رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

3 شقيقات يعملن لمساعدة الأب: اللى تجهز نفسها تتجوز.. واللى بعدها تشيل المسئولية

كتب: مها طايع -

07:34 م | السبت 25 أغسطس 2018

عم سيد وزوجته وابنتاه

تكاثرت عليه الديون، ضاقت به الحياة، غاص فى دوامة مالية عانى خلالها من أزمات متكررة اضطرته إلى المبيت بالشوارع فى بعض الأحيان، كان دائم البحث عن حرفة يعمل بها، لكنه لم يقو على سد احتياجات أسرته المكونة من 5 أفراد وحده، ما دفعه للتفكير فى تشغيل أطفاله الإناث فى بيوت أثرياء القاهرة، مستغلاً علاقة المعرفة التى تربطه ببعض القاهريين، وهو طوق النجاة الذى حل كل مشاكله، حيث تطور الأمر إلى مساعدة أهالى قريته العدلية بمركز بلبيس محافظة الشرقية، فى تشغيل بناتهم بعد أن ضاقت بهم سبل العيش.

لم يكن أمام سيد رياض خياراً آخر غير إخراج ابنته الكبرى «إسراء» من المدرسة لتعمل خادمة فى بيت بالقاهرة، لتساعده على سداد ديونه والإنفاق على أشقائها الصغار، وبعد أن أفلحت «إسراء» فى منحه 1200 جنيه شهرياً، أنعشت بها حالة الأسرة المادية، فكر فى تشغيل الثانية رغم صغر سنها، ثم الثالثة، وهكذا حتى انتقل إلى تشغيل بنات القرية مقابل الحصول على نسبة سمسرة من كل منهن، على أن يحدد طبيعة عمل كل بنت سواء إعداد الطعام أو تنظيف المنزل وتلبية الطلبات، أو جليسة للأطفال والمسنين، وكذلك تحديد الفتاة المناسبة لكل مهمة.

أول القصيدة «إسراء»: تبلغ من العمر 16 عاماً، دفع بها إلى سوق الخادمات عندما كان عمرها 9 سنوات، وبحسب قولها: «كنت صغيرة على شغل البيوت لكن أمى كانت تعبانة وأبويا عليه ديون، والفلوس اللى هاخدها كل شهر هى اللى إخواتى هيعيشوا منها، أول ناس اشتغلت عندهم صاحب البيت كان بيتحرش بيّا، كان أول ما الست تمشى يدخلى المطبخ ويتحرش بيّا، كنت بضطر ألبس هدوم كتير وما ظهرش قدامه خالص، ولما الليل ييجى أقفل على نفسى باب المطبخ من الخوف»، فى أول زيارة لـ«إسراء» حكت لوالدها عن تحرش صاحب البيت بها، فقال لها «اقفلى على نفسك الباب كويس وحافظى على نفسك، كل شغل فيه قرف والشاطرة اللى تحافظ على نفسها»، تعترف «إسراء»، بأنها أكلت فى القاهرة ما لم تأكله فى منزل أبيها، كما أن شكل البيوت التى عملت فيها أفضل كثيراً من بيتها، لكنها لم تشعر يوماً بالراحة فى هذا العمل، فهى كانت المسئولة عن إعداد الطعام، وتنظيف المنزل وكذلك رعاية الصغار: «كنت صغيرة واغسل وأنضف طول النهار وبالليل أحمى العيال الصغيرة، ولما أروح أنام شوية الست تزعقلى وتقولى اللى زيك المفروض ما يرتحش».

مواقف مأساوية كثيرة مرت على ذاكرة «إسراء»، التى تركت العمل بالبيوت، وتزوجت منذ ما يقرب من عام ونصف العام، حتى تنعم بقليل من الراحة فى بيت الزوجية: «كنت لما أنام من غير عشا الجوع يقرص بطنى ويصحينى من عز النوم، صحاب البيت اللى كنت شغالة عندهم كانوا بيقفلوا الثلاجة بالقفل عشان مفتحهاش بالليل».

ارتاحت «إسراء» من عمل البيوت وتولت المهمة بعدها «زيزى» شقيقتها الثانية: «عندى 14 سنة، اشتغلت فى البيوت بعد ما إسراء اتجوزت، كان لازم حد يشتغل مكانها عشان علينا أقساط وجمعيات وأبويا تعبان ميقدرش يشتغل، فى الأول كنت فرحانة ونفسى أكبر عشان أنزل القاهرة وأشتغل، فاكرة إنى هروق وأكنس وآخر النهار أنزل معاهم أتفسح، لكن طلع الموضوع صعب وطبعاً وقت الترفيه والفسح من حق صحاب البيت بس».

عملت «زيزى» لفترة ليست طويلة، فجسدها الفائر وأنوثتها المبكرة كانت سبباً فى طرق العرسان لباب والدها مبكراً: «الفترة اللى اشتغلت فيها مخدتش حاجة فى إيدى ولا أعرف مرتبى كام، كل أول شهر أبويا ييجى ياخد الفلوس من صحاب البيت مقدم، يرجع الشرقية يسد الديون والالتزامات اللى عليه، ولو فاض حاجة يشترى لى بيها حاجة فى جهازى، ولما أتقدم لى عريس كويس جوزنى ودلوقتى أختى الثالثة هى اللى بتشتغل وبتصرف على البيت».

زينب، هى الابنة الصغرى، تبلغ من العمر 13 عاماً، هى الابنة الأخيرة بين بنات «عم سيد»، التى تولت المهمة بعد زواج شقيقتيها، تعمل الآن فى منزل بـ«مدينتى»، لكنها لا تشعر براحة لكثرة الأعمال المنزلية الملقاة على كاهلها وفى الوقت نفسه تتعرض لإهانات مستمرة من أصحاب البيت: «بيضربونى كتير عشان ما بسمعش الكلام وببقى عايزة ألعب مع العيال الصغيرة فى البيت، بس أبويا كل ما أقوله مش عايزة أشتغل نفسى أرجع ألعب فى الشارع يقولى انتى لازم تشتغلى عشانا يا زينب»، ما يحزن الطفلة، أنها لم تكمل تعليمها، نظراً لظروف المعيشة التى تحتم عليها العمل، وهو ما جعلها تطلب من أهل المنزل أكثر من مرة تعليمها القراءة والكتابة، لكنهم كانوا يرفضون بحجة أنها ليست فى حاجة لتعلم القراءة والكتابة: «كل ما أقول للست علمينى تسخر منى وتقولى هتعملى إيه بالقراية هتشتغلى موظفة!، روحى اعملى عصير للعيال وهما بيذاكروا، كانت تصعب عليّا نفسى قوى إنهم قاعدين مرتاحين وشكلهم نضيف وكل حاجة بتجيلهم لحد عندهم، وأنا محدش بيخدمنى، أنا نفسى أقعد مكانى واتدلع زى ما العيال اللى زيى بتدلع، نفسى لما أطلب لعبة تجيلى أنا كمان».