رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بين "التقلية وخلطة المحشي والفسيخ".. بيوت المصرية اتجمعت بـ"الحب" على الطعام

كتب: روان مسعد -

05:41 م | الخميس 14 فبراير 2019

#عيد_الحب.. بين

ترتبط المناسبات في مصر عادة بالطعام، عيد الأضحى تلزمه اللحوم الحمراء، وعيد "الفطر" لا يجوز بغير الكحك والبسكويت، وكذلك يحتفلون في عيد الميلاد بالديك الرومي، وفي "الغطاس" بالقلقاس، والرنجة والفسيخ تزين احتفالات الربيع، أما الفتة واللحمة فهي للعقيقة، والفشار و"البونبوني" والمغات تكمل فرحة "سبوع الطفل"، وحتى يوم عاشوراء اخترع المصريون له حلوى تحمل اسمه، تصنع من النشا والقمح، كذلك "حلوة المولد" احتفالا بمولد الرسول.

ذكريات إعداد الطعام، والحب الذي تحويه المائدة التي يجتمع عليها الكبير والصغير لا تنتهي، دفء التجمع في الاحتفالات والأعياد، ذكريات الجدات في المطبخ لإعداد الطعام، وانتظار الأكل على رائحته الشهية، صوت "تقلية" الملوخية، ورائحة الدجاج في الفرن، "خلطة" المحشي الشهيرة برائتحها النفاذة وألوانها الجذابة، جميعها عوامل اجتمع فيها الأقارب والأهل حول "الطعام"، في الأعياد المناسبات المختلفة.

تتذكر هبة أشرف، ذكريات عمرها يزيد عن 15 عاما، كانت حينها في المرحلة الإعدادية، يمتلئ البيت عن آخره بالخالات وأولادهن، والأخوال، والأقارب، ينتظرون وجبة شهية تعد في "الفرن" احتفالا بعيد الأضحى، تقف الجدة على "البوتاجاز" تتذوق ملح "خلطة وتسبيكة" المحشي التي تعدها، لتأتي الابنة بدورها، وتتفقد "الفخذة" الضأن التي تنضج في الفرن، ملفوفة بورق ألمنيوم مقوي، ورائحة "التتبيلة الذكية تشع منها.

مشهد فيه حب الكون كله، وفق هبة، اجتمع فيه لعب الأطفال ومساعدة الكبار لبعضهم البعض، على مائدة الطعام تذوب الفوارق والخلافات بحسب "هبة"، لا تستطيع أن تنسى صوت جدها في المنزل وهو يوجه السيدات في المطبخ بسرعة الانتهاء من إعداد الطعام كي يستعدون للأكل، تقول "ممكن والدتي وخالي يكونوا متخانقين أول ما تيجي مناسبة زي العيد خلاص كله بيتصالح وبنتبسط كلنا وناكل"، وكذلك الأطفال الذين لا يكفون عن اللعب، وصبايا وصبيان المراهقة، يستمعون للأغاني في انتظار إعداد الطعام والالتفاف حول المائدة.

هدير أحمد، لها ذكريات مختلفة مع الطعام، وإعداد "تورتة" الفراولة مع والدتها التي توفيت قبل سنوات في عيد الحب، "أمي كانت طول الوقت بتحب تدلعنا، حتى لو المناسبة مفيهاش أكل"، تنزل إلى الشارع وتشتري احتياجات إعداد الكيك، من دقيق، وفراولة، وبيكينج بودر، وفانيليا، وغيرها من المستلزمات، ثم تعتكف في المطبخ مع ابنتها البكرية، "هدير"، والتي كانت تمثل المساعد لها.

تقول هدير: "هي كانت بتعمل كل حاجة صعبة وأنا عشان كنت في ثانوي لسه، أجيبلها السمن، والسكر والكريمة، أغسلها الأطباق حاجات زي كدة"، رغم بساطة الوصف، فإن هدير تشعر بأن إعداد الكيك والخبز في المطبخ مع والدتها من أشد لحظات عمرها سعادة، وتتمنى لو يعود بها الزمن لتعيش تلك اللحظات مرة أخرى مع والدتها في المطبخ، "كان فعلا وقت مليان حب، واللي كان بيجمعني ليها إني أعمل تورتة".

عقب إعداد التورتة التي تأخذ عادة اليوم كله حتى المغرب، تجتمع الأسرة المكونة من 4 أفراد مساء بعد تناول وجبة غداء خفيفة، حول طاولة صغيرة في غرفة المعيشة، ويشعلون الشموع احتفالا بقضاء سنة جديدة من الحب سويا، ثم يبدأون في تناول الكعكة الحمراء المزينة بالفراولة، تقول هدير: "من وقت وفاة أمي، بقالنا 7 سنين اختفى احتفال الحب، اللي كانت هي مصدر فعلا بكل حب".

تأتي أعياد الربيع في بداية الجو الصيفي، تستعد عائلة آية محمد للذهاب للنادي كل عام لقضاء هذا العيد "شم النسيم"، والذي يصاحبه بالتأكيد تناول البيض المسلوق الملون والبريوش، والرنجة والأسماك المملحة من فسيخ وملوحة، وكل "تحابيش" تلك الأكلة، تقول آية: "بناخد شنط كبيرة زي شنط السفر ونروح النادي نقضي اليوم كله هناك".

تبدأ آية اليوم مع عائلتها وأصدقائها بتلوين البيض، باستخدام أقلام خشب وفلوماستر، تقول "أحلى حاجة كانت اللمة، وكل حد فينا يعمل كذا بيضة ونوزع على بعض الأشكال، وفعلا اللمة بتطلع الحب اللي جوا كل واحد فينا للتاني"، يوم احتفالي بجدارة، بعد تناول الفطور يأتي الشاي والعصائر لتكملة الاحتفال بالطعام.

مع قدوم العصر تبدأ العائلة وقوامها حاولي 15 فردا في "فرش" الفسيخ والرنجة على المائدة في النادي، "كل الناس حوالينا كمان بتعمل كدة وبتاكل الاكل ده، ده أكل بركة من أيام الفراعنة"، باستخدام أطباق الفوم والشوك والسكاكين البلاستيك، كانت العائلة تتناول طعامها، وسط التقاط صورا تذكارية لهذا اليوم الذي ينتظرونه، وأصبح روتينا سنويا، لا تتوقف عنه العائلة منذ 20 عاما، يجتمعون حول الطعام ينظرون له ولبعضهم البعض الحب.