على فرشة صغيرة داخل محل غير مُجهز، بمنطقة الوايلي، بالقاهرة، جلس عم شعبان 63 عاما، أمام أكثر من 20 كيلو جزر، مع «مبشرة» والعديد من الأكياس الشفافة، يحني ظهره لبشر كميات هائلة من الجزر، ووضعها بالأكياس قبل توزيعها على إحدى محال السمك المشوي، منتظرا اليومية التي لا تتخطى 30 جنيها يومياً.

دورة حياة استمرت 8 سنوات، للرجل المسن، الذي لاحول له ولا قوة، ربما نهشت الأمراض جسده فلم يعد قادرا على العمل بمهنة أخرى، وربما طيبة قلبه أجبرته على عدم إجبار أحد أبنائه على العمل رغما عنهم، فظل يحمل مسؤوليتهم حتى عقب زواجهم، ليجد نفسه مسؤولا عن أكثر من منزل، ولا يستطيع الانفاق عليها، حتى أنه عجز عن الإنفاق عن نفسه وعلاجه.

أكثر من 10 ساعات في «بشر» الجزر

بصوت يخرج بصعوبة بسبب حالته الصحية المتأخرة، تحدث عم شعبان، كما عرفه الجيران، عن مهنته الحالية، مؤكدا أنها شاقة بمقابل زهيد للغاية:«بقعد اكتر من 10 ساعات أبشر الجزر، من 8 الصبح لحد بعد المغرب، ببشر أكتر من 30 كيلو، عشان صاحب محل السمك اللي شغال عنده».

يومية زهيدة يتلقاها الرجل الستيني وفقا لما ذكره لـ«الوطن»: «بيديني 30 جنيها في اليوم، ولو يوم تعبت ماخدش اليومية، وحتى أكلة سمك بيرفض يديني منها أدوق أنا وعيالي».

أنا صاحب أمراض وتمن العلاج مقدرش عليه

وأشار «شعبان» إلى سوء حالته الصحية، مؤكدا أنه يعاني من عدة أمراض على رأسها القلب، وتضخم الكبد، والسكر والضغط: «والله ما بعرف اجيب العلاج بستنى حد يتبرعلي بحقنه ولا الدواء، ونفسي حد يسمعلي ويوفرلي العلاج».

مسؤول عن بيوت كتير ومش مكفي

وأكد صاحب المهنة الشاقة أنه لايزال مسؤولا عن بناته ونجله حتى عقب زواجهم، بمساعدة زوجته بائعة الفول:«بناتي لو زعلوا بيرجعولي بعيالهم ومقدرش أردهم عشان كرامتهم، فلازم أنا اللي أصرف». متابعا:«نفسي أرتاح من تعب الشغل والحاجة للفلوس».

عايش في أوضة ايجارها 600 جنيه

غرفة بالدور الأرضي غير مجهزة بالشكل المناسب يقطن فيها شعبان وزوجته، بإيجار مرتفع لايقوى على توفيره:«ايجارها 600 جنيه مبقدرش عليه، اليومية قليلة والمعاش 1000 جنيه.. أجيب منين؟.. نفسي الإيجار يقل شوية، نفسي حد يحس بيا ويساعدني».