كتب: آية أشرف -
05:43 ص | الإثنين 21 نوفمبر 2022
«سلملي عليه وقله إني بسلم عليه.. وبوسلي عينيه.. وقله إني ببوس عينيه.. إنت يللي بتفهم عليه.. سلملي عليه سلم».. هكذا أطربتنا جارة القمر، السيدة فيروز، في الأغنية الشهيرة «سلملي عليه» ضمن أغاني ألبومها «مش كاين هيك تكون» سنة 1999، كلمات غامضة كُتبت بيد السيدة فيروز بطريقة ارتجالية، قيل إنها وُجهت لنجلها «هلي»، فعلى الرغم من أن القصة التي تداولت حينها بالصحف اللبنانية عن توجيه الأغنية لنجلها الصغير، إلا أنها باتت في محل التساؤلات بين الحقيقة والشائعات، حتى ظهر «هلي» الجانب الآخر من حياة جارة القمر.
أمومة مختلفة عاشتها السيدة فيروز مع ابنائها الأربعة، وعلى رأسهم «هلي»، التي كشفت عنه شقيقته ريما، بعدما صورة نشرتها مؤخرُا فتحت التساؤلات عن نجل فيروز صاحب المرض النادر، ومتحدي الإعاقة، التي لم تمنعها الشهرة والعمل والتاريخ من تربيته والاعتناء به، حتى ظهر في الكبر يكشف عن الوجه الأخر لأمومة فيروز الاستثنائية، «هلي» واسمه يعني أهلي باللهجة اللبنانية، التي رفضت فيروز وضعه في دار للرعاية، وقامت برعايته بنفسها حتى بعد تخطيها سن الثمانين.
بملامح العجز والشيخوخة، وكأن مشوار عمره الطويل ارتسم على وجه، ظهر «هلي» على مقعد متحرك، يتشبث بيد والدته، كأنه طفل تائه بدونها، خلال ظهورهم سويًا في الكنيسة لحضور قداس الذكرى الـ36 لرحيل الموسيقار الكبير عاصي الرحباني.
فمنذ ولادته عام 1958 أكد الأطباء لجارة القمر، إن نجلها الصغير لن يعيش سوى سنوات قليلة، إذ وُلد وهو يعاني إعاقة ذهنية وحركية، لا يستطيع الحركة إلا بكرسي متحرك، ولكن ربح قلب فيروز على عقلها وأحاديث الأطباء، لتقرر تولي رعايته بنفسها، وتغني له ولأجله، بعيدًا عن عيون الصحافة والإعلام مارست أمومتها ولم تظهره حتى تفاجأ به عشاقها من الوطن العربي.
الكثير حول تضحيات السيدة فيروز، من أجل تربية نجلها والاعتناء به، كان على رأسها ما كشفه الكاتب السوري سامي المبيض في منشور عبر حسابه الرسمي، مسلطًا الضوء على أمومة فيروز التي طغت على فنها، في واقعة شهيرة، بعد أن اعتذرت حينها عن حضور معرض دمشق الدولي والغناء على خشبة مسرحه يوم 23 سبتمبر عام 1958؛ وذلك لمرض ابنها الرضيع هلي الذي أصيب وقتها بمرض السحايا.
أثارت إذاعة دمشق وغضب الجمهور السوري المحب لفيروز لغياب نجمتهم المفضلة عن المعرض، بحسب ما ذكره الصحفي السوري، حتى إنهم تجمهروا أمام شباك بيع التذاكر رافضين التعويض المادي، ومطالبين بحضور فيروز: «قامت الدنيا ولم تقعد بعد، دمشق كلها تريد أن ترى فيروز تغني، أهلها سيهبون جميعا ليقولوا لها إنهم أنفسهم طفلها».
فجارة القمر، السيدة فيروز لم تبرع فقط في الغناء، وتكتب التاريخ بصوتها المتفرد، بل في أدفى معاني الأمومة التي جسدت في أولادها الأربعة زياد وليال وريما وهلي التي اخفته عن الأضواء لأكثر من نصف قرن.