رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

خلال الـ16 يوم للقضاء على العنف ضد المرأة.. أمهات ارتدين ثوب القسوة في حق بناتهن

كتب: روان مسعد -

04:13 ص | الثلاثاء 26 نوفمبر 2019

العنف ضد المرأة

يأتي العنف ضد المرأة في أشكال كثيرة، أبرزها هو العنف الأسري، أشدها منه الجسدي والنفسي، وعلى الرغم من أن الأم الحضن الذي يتسع ليسع العالم كله، إلا أنه في بعض الأحيان تتحول هذه الطاقة من الحب إلى النقيض، بفعل الخوف الزائد على الفتيات، أو بعض العادات البالية، فيصبح عنفا يمارس ضد الفتاة، يقيد حريتها، هو الحبل الذي يلتف حول الرقبة، يخنق معه كل رغبة في الحياة.

وبالتزامن مع إحياء 16 يوما لمناهضة ومنع العنف الممارس ضد المرأة، يستعرض "هن"، قصص العنف ضد فتيات كانت الأم هي مصدره.

أمل: أزمتي مع أمي هي أزمة ثقة

كانت أمل محمود حينها في الصف الخامس الابتدائي، حينما شكت والدتها في سلوكها، بسبب طلبها شراء "زبدة كاكاو"، لترطيب شفاها خلال فصل الشتاء كما تفعل زميلاتها في الفصل المدرسي، إلا أن الطلب قوبل بالرفض التام، وكونها تعيش في منطقة شعبية كان لهذا الباب أن يفتح على فتاتها التي تبلغ من العمر 12 عاما "القيل والقال"، تقول أمل لـ"هن"، "قالتلي بالحرف، عايزة زبدة كاكاو عشان تتعرفي على شباب؟"، كانت تلك الصراحة بالنسبة إلى أمل قاتلة، فهي ربما كمراهقة في بداية هذا العمر الشقي، بدأت تفكر في الجنس الآخر، الاختلافات بين الجنسين، ولكن ما علاقة اهتمامها بأنوثتها بتعرفها على الذكور؟

سؤال طرحته أمل على نفسها، ولم تجد له إجابة، ومع كل طلب من والدتها يربط بالذكور، بدأت أزمة أمل تكبر وتتبلور مع والدتها، "عايزة بنطلون تقولي ضيق انتي عايزة تعرفي شباب، أقولها حلق، خاتم، حتى الكعب العالي ممنوع، كانت بترفض تخرجني مع صحابي، ممنوع أشوف المول ده عبارة عن إيه، ممنوع سينما، كله ممنوع خايفة عليا أتعرف على شباب، بقيت سجينة البيت"، كبرت أمل وبلغت عمرها 32 عاما، كبر معها خوفها من التعرف على الذكور، يتقدمون لخطبتها فترفضهم، يمثلون لها "بعبع"، كما تقول، "حتى في الجامعة كنت بتجنبهم بناء على تعليمات أمي، أزمتي معاها أزمة ثقة، يا ريتها وثقت فيا وخلتني أعرف شباب، وألبس وأخرج، أديها سابتني وأنا لسه متعقدة منهم، وهعيش عمري لوحدي".

نادين: "الضرب" لسه بيعلم على جسمي

رغم كونه يمثل سخرية حاليا، إلا أن "الشبشب" يمثل رمزا لنادين سالم، رمز الغضب وثوران بركان الغضب من والدتها، كان الضرب هو وسيلتها للتعامل والتفاهم مع ابنتها، تقول نادين: "بدأت تضربني عشان بمسكش نفسي وبعمل حمام على روحي، فضلت تضرب فيا وبسبب رعبي منها وصلت 13 سنة وأنا بعملها على نفسي"، لم يتوقف العنف الجسدي عند هذا الحد، فكل المشكلات والاختلافات بين نادين ووالدتها يجب أن تنتهي بالضرب كي تخضع الطفلة لأوامر الأم.

"استخدمت معايا كل حاجة ممكن تستخدمها، الشبشب، الشماعة، سلك الكهربا، الحزام، حتى مضرب الدبان، ومرة ضربتني بشوكة فتحتلي إيدي"، تتساءل نادين بين الحين والآخر هل تلك هي التربية السليمة، الجميع يتحدثون عن عنف مماثل في منازلهم، معظم الأمهات يضربن أبناءهن، "بس هل جسمهم بيعلم زي جسمي، وبتفضل العلامة اسابيع ومنها بيقعد طول العمر، طيب بيفضلوا يعيطوا كل ما يفتكروا بيتهانوا قد ايه وكل ما يشوفوا العلامة؟"، تضيف نادين، "انا معرفش دي التربية ولا لا، بس الأكيد إني مش هعمل كدة مع ولادي، أنا عندي 23 سنة ولسه بضرب، مش هعمل كدة في بنتي". 

مريم: أمي بتفضَّل أخويا عشان هو الولد

"من صغري وأنا بعمل عشان أخويا، أقوم من السرير عشان هو ينام، أسيب اللعبة ليه، هو يستحمى قبلي، هو يجيله هدوم أغلى، دايما هو الأهم ليه معرفش، والغريبة إنها كلها طلبات من أمي مش أبويا"، بتلك الكلمات بدأت مريم محسن وصف ما تتعرض له من تمييز بسبب كونها الأنثى في البيت، لم تكن تعي في البداية إنه تمييزا، حتى شبت هكذا، تعلمت أن للذكر أفضلية على الأنثى دون أن تعرف لذلك سببا، "دخلت الجامعة وهو مصروفه أكتر مني، بدأت أسأل صحابي قالولي لا مش شرط، طيب ليه أمي بتعمل كدة، ليه بتفضل أخويا عشان هو الولد".

رغم أن تفضيل الذكر على الأنثى مسألة متأصلة في المجتمعات الشرقية، إلا أن الأمر كان مزعجا لمريم، وبدأت في القراءة حول النوع الاجتماعي ومعنى المساواة، "ساعتها بدأت أقول لا وأقول من حقي زيه كل حاجة، وإن الدين فرق في الإرث بس عشان مسؤوليات الراجل، فأمي اعتبرتني هوا مسمعتنيش، اتمردت وخرجت برا البيت"، قررت مريم أن تنفصل في منزل آخر، "اشتغلت وبدفع إيجار وهعتمد على نفسي ومش عايزة منهم حاجة، طول الوقت حاسة إني عالة عليهم عشان بنت، زي ما أكون هم، أمي كانت عايزة تجوزني لأي حد عشان تخلص مني زي ما أكون وصمة عار".

جميع الأسماء الموجودة في التقرير هي أسماء مستعارة حفاظا على سلامة بطلات القصص من العنف، أو الوصمة.