رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

هو

«طبال» يلازم «قهوة العوالم»: «في ناس بتحرم قرشنا.. وبكسب 150 جنيه لو ربنا كرم»

كتب: نرمين عصام الدين -

10:42 ص | السبت 16 سبتمبر 2017

طبال

اتخذ إحدى رُكنات «قهوة العوالم» بحي بحري بالإسكندرية مجلسا، ثم يطلب أحمد خليل الشهير بـ«النُن» كوبًا من الشاي الثقيل؛ ويمسكها بإحدى يديه المشققتين بسبب مهنته كعازف إيقاع طبّال لأكثر من 30 عاما.

نشأ خليل بنفس المنطقة وأوقف دراسته بالإعدادية، دائما ما يتردد على القهوة، ليداعب زميلا، ويجلس مع آخر في نقاشات ممتدة لساعات: «زمان نقاشتنا كانت حول الشغل، والمقام الموسيقي شكله كان إزاي، دلوقتي كله بياكل في بعض»، حسبما يقول لـ«الوطن».

«أنا هاوتها، وفي الأول الطبلة كانت مصدر رزق كويس جدا، كنت بكسب بـ1500، و2000 جنيه في اليوم، ودلوقتي 150 جنيه يبقى كويس أوي»، حيث عمل بالمهنة، وحيدا بين أفراد أسرته.

يصطحب «النُن» راقصة روسية: «مع إنها أجنبية، ولكنها بتشتغل في أفراح بس، وجاية من بلدها تتعلم وتشتغل، والروس بخلاء جدا لدرجة أنها جايبة أمها معاها مش لبيسة، والمهنة بتطلع في الروح».

ويوضح العازف الخمسيني: «قليل أوي من الستات الراقصات بييجوا يقعدوا، وكل اليوم كان الأول موجودين هنا، ودلوقتي بييجوا كل سنة مرة، والشغل كله في مصر».

فتتخذ الراقصة التي تتردد على القهوة ركنا يبلغ 6 مقاعد، مصطحبة فرقة من نفس العدد.

كثير من الموسيقيين يأتون أوقات انتخابات النقابة، منهم «هاني شاكر، إيمان البحر دوريش، وحسن أبو السعود، والفنانين اللي من المنطقة عادة بيقعدوا هنا بالليل».

مكان آخر يضيف إلى الفن الشعبي، حيث باب سدرة بالإسكندرية: «الأفراح الشعبية نشأت في بحري، ولينا نمط وطبع معين، معاها منطقة باب سدرة، وطلع منها الفنان سعيد الأرتيست».

«الشغلة بدأت طباعها تتغير، وكنا زمان نسترزق من الأفراح الشعبية، وزمان كنا بنشتغل على الآلات الموسيقية المصنوعة من الجلد، وآلة واحدة كانت ممكن تشغل فرح بأكمله، ودلوقتي ظهر البلاستيك، وآلات جديدة زي النحاسية، والغربية»، يقولها العازف الخمسيني.

«تسخين جلد الآلة عشان يرن ويبقى ليه طعم»، ويصف النُن، الفرق بين الطبلة المصنوعة من جلد الحيوانات قديما، والبلاستيكية، والألومونيوم حديثا، ضاربا بمثال عزف الطبال وهو الدور الذي جسده الراحل الفنان أحمد زكي في فيلم الراقصة والطبال.

وعن ارتباط القهوة بـ«الطبلة»، يروي: «العربي حنون أشهر طبال في الإسكندرية، ومشهور على مستوى القاهرة 70 سنة، اشتغل مع سهير زكي، نجوى فؤاد، أحمد عدوية، محمد رشدي، وذكروه مثالا في فيلم أحمد آدم في صباحو كدب، وكان متعهد أفراح».

ارتبط حنّون بفناني قهوة العوالم، فكان يقيم أكثر من فرحين في اليوم، بمسرح كوتة في الأزاريطة: «كان ملاهي يتعمل فيه أفراح شعبية، تياتيرو، أوبريت».

أثّر ذلك على نهج الموسيقيين في ألحانهم، وطريقة الكلام، حتى شكل استقبال الفنان: «والناس الكبار في الفن غير دلوقتي، وإحنا كنا بنتمنى نشتغل مع الجيل القادم، والجيل الحديث بيضم سعد الصغير، الليثي، أمينة، واللي قبله حسن الأسمر».

اشتهرت القهوة باستضافة كارم محمود، والعوالم ممن يرقصن، ممسكن الصاجات بإيديهن: «دلوقتي فرقة سعد الصغير أكتر من 30 عازفا، الأول كان 4 أفراد لا زيادة».

ويشير إلى أن فنان منطقة بحري حمامة العطار كان بيأجر مسرح كوته لإقامة الأفراح الشعبية، ويجلب الفنانين، والراقصات، والعازفين: «هم أهل مهنة من حوالي 60 عاما، وهما اللي جمعوا العوالم، وفيه عيلة تانية اسمها أبو رابحة كانت مشهورة معاها».

سهير زكي، وزيزي سالم صاحبة مطاعم السمكمك، هما أشهر الراقصات اللاتي نشأن بالمنطقة: «كل دول اشتغلوا مع العربي حنون».

كثير يرى الطبل عيبًا على ممتهنه وصاحبه بالقدر الذي يرفض الأهل أوقاتًا عريسًا ممهنا لها مقبلا على الزواج: «تاريخ الفن الشعبي اللي مهتم قليل، وفي ناس بتستعيب الشغلانة، ومهنة الطبال وأي واحد بيشوفه عيب وحرام وفي ناس بتحرم القرش بتاعنا ومادام إيدي بتخشن وبتتعب وباخد أجر عليه، مش حرام».

ويتابع النُن الذي هو عضو نقابة المهن الموسيقية: «في ناس بيربطوا أنه بيعمل حاجاة غلط، 75% من أهل المهنة ناس محترمة جدا، وأي مهنة فيها الغلط والصح، ومنهم بيصلي الوقت بوقته، وفي طبال مبدأه مش هيطبل ساعة آذان الفجر، ويسيب الشغل ويصلي».

يعتقد النُن أن العمل بـ«الكباريهات» يلوث رزق الطبل؛ بينما كان يمارسها بوقت متأخر، ترك الطبلة من يديه: «كنت شغال في نص الليل وسيبتها وحلفت يمين الطلاق مش هشتغل في الأماكن دي تاتي، وده من وقت ما اتجوزت، وفي ناس في المهنة بطلوا والتزموا، وقطعوا أخواتهم وبعدوا عنهم اللي بيشتغلوا بالمهنة بحجة أنها حرام».

ويضرب النُن مثالا بعازف الأورج، إبراهيم، الأخ الأصغر للفنان سعيد الأرتيست، أشهر طبّال في القاهرة: «عنده أخوات وواحد فيها بطل، واشتغل سواق تاكس، وفيه اللي بيروح مجالات تانية».

المطرب الشعبي مجدي الشربيني، وهشام عبدالشفيع: «التزموا، وأنا مش جوايا مش حرام؛ ولازم الواحد يتبع شعوره الداخلي».

«مش معنى إنك بطلت الفن تتشيخ وتقعد مع المُقرئين في قهوتهم»، نافيا إقبال الفنانين الذين تركوا المهنة، على قهوة المشايخ باستمرار.

«شغلتنا كانت أسرار بنحب نقفل الباب علينا، ولكن ظهر جيل عرف الجمهور أسرارنا»، يقولها عازف الإيقاع، معبرا عن قلة قيمة الفن، الذي انعكس على عدم اعتبارها كمهنة.

النُن أب لبنت، وولد: «وقت اختبرت ابني آدم، ولقيت عنده كل الاستعداد للطبلة، ومن ساعتها شيلتها من البيت، مش عايزه يشتغل بيها، وهو دلوقتي وقته كله في الكورة».

الكلمات الدالة