رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

«هدى» ربت 4 أبناء من ماكينة إصلاح الأحذية: 30 سنة كفاح.. ضهري اتقطم

كتب: آية الله الجافي -

09:13 ص | الخميس 21 يوليو 2022

هدى فهيم

ظهرت ملامح امرأة ستينية، ترتدي جلبابًا أسود اللون، وتضع على عينينها نظارة طبية، خلف ماكينة خياطة الأحذية والشنط، تحاول لضم الخيط السميك في إبرة الماكينة، وبعد جهد تمكنت من بدء عملها بسلاسة في حياكة إحدى الشنط المدرسية التالفة.. هي هدي فهيم، سيدة أسست محلًا صغيرًا منذ أكثر من 30 عامًا، أسفل محل سكنها بقرية صفط اللبن، الواقعة بمحافظة الجيزة.

بداية تأسيس المحل

بإلتفاف أحفادها حولها، بدأت «هدى» في رواية حكايتها لـ«الوطن» مع تصليح الأحذية والشنط: «قررت أفتح المحل في بداية التسعينيات لما المصاريف زادت علينا.. بمشورة من أقاربى في بني سويف»، كان يعمل زوجها في إحدى شركات القطاع الخاص، إلا أن مرتبه البسيط لم يكف لتربية أبنائهم الأربعة، لذا قررت أن تقف إلى جواره بافتتاح المحل: «30 سنة قدام المكنة ضهري اتقطم».

تعلم أصول المهنة

حاولت «هدى» تجميع تكلفة ماكينات تصليح الأحذية لتبدأ عملها، واستعانت بعدد من الصنايعية المهرة حتى تتعلم على أيديهم أصول المهنة، حسب قولها، لتتمكن بعد فترة قصيرة من إدارة المحل بمفردها: «بفتح المحل 12 الظهر لحد 1 بالليل.. وبيدخلي طول اليوم من 20 لـ25 زبون.. والدنيا ماشية».

بوفاة زوجها منذ حوالي 17 عامًا، أدركت «هدى» قيمة عملها كـ«جزمجية»، وفقًا لقولها.. تلك المهنة البسيطة التي ساعدتها على استكمال تربية أبنائها بمفردها، وتزويجهم: «ابنى الكبير معاه دبلوم.. والباقي ماتعلمش بس جوزتهم كلهم من شغلي في المحل ده»، ولذلك تعتز بمحلها الصغير، ولم تفكر يومًا واحدًا في أن تُغلقه أو تتخلى عن مهنتها رغم أى صعوبات تواجهها.

صعوبات واجهت «هدى»

أكثرما يشعر المرأة الستينية بالعجز وقلة الحيلة هو عطل إحدى الماكينات التي تعمل بها.. تلك الماكينات التي شهدت على كفاحها طوال 30 سنة منذ تأسيس المحل: «بشتغل بماكينة وش.. اللي بخيط بيها وش الجزمة، وماكينة للنعل، ونفس الماكينات دي بصلح بيها الشنط، وفيه ماكينة تالتة للتوسيع، بستخدمها لتوسيع الجزم والكوتشيات الضيقة»، وبجانب تصليح الأحذية، بدأت في تطوير عملها مؤخرًا بشراء «نعل ووش» الحذاء من الأسواق لتصنيع الجديد وبيعه.

يعتبر محل «هدى»، الملاذ الآمن لأطفال المدارس الذين اهترأت أحذيتهم أو حقائبهم المدرسية خلال اليوم الدراسي، فيسرعون إلى المحل، حتى تقوم بتصليح التالف سريعًا دون مقابل مادي، قبل أن يعلم أحد والديهم: «بيصعبوا عليا مش هتفرق 5 ولا 10 جنيه.. بعتبرهم زي أحفادي»، وبجانب ذلك تسعى دائمًا لتصليح أى أحذية أو شنط تالفة لغير المقتدرين ماديًا.

أحلام «هدى» في امتلاك ماكينات حديثة

رغم تعرض الماكينات التي تعمل عليها للعطل، بمعدل مرتين أو أكثر في الشهر بما يوقف عملها، إلا أنها ترفع دائمًا شعار الرضا والأمل في مواجهة كل صعب، مُتمنية في نهاية حديثها أن يساعدها أحد بالحصول على ماكينات حديثة تُمكنها من إنجاز عملها بسهولة: «بتمني يكون عندي مكن جديد.. ومكبس بيكبس الوش في النعل وبيطلع شكل الجزمة نضيف بدل الخيط إللى بيخلي شكلها وحش».