رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«سيامة المرأة».. جدل الاختيار الإلهي والمساواة

كتب: ماريان سعيد -

11:33 ص | الإثنين 22 أكتوبر 2018

«سيامة» المرأة.. جدل الاختيار الإلهى والمساواة

«كهنوت المرأة».. من أهم القضايا التى حاول البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، حسمها فى لائحة الكهنوت الصادرة فى 2013، وما بين «احترام خيارات الله بعدم رسامة المرأة قسيسة»، و«مبدأ المساواة وقبول الجميع فى المسيحية»، يطرح السؤال نفسه، هل ستكون هناك «قسيسة» يوماً ما، كما فعلت الكنيسة الإنجيلية، ومثلما أصبح هناك «شماسات» فى «الأرثوذكسية»؟.

«احترام خيارات الله»، بهذا الاعتقاد ترفض نصرة وهيب، الحاصلة على دبلوم لاهوت ودبلوم تاريخ كنسى من معهد الدراسات القبطية، أن ترسم المرأة قسيسة، موضحة أن الكهنوت لا يقتصر على درجة «القسيسية» فقط، فهو أكثر من رتبة، ويبدأ من درجة «الشموسية» وحتى «البطريركية»، وبالتالى كهنوت المرأة ليس مرفوضاً بشكل مطلق فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لكنه يقتصر على رتبة واحدة، وهى الشماسية.

وتوضح «وهيب» لـ«الوطن»، أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هى كنيسة «أصولية محافظة»، مما يعنى أنها تسير على خطى الآباء فى القرنين الأول والثانى، وما بعده يعد «تاريخاً» وليس تقليداً أصولياً. وتوضح أن اقتصار كهنوت المرأة على درجة الشماسية له مرجوع كتابى -أى مصدره الكتاب المقدس- وهو ذكر «فيبى» فى رسائل بولس الرسول، موضحة أن النسخة اليونانية للكتاب المقدس أطلقت عليها لفظة «دياكون»، والكلمة تعنى «خادم»، وهو مسمى الشماس، كما أنه على مدار التاريخ كان العديد من الشماسات سيدات، وأبرزهن الشماسة «أولمبياس»، التى رسمها القديس يوحنا ذهبى الفم. وجاء فى رسالة بولس الرسول إلى أهل روميا: «أوصى بأختنا فيبى التى هى خادمة الكنيسة التى فى كنخريا، كى تقبلوها فى الرب، كما يحق للقديسين، وتقدّموا لها فى أى شىء احتاجته منكم، لأنها صارت مساعدة للكثيرين، ولى أنا أيضاً».

وتتابع «وهيب» أن الكهنوت بصيغة الأسقف ذهب للرجال، فمثلما ترجع رعاية البيت للأب، تذهب رعاية الكنيسة لرعاية الأسقف الرجل، وهذا لا ينتقص من قيمة المرأة، فالكنيسة تسير على خطى الآباء الرسل، وإن كان متاحاً للمرأة أن ترسم أسقفاً، فلماذا لم ترسم مريم المجدلية أسقفاً، وتذكر عدة أمثلة مثل «مريم ومرسى» اللتين كانت لهما أولوية عن أخيهما «ليعازر»، لكن «ليعازر» رسم أسقفاً، وهما لا. وتضيف: «فى العهد القديم الكهنوت أعطى لهارون، مش تفضل ذكورة على أنوثة، وإلا كانت أعطيت لموسى، لكنه اختيار الله الذى أراد أن يكون للكاهن التفرّغ التام لخدمة المسيح، فالتفرّغ سمة من سمات الرعاية، والأم صعب تتفرغ ولو كبر أبناؤها، كما أن مريم أخت هارون لم تمنع من قيادة التسبحة، لكنها لم تختر «كاهنة»، ويجب احترام اختيارات الله، فاختياره ليس تفضيلاً كنوع عن آخر، وإنما المهمات موزّعة على الجميع لخدمة بيت الله.

أما سارة زكريا «مدونة»، 22 عاماً، فتؤيد رسامة المرأة الأرثوذكسية «قسة»، وتقول: إذا كنا نعتمد على قواعد الكنيسة والمسيحية والكتاب المقدس فى القرون الأولى، التى كانت تمنع كهنوت المرأة فى وقت من الأوقات، فالأمر اختلف فى العصر الحالى، وأصبحت المرأة قادرة على القيادة، نظراً لطبيعة المجتمع والتطور. وتتابع «زكريا»، فى حديثها لـ«الوطن»، أن اختلاف الأدوار بين الرجل والمرأة يرجع لطبيعة العصر، حيث كانت القواعد السائدة آنذاك تتوافق مع شكل الحياة البدائية وقتها، لكن الوضع اختلف فى الوقت الحالى، حيث أصبح لدينا مبان وكنائس ضخمة وأديرة وبيوت شباب ومستشفيات وخدمات ونشاطات عدة تابعة للكنيسة، فالأوضاع تتغير، وبالتالى يجب أن يتغير دور المرأة ليواكب تطورات المجتمع.

وتؤكد «زكريا» أن رسامة المرأة قسيسة لن تعود على المرأة بالنفع بقدر ما سينفع الكنيسة، فمن وجهة نظرها ستستفيد الكنيسة من عاطفية المرأة فى التعامل مع الحالات الإنسانية وتوصيل تعاليم الكتاب المقدس بروحانية ومحبة، فضلاً عن أنها ستكون قادرة على التعامل مع الفقراء والمساكين بشكل أفضل، فرسامتها كاهنة فرصة للمرأة، لخدمة أفضل وأكثر روحانية.

وتضيف: «غالباً السيدات يكن مسئولات عن خدمات الفقراء وإخوة الرب، سواء مكرسات أو راهبات، وهو ما يجعلهن قادرات على جمع التبرعات وتوزيعها للمحتاجين»، مشيرة إلى أن الخدمة دائماً ما تكون تحت إشراف قس، وهو السلطة الأعلى، وبالتالى قد تحجم خدمتهن أحياناً.

أما مارتينا جورج، خادمة بكنيسة العذراء مريم بعزبة النخل، معيدة بكلية الآداب جامعة عين شمس، فتقول إن فكرة كهنوت المرأة لم تشغلها من الأساس، فعند اشتعال الضجة قبل عدة سنوات بشأن رسامة المرأة قسيسة، لم يكن الأمر يعنيها، كما أنها تحترم الطرفين، من يؤيد ومن يرفض، لكنها لم تنحَز لأىٍّ من الرأيين، فهى ترى أن المرأة فى المسيحية «واخدة حقها»، وليست فى حاجة لكنهوت. وتشير «مارتينا» لـ«الوطن»، إلى أنها ضمن «خورس» الألحان الذى يقف فى الصف المقابل للشمامسة الرجال أمام الهيكل فى الكنيسة، وتشارك فى الألحان والمرددات خلال القداس أو التسبحات، موضحة أن «الخورس النسائى» يقف فى الجهة المقابلة للشمامسة فى ناحية السيدات بالكنيسة، وهن يرتدين أغطية رأس بيضاء للمشاركة فى صلاة القداس، مع الشمامسة.

وتوضح: «فى الكنيسة خدمة تسمى «الكورسات المتخصصة» وهذه الكورسات تتضمن «الألحان» ويلتحق بها الشباب من النوعين، فيحفظون الألحان الكنيسة ويتدرّبون عليها لتأديتها فى القداسات والتسبحة، كما أن هناك «مدرسة للشمامسة» فى كل كنيسة لتعليم النشء الألحان الكنسية بالقبطى وبالعربى، وهى تقبل الفتيات أيضاً». وتضيف: «الشماس دوره ليس مقتصراً على دخول الهيكل، لكن هناك مهام أخرى، وأيضاً مهام المرنمين تختلف عن المهام التنظيمية، والجميع ملتزم برتبته وبالمشاركة، كل فى جزء من خدمته»، مشيرة إلى أنها شاركت فى قداسات ترأسها أساقفة، مثل الأنبا رفائيل الأسقف العام سكرتير المجمع المقدس.

وتتابع «مارتينا»: «لم أكترث لما يثار بشأن كهنوت المرأة، فطالما استطعت إعطاء جزء من وقتى وطاقتى للخدمة بما يراه الله مناسباً لى»، كما أنها بالفعل لها دورها الذى لم يمنعها عنه أحد، مطالبة كل الفتيات فى كنائسهن بأن يلتحقن بـ«مدرسة الشمامسة»، وأن يعلمن جيداً أن عليهن الاهتمام بعلمهن وثقافتهن الدينية، فهن مربيات الأجيال القادمة.

 

 

الكلمات الدالة