رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"منة" حاربت السرطان مرتين: "كنت بجمع شعري اللي بيقع وأعيط جنبه"

كتب: سارة صلاح -

08:52 ص | الإثنين 23 ديسمبر 2019

منة محاربة السرطان

إعلانات مستشفى «57357» المنتشرة بالتلفزيون، الحديث عن المرض "الوحش" كما يعرفه البعض، تلك الأمور التي نصادف رؤياها والحديث عنها يوميًا، لم تتخيل «منة الله مصطفى»، 16 عاماً، من أسوان، إنها ستقترن بها في يوم من الأيام، أو تكون واحدة من أبناء المستشفى لتبدأ رحلة علاج طويلة وقاسية مع السرطان. 

 فقبل 5 سنوات من الآن، لاحظت "منة" ظهور كتلة صغيرة بحجم اللوزة برقبتها، لتخبر والدتها التى توجهت على الفور لطبيب نصحها بإجراء عملية لإزالتها والحصول على عيّنة منها لفحصها.

خوف والدتها عليها، حيث كانت الطفلة تدرس حينها بالصف السادس الابتدائى، دفعها للذهاب إلى أكثر من طبيب، على أمل أن يكون لها علاج بدلاً من التدخل الجراحى، لكن بعدما أكدوا لها جميعهم أهمية العملية، اضطرت للخضوع لإجرائها، لتكتشف إصابتها بالورم الخبيث.

«مكنتش فاهمة وقتها كلام الدكتور، بس لما شفت الدموع فى عيون والدى ووالدتى عرفت إن اللى عندى حاجة مش سهلة»، هكذا تحدثت «منة» عن اللحظات الأولى التى عاشتها بعد علمها بمرضها، حيث توجهت بعد حصولها على نتيجة العيّنة لمستشفى الشرطة، الذى حولها فوراً إلى مستشفى 57357 لتبدأ به رحلة علاجها، قائلة: «بعد ما المستشفى تأكد إنى مأخدتش أى علاج للورم، حجزونى فيه لمدة أسبوع عملت فيهم أشعة وتحاليل كتير، وأول ما نتيجتهم ظهرت حددوا لى مواعيد جلسات الكيماوى».

 12 جرعة كيماوي، خضعت لهما "منة" على مدار 6 أشهر متواصلة بمعدل جلستين كل شهر، مدة كل منها 8 ساعات، ورغم الآلام التى كانت تشعر بها كلما جرى الكيماوي في عروقها، كانت تعيش على أمل أن تصبح تلك الجلسة هي الأخيرة وأنها ستعلن انتصارها عليه، لكن نتيجة التحاليل التى أجرتها بعدما انتهت من جرعات الكيماوى المحددة لها جاءت مخيبة لآمالها، حيث فوجئت بانتشاره فى أجزاء أخرى من جسدها، ما اضطرها للخضوع للعلاج الإشعاعى. 

متابعة خلال حديثها لـ "الوطن": «أخدت راحة شهر من العلاج، وبعدها عرفت إن الورم انتشر فى بطني وصدري، وإني هاخد جلسات إشعاع، وقتها كرهت المكان ده بسبب التعب اللي شفته فيه، ماكنتش بقدر بعد كل جلسة إني أعمل حاجة، حتى الحركة البسيطة ماكنتش بقدر عليها».

ربما جاء شعاع النور عقب شهور من العتمة والقسوة، فبعد انتهائها من جلسات الإشعاع، أجرت «منة» بعض الفحوصات المعتادة، حتى أخبرتها الطبيبة بابتسامة عريضة ارتسمت على وجهها قائلة لها: «مش عايزه أشوفك تانى غير كل 3 شهور.. إنتى بطلة وغلبتيه».

لم تستوعب الطفلة وأمها التى غلبتها دموع الفرحة ما قالته الطبيبة، لتكرر سؤالها على الأخيرة، لتتأكد مما سمعته، لتجد فى كل مرة نفس الرد: «ماكناش مصدقين إنى قدرت على المرض ده، وإنى هرجع لحياتى من تانى، ولحظة ما الدكتورة قالت لى كده أمى حضنتنى كتير وفضلنا نعيط من فرحتنا».

السرطان يعود مجددًا

عام ونصف عاشتهما «منة» بعيدة عن المستشفى الذى قضت فيه أوقاتاً صعبة، عادت خلالها لحياتها الطبيعية ولمدرستها ولأصحابها اللاتى أخفت عنهن مرضها خوفاً من أن يبتعدن عنها، حيث كانت تكتفى بالعودة إليه من وقت لآخر لإجراء الفحوصات اللازمة، حتى شكت طبيبتها فى إحدى المرات فى ظهور الورم مجدداً فى الغدد الليمفاوية برقبتها، فطلبت منها إجراء عدة تحاليل والتى أكدت جميعها شكوكها: «لما الدكتورة قالت لى إن الورم رجع وهاخد كيماوى مكثف فضلت أعيط وأقول لها ليه كفاية عليا كده، مش عايزه آخد جرعات تانى، أنا لسه مبطلة من فترة وجسمى تاعبنى».

وما بين مشاعر الحزن والخوف، خضعت «منه» لأول جلسة كيماوى مكثف والتى استمرت لمدة 5 أيام متواصلة على جهاز الكيماوي، ما تسبب في انخفاض مناعتها تماماً وحجزها فى غرفة منعزلة لمدة 15 يوماً، بجانب تساقط بعض خصلات شعرها، الأمر الذى زاد من وجعها.

«لما خلصت الجرعة شفت شعري بيقع مني، جمعته وبقيت أبص عليه وأعيط، إحساس صعب لما حد يشوف جزء منه بيروح بسبب حاجة مالهوش ذنب فيها»، فصل جديد من التعب والحزن كان يسيطر على "منة" خلال رحلة العلاج، روته خلال حديثها.

فكانت «منة» بعد كل جلسة كيماوي تقف أمام مرآتها، تتحسس بكفها الصغيرة رأسها الذى خلا من الشعر باستثناء خصلات بسيطة، ثم تدخل فى نوبة بكاء، مما دفع والدتها إلى قص ما تبقى من شعرها: «كان فاضل فى راسى كام شعراية، فلما ماما دخلت عليا ولقيتنى بعيط، جابت المقص وقصتهم، وقالت لى بلاش تستنى لما يقعوا قدام عينيكى وتتعبى، وبعدها لبّستنى بندانة وقالت لي وهى بتعيط بلاش تقلعيها لحد ما تخلصى علاج»، وبعد مرور أسبوعين قررت خلعها والتصالح مع نفسها لمواجهة المرض اللعين ومحاربته، فكتبت على صفحتها الشخصية «بوست» تشرح فيه ما تعرضت له خلال السنوات الماضية، لتفاجأ بوجود دعم كبير من أصدقائها ومعلميها، مما ساعدها على تخطي أزمتها،قائلة: «كانت لحظة صعبة لما رفعت عينى فى المراية وشفت شكلى من غير شعر، كنت مستغربة نفسى، بس كنت لازم أتقبلها عشان ما ضعفش، فكنت بعيط وفى نفس الوقت بقول لنفسى إنتي قوية، هتهزميه زى أول مرة»، حتى تمكنت بعد انتهاء 6 جلسات كيماوى أخرى من تحقيق حلمها الذى لم يفارقها منذ دخولها للمستشفى، وانتصرت عليه للمرة الثانية.