على الجانب الأيسر من شارع بورسعيد بحي السيدة زينب، تجلس "أم فاكهة" البائعة القادمة من مدينة طنطا وسط أكياس من الحمص والحلاوة الشعيرية ولفائف المشبك، ترتدي جلبابها وحجابها الرمادي الذي تضع داخله ورقة من الكرتون الأبيض تحميها من أشعة الشمس المتجهة نحوها، تمارس تجارتها الموسمية المعتادة ببيع "الحمص والحلاوة" في الموالد، وتواصل نداءها في المارة المتجهين نحو مسجد "أم العواجز" في الليلة الختامية لمولدها، للشراء من منتجاتها.

جولات موسمية تتخذها بائعة الفواكه الطنطاوية "دعاء" إلى حي السيدة زينب وبعض الأماكن الأخرى في أوقات الموالد الشهيرة بمختلف محافظات الجمهورية، لكنها تحول نشاطها التجاري خلالهم إلى بيع الحمص والحلاوة، الذي يميز تلك الموالد دون الفواكه التي تبيعها طوال العام برفقة أسرتها في مدينة طنطا، لتأتي قبل أيام قليلة مع خالتها وابنتها إلى مكانها المعتاد بالسيدة زينب، وتقول في حديثها لـ"الوطن": "ده مكان فرشتي من وقت ما نزلت مولد السيدة من 15 سنة".

4 أيام ظلت خلالهم البائعة الأربعينية في ساحة المسجد، دون زوجها وأبنائها الثلاثة "محمد" و"محمود" و"فاكهة"، لكنها لم تزر مقام السيدة زينب سوى مرة واحدة يوم وصولها: "ماينفعش أدخل تاني لأني ببات في الشارع فهدومي بتتبهدل"، لكنها تواصل الدعاء طيلة الساعات التي تقضيها بالعمل: "برمي حمولي عليها وبدعي ربنا يهدي عيالي وجوزي وينجحهم ويشفيني".

تقلبات الطقس خلال الأيام الماضية انعكست على "أم فاكهة" وأفراد عائلتها المتواجدين معها في ساحة المسجد، فمكان العمل صباحًا يستخدم لأغراض النوم ليلًا، لكنها لجأت لاستخدام أغطية جلبتها عن مجيئها من طنطا: "كنا هنموت من البرد في الشارع بس كله فدا زيارة السيدة، ماقدرش أفوت الموسم ولا سنة".

مكاسب جيدة حققتها "أم فاكهة" خلال أيام المولد الماضية وحتى ليلته الختامية، جعلتها تنصرف عن بيع الفواكه في تلك الفترة من كل عام، رغم شهرة عائلتها بتلك التجارة منذ عقود طويلة مضت: "إحنا مشهورين بالفواكه وأمي اسمها فاكهة ولما ماتت سميت بنتي فاكهة، لكن الدنيا مواسم والموالد بتحتاج تغيير فبقت شهرتنا متعلقة بالفواكه والحمص والحلاوة".