يعر اهتمامًا لما تنشره ابنته، لكنها ظلت في طريقها، حتى حدثت المعجزة، فاتصال هاتفي تلقته الفتاة العشرينية من والدها حاول في البداية الاستفسار عن واقع الحضن في حياة الابنة: "فضل يسألني يقولي هو للدرجة دي الحضن بيفرق.. قولتله أيوة".

اتفاق على مقابلة أمر لم تتوقع "شيرين" حدوثه، أن يرغب والدها في الجلوس معها: "مكنتش متوقعة.. فرحت أن في تغيير معاه وأن بدأنا نتقابل حتى لو على فترات بعيدة".

ولكن، ما أسعد الفتاة العشرينية لحدوثه لم يدم طويلًا، فالأب عاد لما كان عليه، ليقرر الابتعاد عن ابنته من جديد: "للأسف مكملش ورجع تاني ميسألش عني.. حاولت تاني معاه بس مكنش في استجابة.. وبقالي فترة مبحطش الهاشتاج".