رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكاية هنادي مع كورونا.. مصرية بالصين تروي تجربة الانتصار على الفيروس

كتب: ندى نور -

05:12 م | الأربعاء 15 أبريل 2020

هنادي عويس تروى تجربة الصين للقضاء على كورونا

عايشت تجربة الصين في احتوائها لانتشار فيروس كورونا المسجد، وإدارة الأزمة بطريقة صحيحة حتى استطاعت التخلص من الفيروس اللعين الذي حاصر البلاد.

تروى المصرية هنادي عويس محمد علي، التي تخرجت من جامعة عين شمس بكلية الألسن بقسم اللغة الصينية، ثم أتت إلى الصين منذ خمس سنوات، فتقول "أنهيت العام الماضي دراسة الماجستير بقسم الفلسفة بكلية العلوم السياسية والقانون بجامعة نينغشيا بالصين، وتعرفت على أساليب إدارة الصين لأزمة مواجهة فيروس كورونا وإمكانية الاستفادة منها في مصر للخروج من الأزمة".

هنادي: وعي المواطنين وشعورهم بالأزمة ساعد في القضاء على الفيروس

تقول "هنادي"، إن وعي المواطنين بضرورة تحمل المسؤولية، كان أول طريق الخروج من الأزمة والقضاء على فيروس كورونا في الصين، عندما طُبق الحجر الصحي على مدينة "ووهان"، ولم يكن قد طُبق على جميع أنحاء الصين بعد، انقسم الصينيون إلى فريقين، فريق منهم التزم بالعزل المنزلي وتعليماته، حيث حرص الكثيرون عدم المشاركة في تجمعات العيد وإلغاء تذاكر سفرهم وخططهم السياحية التي كانوا ينوون تنفيذها أثناء العيد من رحلات داخل أو خارج الصين، والفريق الآخر من  سافر بالفعل وأصبح في منتصف طريق العودة لاسرته.

وإما من لم يلتزم بالتعليمات على غير وعيّ، وكان من الصعب عليه التخلي عن عاداته وتقاليده في زيارة أهله، وفي هذه المرحلة الفاصلة تحرك جزء من الفريق الأول لتوعية الفريق الثاني الذي لم يشعر بعد بخطورة الموقف، فقام الكثير من سكان القرى والمراكز بإغلاق الطرق السريعة التي تربط القرى بالمدن بلجان شعبية حتى أن بعض الأهالي قد وضعوا سيارات نقل مملوكة لهم بعرض الشارع ولجأ البعض لبناء مطبات رملية عالية لا تتمكن السيارات من عبورها، وكانت اللجان الشعبية تنصح العائدين من المدن ألا يدخلوا إلى أقرانهم حتى لا ينشروا المرض.

الدولة الصينية راهنت على شعبها في التصدي للأزمة

كان رهان لابد أن تفوز به الصين، كما تقول "هنادي"،: "لم تراهن الصين على وعي الشعب أكثر من ذلك، إذ أن تعداد الصين أكثر من مليار وثلاثمائة مليون نسمة، فإن لم يلتزم منهم 10% فقط، فهو كفيل أن يهدد بحدوث كارثة لن تتحملها الدولة، لذلك اتبعت الدولة بعض الإجراءات للقضاء على الفيروس، وفق حديثها لـ "الوطن".

كانت بداية الإجراءات التي اتخذتها الدولة تعقب سكان مدينة ووهان الذين خرجوا منها أثناء بداية انتشار الفيروس، حيث ناشدت الدولة كل من خرجوا من المقاطعة أن يعزلوا أنفسهم في بيوتهم مدة لا تقل عن أسبوعين، وأن يبلغوا وزارة الصحة أو أي مستشفى حكومية مجاورة مباشرة في حالة شعورهم بأي أعراض للإصابة بالفيروس، وقد تتبعت وزارة الصحة بيانات العائدين من ووهان واتصلت بهم بالاسم للسؤال عن حالتهم الصحية وكانت المصالح الحكومية والشركات الخاصة تطلب من موظفيها كتابة تقرير يومي كل صباح عن حالتهم الصحية، وكتابة تعهد أنهم لم يخالطوا أي أحد قادم من ووهان، وكانت تطلب منهم الإبلاغ الصحيح عن البيانات وإلا تعرضوا للمسائلة القانونية، كما طلبت من المواطنين الإبلاغ عن أى مصاب بالفيروس يخفي هويته أو أعراض مرضه.

لم يقتصر الإغلاق على المجال الجوي الصيني أو مدينة ووهان فقط، بل إغلاق جميع المقاطعات كل على حدا،  وفصل المدن داخل كل مقاطعة عن بعضها البعض، المراكز والقرى داخل كل مدينة عن بعضها البعض حتى وصل ذلك إلى فصل الأحياء والمجمعات السكنية بعضها البعض.

تابعت "هنادي" لـ "الوطن": "تتميز جميع العمارات السكنية في المدن الصينية أنها موجودة داخل مجمعات سكنية لها سور وأبواب ولا توجد أي عمارات سكنية منفصلة متفرقة في الشوارع فمكّن ذلك الحكومة السيطرة على جميع المواطنين عن طريق لجان إدارية مكونة من موظفين حكوميين ومتطوعين على مداخل جميع المجمعات السكنية بالإضافة إلى المقاطعات والمدن والقرى، كان دور هذه اللجان هو منع المواطنين من الخروج من منازلهم ومنع أي زائر من الدخول، وقياس درجة حرارة السكان، وتسجيل بياناتهم، ويُمنع من الدخول أو الخروج أي أحد لايضع الكمامة، وكان بجوار كل لجنة إدارية خيمة تحمي الموظفين من برد الشتاء ويتم عزل الحالات المشكوك في إصابتها بالخيمة حتى تأتي سيارات إسعاف خاصة ترسلهم إلى المستشفى لتلقي الفحوصات اللازمة، وكاتن توضع أمام أبواب المجمعات السكنية حصيرتان طويلتان يصل طولهما إلى ثلاثة أمتار من الخوص على الأرض وهي تفيد في التعقيم، إذ يُرش عليها المعقم عدة مرات يوميًا لتقوم بتنظيف أحذية السكان وسياراتهم عند دخولهم إلى المجمعات السكنية".

وكان تطبيق هذا النظام الإداري على المجمعات السكنية والعمارات يستدعي إصدار بطاقة دخول وخروج مثل الكارنيه لكل عائلة بطاقة واحدة يسمح كل يومين لفرد واحد من العائلة الخروج، ومكتوب على تلك البطاقة رقم البطاقة الشخصية لرب الأسرة والذي سيتولى شراء المستلزمات عن الأسرة كلها، مضيفة "كانت اللجنة تمنع خروج الأطفال منعًا باتا، وهذه البطاقة حلت محل البطاقة الشخصية إذ لا يسمح لأي زائر غريب من غير الساكنين بدخول المجمع السكني، كما كانت هذه اللجان الادارية معنية بطَرق أبواب جميع الشقق السكنية شقة شقة في كل مجمع سكني والاطلاع على بطاقة المواطنين الشخصية للتأكد من أنهم من غير ساكني مدينة ووهان، وقياس درجة حرارتهم والتأكد من حالتهم الصحية وتسجيل بيانات الساكنين في سجلاتهم، وكانت هذه اللجان تدخل هذه البيانات على قاعدة بيانات إلكترونية حتى تم الاستغناء عن البطاقة الورقية وأصبحت بطاقة إلكترونية يسجل الشخص بياناته على برنامج الوقاية من العدوى يقوم بتحميله على الهاتف، وبعد تسجيل بياناته على هذا البرنامج في كل مرة دخول أو خروج من بوابة المجمع السكني يظهر له كود رقمي يتطلع عليه موظفي اللجنة الإدارية فيسمح له بالدخول".

ولم تختلف إجراءات الحجر الصحي للمخالطين بالمصابين، بحسب "هنادي"، "كانت قاعدة البيانات الإلكترونية واللجان الإدارية على بوابات المجمعات السكنية والأماكن العامة مفيدة في تعقب الحالات ومخالطيها، فعندما كان يثبت إصابة أحد المواطنين بالفيروس كان يتم البحث عن بيانات مخالطيه في الأماكن التي ذهب إليها ويتم إحضارهم جميعًا ليتم عزل المخالطين للحالة المصابة في الأماكن المخصصة للحجر الصحي، وإن لم تظهر عليهم أي أعراض للإصابة بالفيروس، وقد يصل المخالطون لكل حالة إلى أكثر من أربعين فردًا، وكانت أماكن الحجر الصحي هي الفنادق أو المستشفيات الخاصة، وكان يخضع من في الحجر إلى اختبار الإصابة بالفيروس وفي حالة ظهور حالات إيجابية يتم نقلها لمستشفيات العلاج المنفصلة عن مستشفيات الحجر".

وتؤكد الطالبة أنه في حالة التأكد من عدم إصابتهم يتم إعادتهم إلى منازلهم بعد أسبوعين، وقد كانت قاعدة البيانات مفيدة في اتخاذ تلك الإجراءات، إذ كانت تساعدهم على البحث عن بيانات المخالطين للمصابين وزويهم وجيرانهم والتعرف عليهم وتطبيق الحجر الصحي عليهم جميعًا للتأكد من سلامتهم.

استمر الحظر الكلي في الصين حوالي شهرين، صرفت فيه الدولة للموظفين الحكوميين مرتباتهم كاملة، وكلفت القطاع الخاص أن يصرف مرتبات العمال كاملة، ولكن منهم من صرف نسبة من المرتب ومنهم من تحايل ولم يصرف المرتبات.

الصين تغلق جميع المؤسسات والشركات

قامت الصين بإغلاق جميع المؤسسات والشركات واستجاب جميع رجال الأعمال وأصحاب الشركات لهذا القرار دون نقاش، وتضمن ذلك إغلاق المواصلات العامة بجميع أنواعها وجميع دور العبادة والمطاعم والأماكن الترفيهية وجميع شركات القطاع الخاص وشركات الإنتاج الإعلامي بكل أنواعها، وكانت الاستثناءات الوحيدة لمحلات البقالة والسوبر ماركت والصيدليات فقط، وقد كان أمام تلك الأماكن لجان إدارية أيضًا تقوم بنفس مهام اللجان الإدارية التي بجوار المجمعات السكنية، وبجوار تلك اللجان الإدارية كاميرا رقمية لها شاشة تظهر الداخلين وتتعرف عليهم وتظهر درجة حرارتهم.

لم تتوقف الصيدليات عن العمل يومًا واحدًا، فكان لزامًا تأمين العاملين بالصيدليات التأمين الكافي، فكانوا يضعون مكتبًا أمام باب الصيدلية يمنع الزبائن من الدخول داخل الصيدلية نفسها بل تقف الزبائن خارج الصيدلية في طابور متباعد فوق العلامات المرسومة على الأرض، وكان موجودا أمام الباب حصيرة طويلة تُرش عليها المطهرات كلما جاء أي مشتري، كما كان على العاملين بالصيدلية تسجيل جميع بيانات المشترين وقياس درجة حرارة كل منهم.

العلماء والأطباء يتصدرون المشهد الإعلامي للتوعية بخطورة الفيروس

 كان العلماء والأطباء هم من يتصدرون المشهد الاعلامي في الصين، بحسب "هنادي"، وكان هناك مصدرًا إعلاميًا واحدًا تابع لوزارة الصحة هو الذي يتحمل مسؤولية توعية الشعب ونصحهم باتباع أساليب الوقاية ويوضح لهم الخطوات اللازم اتباعها عند ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، وأرقام هواتف مستشفيات العلاج والحجر الصحي التي يمكن التوجه إليها في كل منطقة، ويحدث بيانات أعداد الإصابات في كل مقاطعة، كما طبعت كتيبات للتوعية وقامت اللجان الإدارية بتوزيعها على المواطنين وسجل الأطباء مقاطع تلفيزيونية للتوعية كان يتم بثها في جميع قنوات التلفزيون المحلي في الميادين العامة والمؤسسات و في الإذاعات الداخلية للأماكن العامة، ومكبرات الصوت المنتشرة بجميع الشوارع والميادين، كما كانت تشغلها اللجان الإدارية على أبواب المناطق السكنية، فإن خرجت في أي شارع أو ميدان تستطيع سماع النصائح الطبية للوقاية من الفيروس، وكانت تلك طريقة فعالة في توعية الشعب بجميع طبقاته.

رفعت الصين بعد السيطرة على انتشار الفيروس، الحظر تدريجيا، قامت المقاطعات التي وصلت إلى الصفر أي خلو المقاطعة من حالات إصابة جديدة، وأن جميع الإصابات في المستشفيات قد خرجت بعد علاجها، لمدة أسبوعين على الأقل بالرفع التدريجي للحظر الكلي وبدأ ذلك بعودة موظفي الحكومة إلى أعمالهم وعودة القطاع الخاص فيما عدا أماكن الترفيه وشركات الإنتاج السينمائي والإعلامي والمطاعم والأماكن الترفيهية، وعودة وسائل المواصلات إلى العمل وكذلك عودة المدارس الثانوية أولًا قبل أي من المراحل التعليمية المختلفة، ولكن تبع ذلك إجراءات وقائية غاية في الصرامة لارتداء الكمامات في الأماكن العامة والمواصلات العامة وقد نُقلت اللجان الادارية التي كانت تقف امام المجمعات السكنية وتم وضعها أمام كل مصلحة وشركة ومكان عام ومحطات المواصلات العامة، وكانت تلك اللجان مجهزة بكاميرات لقياس درجة الحرارة وكان دورها هو القيام بتسجيل بيانات اسم كل عامل أو موظف على منصة البيانات الإلكترونية، وكل صباح يقف العمال في طوابير متباعدة لقياس حراراتهم وتسجيل بياناتهم.

هنادي: اتبعت بعض الإجراءات للوقاية من الفيروس منها ارتداء الكمامة والجوانتي

اتبعت "هنادي" بعض الإجراءات للوقاية من الفيروس منها، "الخروج لشراء الخضار لازم يبقي بنظام، مرتين في الأسبوع بالكتير جدا، ارتداء الكمامة والجوانتي بطريقة صحيحة، بروح سوبر ماركت صغير، لما برجع بضع الحذاء برة البيت أو جمب الباب، بغسل إيدي كويس جدا".

ولخصت "هنادي"، أسلوب الصين في إدارة أزمة التصدي للفيروس كالآتي:

الاكتشاف المبكر والعلاج المبكر للمصابين، الحجر الصحي لجميع المخالطين للحالات وإن لم تظهر عليهم أي من الأعراض، حماية الأطباء والممرضين والاعتناء بهم وتوفير أدوات الوقاية لهم من كمامات طبية، وتوفير مساكن لهم وطعام وشراب.

توفير أساليب الوقاية للموظفين والعمال بالقطاع الحكومي والخاص وتسجيل بياناتهم.

سن قوانين وقائية صارمة تلزم الأفراد لتنفيذها.

الاهتمام بالتوعية بأساليب الوقاية، والتوعية الموحدة وتقديم برامج اعلامية علمية وطبية مسؤولة عبر وسائل الإعلام المختلفة واستخدام مكبرات صوتية في جميع المحافظات والقرى والشوارع لتوعية جميع طبقات الشعب.