رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

محاربات سرطان يروين تجاربهن بعد استئصال الثدي: "الأنوثة باقية"

كتب: إسراء جودة -

12:53 م | الجمعة 19 أكتوبر 2018

صورة أرشيفية

خطوات مترددة تتقدم تارة وتبتعد أخرى، لم تدر صاحبتها أى الخيارين أصوب، الاقتراب ومواجهة المخاوف المحدقة بها لتتمكن من السيطرة عليها وتتخد خطوة إيجابية نحو التماثل للشفاء، أم الهروب وتحمل الآلام لتأجيل المصير بضعة أيام أو ربما أشهر، قد تتسبب فى تراجع حالتها الصحية، لكنها تنتهى بمحاولتها التماسك مجدداً، لتجلس أمام طبيبها المعالج وتستمع إلى إجابته المتوقعة بحتمية استئصالها أحد الثديين كخيار وحيد أمامها لوقف انتشار الخلايا السرطانية الموجودة داخله.

لحظات مؤلمة عاشتها بعض السيدات اللاتى واجهن مرض سرطان الثدى، بعدما أخبرهن الأطباء المعالجون بوجوب تخليهن عن أحد مظاهر أنوثتهن بهدف السيطرة على «المرض اللعين»، روتها بعضهن لـ«الوطن» بعدما خضعن لتلك الجراحات، وفى طريقهن الآن لاستكمال برنامجهن العلاجى بالكامل.

تورم فى الذراع اليمنى مع تصبغ المنطقة المحيطة باللون الأزرق، صاحب إزالة وفاء السيد كبسولة منع الحمل التى استخدمتها طيلة 3 أعوام كاملة تحت الجلد بهدف تنظيم أسرتها، بعدما أنجبت 5 أبناء، وعندما ذهبت لطبيب لمعرفة سبب التورم أخبرها أحد الأطباء بسلامتها التامة وخلوها من الأمراض، لكن طبيباً آخر طالبها بفحص الثدى بواسطة أشعة «ماموجرام»، وهو الفحص الذى لم تعرف نتائجه سوى ابنتها العشرينية، التى أخبرت العائلة بحقيقة إصابة والدتها بسرطان الثدى، وأخفتها عنها.

حيرة لم تدم طويلاً أصابت السيدة الخمسينية حول نتائج الأشعة، قطعتها بالتوجه بمفردها لمستشفى الأورام العسكرى فى ديسمبر 2015 للتأكد من شكوكها ومعرفة حقيقة وضعها الصحى، لتصطدم بإصابتها بسرطان الثدى بالفعل وضرورة خضوعها لجراحة عاجلة».

أمام غرفة العمليات فى صباح يوم 17 يناير 2016، اصطف أبناء وفاء وأشقاؤها وزوجها يترقبون خروجها والاطمئنان على سلامتها، حيث ظلت بعدها بالمستشفى طوال 4 أيام متواصلة، شعرت خلالها بمحبة ودعم جميع أفراد أسرتها، عدا زوجها: «مش هقدر أنسى وقوف عيلتى جنبى، لكن ما حستش بوجود جوزى ولا خوفه عليّا إطلاقاً»، لم تتخل وفاء عن صمودها سوى عند رؤيتها مكان الجرح للمرة الأولى، بعد بضعة أيام من خضوعها للجراحة، لتمر عليها تلك الليلة بلا نوم أو راحة، إذ أصبح البكاء رفيقها الوحيد طوال الليل: «اتخضيت واترعبت من المنظر، لأن الخياطة كانت شبه دبابيس الدباسة»، تأقلمت مع شكل الجرح فيما بعد، وقررت العودة إلى عملها مجدداً بعدما دعمها مديرها فى رحلتها العلاجية، دون إخبار زملائها فى العمل.

حمالة صدر عادية استعانت بها «محاربة سرطان الثدى» فى حياتها اليومية، استخدمت حشواً لتعديل المظهر الخارجى للثدى المُستأصل، لكنها استغنت عنها طوال وجودها بالمنزل، لتأتى أصعب لحظاتها كما وصفتها، حين توجهت لعملها صباحاً وانتبهت لنسيانها ارتداء حمالة الصدر خلال الطريق: «قعدت أعيط فى الشارع زى العيال وكلمت صحابى فى الشغل واتصرفوا وجابولى واحدة لبستها لما وصلت».

لم تتخيل «وردة. أ» أن كتلة صغيرة كالحجارة توجد داخل الثدى، تخفى وراءها ورماً سرطانياً يتطلب تدخلاً جراحياً فورياً لإيقاف انتشاره، وحين أخبرتها الطبيبة المعالجة بضرورة استئصال الثدى الأيسر فى أسرع وقت، لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء لكن سرعان ما جاء ردها بالموافقة على إجراء العملية.

دعم نفسى متواصل وجدته الفتاة الثلاثينية من والدتها وأخواتها، خفف من حدة صدمتها وصعوبة استقبالها لإصابتها بهذا المرض، حيث جاءت كلماتهم الحماسية داعماً ومسانداً لها حتى تتجاوز محنتها بسلام، لكنها أخفت أمر مرضها عن بقية أفراد العائلة تجنباً لنظرات الشفقة والحزن: «محدش كان يعرف إنى مريضة غير عائلتى فى بيتنا بس، وده خلانى ما شفتش نظرات الشفقة والحزن فى عيون حد عشان ده بيأثر فى الحالة النفسية».

«الضعف مش هينفعنى، لازم أكون أقوى وأسلم أمرى لله» كلمات تحدثت بها «وردة» إلى نفسها، لتقف أمام غرفة العمليات فى 19 أكتوبر 2016 متأهبة لبدء الجراحة بابتسامة تعلو ثغرها ومصحف بين يديها، وسط تعجب أفراد أسرتها من صلابة عزيمتها التى لم تظهرها خلال الأيام السابقة على الجراحة، لتعود بالعزيمة ذاتها بعد إتمامها واستئصال الثدى الأيسر بالكامل.

صدمة قوية واجهتها «هالة. ح» عندما أخبرها الطبيب المعالج أنه لا بديل عن استئصال ثديها الأيمن، رغم صغر سنها، وهو ما لم تستوعبه الأم العشرينية، وظلت تذرف الدموع وتلوم نفسها على إهمال الكتلة التى استشعرتها قبل عام، لكنها لا تستطيع السيطرة عليها الآن بعد تضخمها وانقسامها بعدد من فصوص الثدى.

«صحتك أهم من الجمال».. عبارة ظل والدا هالة يرددانها على مسامعها، محاولين التخفيف عليها وصرفها عن التفكير فى مخاوفها وخطورة مرضها، فيما لم يتردد الزوج فى إظهار دعمه ومساندته لها منذ اللحظة الأولى لمعرفته بمرضها وضرورة إجرائها لجراحة استئصال الثدى: «جوزى ماسابنيش لحظة من وقت ما عرف، وقالى اطمنى هفضل جنبك مهما حصل»، وفى الميعاد المحدد لإجراء الجراحة فى 5 أكتوبر من العام الماضى، لم تتمكن الأم العشرينية من السيطرة على مشاعرها أمام طفلتيها بالمستشفى، لتحتضنهما باكية وسط حالة انهيار تام، تخللها دعم عائلى من أفراد أسرتها المحيطين بها جعلها تستعيد طاقتها وثقتها بنفسها مجدداً، حتى بعد استئصال الثدى بالكامل: «كنت خايفة ما أقبلش شكلى بعد العملية، بس تعايشت مع الموضوع وجوزى مابعدش عنى زى ما كنت متخيلة».