رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"المبادرات الشبابية".. محاولات في طريق القضاء على العنف ضد المرأة

كتب: آية المليجى -

11:53 ص | الإثنين 26 نوفمبر 2018

هند حمدلله

ربما اختلفت مرحلة شبابهم عن بقية أقرانهم، حينما واجهوا موروثات ثقافية عدة أعطت الفرصة لمزيد من العنف ضد النساء، فحملوا على عاتقهم الوقوف بجوار المعنفات، ومحاولة تأهيلهن نفسياً رغم إمكانياتهم البسيطة، ليدشنوا مبادرات شبابية فى عدد من المحافظات استهدفت القضاء على التمييز الجنسى ورد حقوق النساء أينما وجدن.

منذ 2012 كانت نشأة «جنوبية حرة» إحدى المبادرات الشبابية التى أسستها آيات عثمان، ابنة محافظة أسوان، حيث هدفت لمواجهة العنف ضد المرأة فى المجال العام أو الخاص.

مجتمع قبلى تحكمه العادات والتقاليد، ربما هو الحال الذى تشهده محافظات الصعيد، لكنها سمحت بمزيد من المضايقات والممارسات العنيفة ضد المرأة «مش بس الأسرة اللى بتتحكم فى البنت ممكن القبيلة كلها»، موضحة فى حديثها لـ«الوطن»، أن مصير تعليم الفتاة خارج المحافظة أو سفرها هو أمر تحكمه القبيلة، وليست أسرة الفتاة فقط.

فمن هنا كانت فكرة «جنوبية حرة» التى أسستها مجموعة من فتيات محافظة أسوان «إحنا بنات الصعيد وبنعبر عن مشاكلنا»، لكنه الأمر الذى تمت مواجهته بمزيد من العنف من قبل الأهالى «أول مؤتمر عملناه الناس هاجمتنا جداً».

لم تستسلم «جنوبية حرة» لهذا الهجوم الذى حاول كسر عزيمتهن، لتبدأ أولى حملاتهن فى التوعية عن التحرش الجنسى وإقامة الندوات بين الفتيات للحفاظ على حقوقهن، ومن ضمن حملاتهن أيضاً التوعية بدور النساء ذوات الإعاقة ومدى تأثيرهن على المجال العام.

سلطت «جنوبية حرة» الضوء على العنف الأسرى الذى تواجهه الكثير من الفتيات من قبل أقاربهن وذويهن دون الالتفات إلى معاناتهن، فمن داخل المؤسسة الشبابية عقدت جلسات الحكى ليجتمع فيها عدد من المعنفات يسردن ما يعانين منه، فى وجود منسقة من المؤسسة مدربة على مهارات الاستماع تساعدهن فى الحديث «بيطلعوا مرتاحين ومبسوطين وعاوزين ييجوا تانى».

لم تكتفِ «آيات» بـ«جنوبية حرة» من أسوان، فبحثت عما يشابهها من مبادرات شبابية أسست فى محافظات مختلفة، لتكون ما يشبه بالرابطة النسوية، فمن محافظة الإسماعيلية كانت مبادرة «راديو بنات أوف لاين»، ومن القاهرة وجدت «براح آمن»، ومن قلب محافظة البحيرة كانت هناك مبادرتان هما «أنثى» و«بنت النيل»، ومن محافظة قنا كانت «دورك».

فهدفت لخلق جيل نسوى يعملن سوياً على خطاب موحد ينشأ من قلب شابات منخرطات فى المجال العام، ويبحثن معاً عن المبادرات الناشئة لنقل الخبرات المتبادلة فى رصد وتوثيق مشاكل المرأة ومحاولة تأهيل المعنفات.

وفى حملة الـ16 يوماً، وضعت المبادرة النسوية خطتها هذا العام للعمل معاً، فوقع اختيارهن على القضاء على التمييز القائم الذى تشهده الكثير من العاملات داخل أماكن العمل المنتظمة الخاضعة لقانون العمل سواء فى المؤسسات الحكومية أو الخاصة.

وأوضحت «آيات» أن العمل فى الحملة سيكون من خلال شهادات موثقة من فتيات عانين من التمييز على أساس الجنس ورصد مشاكلهن، بالإضافة إلى تحرير عدد من المقالات التى تؤكد ذلك.

ومن محافظة البحيرة، وتحديداً فى عام 2014 كانت نشأة مبادرة «أنثى» التى أسستها هبة النمر، التى حملت على عاتقها القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، ودعم قضاياهن بصفة عامة، لكن ربما أكثر المشاكل التى تواجهها المرأة فى البحيرة كان «التحرش الجنسى»، فضلاً عن التمييز فى العمل بدعوى أنهن نساء وأيضاً العنف الأسرى بأنواعه المختلفة، فتستقبل «أنثى» العديد من الشكاوى يومياً سواء عبر صفحة المبادرة على فيس بوك، أو من خلال شهادات حية، لتحاول مساعدتهن بتحويلهن لمؤسسات الدعم النفسى أو الاستشارات القانونية.

ورغم المحاولات البسيطة لكن «أنثى» ترى أنها جزء من الحركة النسوية تسهم فى رفع الوعى لدى النساء بأخذ حقوقهن وتدعيمهن بشكل قانونى ونفسى. لكن عقبات كثيرة تقف أمامهن لعل أبرزها هو تلقى العديد من الاتهامات بكونهن نسويات، يعملن على إفساد النساء، وأن ما يطالبن به من حقوق النساء ليس فى محله «رجال كتير كانوا بيحذروا البنات من التعامل معانا وإننا بنتكلم فى أمور مش وقتها ومالهاش أولوية».

بكاميرا صغيرة تحملها هند حمدالله، ابنة محافظة بورسعيد، تجوب بها محافظتها الصغيرة، توثق بها كل المشاكل وأنواع العنف التى تلتقطها كاميرتها، فالهدف من «وصلة» هو توثيق حالات العنف والتمييز التى تتعرض لها المرأة، حيث بدأت مبادرتها فى عام 2016، «هدفنا بسيط هو الرصد والتوثيق».

ليكن أيضاً التحرش الجنسى هو أكثر المشاكل التى ترصدها «وصلة»، لكن عقبات كثيرة تقف أمام المبادرة منها الخوف الذى ينتاب الكثير من المعنفات اللاتى يتعرضن للعنف والتمييز «بيخافوا يتصوروا خايفة تنضرب من أهلها، أو تتهاجم من الناس».

ومن قلب القاهرة، كانت مبادرة «براح آمن» التى كونها مجموعة من الفتيات وولدان، رصدوا من خلالها العنف الواقع على النساء داخل الأسر المصرية بأشكاله وأنواعه المختلفة. «هدفنا التوثيق والرصد من خلال الاعتماد على الجرائم المنشورة فى الجرائد أو استخدام النسب والرسوم البيانية التى تجريها المبادرة بشكل شهرى» فهذه الطرق التى تعتمد عليها مبادرة «براح آمن»، بحسب ما ذكرته نيرة حشمت، منسقة المبادرة. ومن الأهداف التى تسعى إليها المبادرة الشبابية هى وضع التعريفات ومفاهيم العنف الذى تتعرض له النساء بأنواعه المختلفة من منظور نسوى.

ورغم أن المبادرة لم تمتلك الإمكانيات الكافية فى تقديم الدعم وتأهيل الناجيات من العنف، لكنها تحاول أن تكون حلقة الوصل بين الناجيات والمحامين أو تحويلهن لمؤسسات تقدم هذا الشكل من الدعم النفسى.

حملات كثيرة دشنتها المبادرة منها «جوه البيت» التى اعتمدت على رصد الحبس المنزلى، الذى تعانى منه فتيات عدة، وأيضاً حملة «حيطة مايلة» التى اعتمدت على رصد إشكاليات النساء وقانون النسب المصرى.