كتب: أسماء أبو السعود -
03:33 م | الأربعاء 01 ديسمبر 2021
مع فجر كل يوم، وحينما تُشير عقارب الساعة إلى الساعة 5 صباحًا، تخرج سيدات وأهالي قرى الظهير الصحراوي بمحافظة الفيوم، من منازلهن للعمل في حصاد «الطماطم» على فترتين صباحية ومسائية، غير آبهين ببرد الشتاء، فهنا فتاة تعمل لتتمكن من شراء جهازها للزواج، وهناك ربة منزل تترك منزلها صباحًا وتذهب للحقول لتعمل في جني ثمار «الطماطم» لتحصل على «يومية» تُمكنها من مساعدة زوجها على مصاريف أبنائهم، ثم تعود إلى منزلها لتطهي وتعد الغداء وتقضي باقي واجباتها، وبين هذه وتلك تجمعهن قصة كفاح للأيادي الناعمة.
«أم محمود» تأتي إلى الحقول في الـ 5 فجرًا كل يوم لتعمل في حصاد الطماطم حتى الثانية ظهرًا، مقابل يومية قيمتها 85 جنيهًا، موضحةً أنّها تقوم خلال الوردية بقطف الطماطم من الشجيرات ثم وضعها في أقفاص، كما تقوم بحمل الأقفاص ونقلها إلى خارج الحقل لتحميلها فوق السيارة التي تنقلها إلى منطقة الفرز والتصدير، ثم تعود لمنزلها لتؤدي واجباتها كزوجة وأم في إعداد الطعام وتنظيف المنزل وغسيل الملابس.
فيما أوضحت ناهد جمال، أنّها لا تزال طالبة بالتعليم الفني، وتعمل في حصاد الطماطم؛ حتى تتمكن من شراء جهاز الزواج لنفسها نظرًا لظروف والدها الصعبة، موضحةً أنّها تعمل ورديتين الأولى من الـ 5 صباحًا وحتى الثانية ظهرًا وتستريح مرة واحدة خلالها في العاشرة لتناول الإفطار مقابل يومية قدرها 85 جنيهًا، والثانية من الثالثة عصرًا وحتى المغرب مقابل 65 جنيهًا، لتحصل على يومية تبلغ 150 جنيهًا.
وأشارت إلى أنّها تقوم بارتداء النقاب وتخرج من المنزل فجرًا حتى لا يتعرف أحد عليها، نظرًا لأنّ عادات القرية ترفض عمل الفتيات في الحقول وتعتبره «عيبًا»، ولكنها لا تفعل شيئًا خاطئًا وتعتمد على نفسها دون أن تكون عبئًا على والدها في تجهيزها.
في سياق متصل، أوضح أحمد محمود، مزارع، أنّ منطقة المزارع الواقعة على طريق أسيوط الصحراوي الغربي بين محافظتي الفيوم وبني سويف، كانت صحراء جرداء وجرى استصلاحها وتحوّلت إلى مزارع طماطم وباذنجان وبصل وكوسة، ولكن أكثرها طماطم، مُبينًا أنّ معظم العاملين في جني الطماطم من السيدات والفتيات، بسبب قدرتهن على العمل بسرعة أكبر من الرجال، وأيضًا حفاظهن على «العروش» الخاصة بالطماطم حتى تنبت فيها طماطم غير التي يتم قطفها بعكس الشباب الذين يتعاملون بعنف فيقومون بقطع العروش خلال عملهم.
وأضاف أنّه عقب حصاد الطماطم، يتم تعبئتها في أقفاص وتُحمل على السيارات لتنقل إلى منطقة «الحصيرة» وهي المنطقة التي يتم فرز الطماطم فيها وتقسيمها إلى فرز أول وثاني وثالث، الأول يتم تصديره للخارج، والثاني يُباع في الأسواق، والثالث يباع لمصانع الصلصة والكاتشاب نظرًا لأنّها تكون «حمراء ومستوية».
وكشف المزارع، أنّ الفيوم شهيرة بحصاد الطماطم، وتضم أكبر مركز لتصديرها في مركز أبشواي، لافتًا إلى أنّ الطماطم يتم تصديرها على مدار العام إلى دول روسيا، والعراق، والسعودية، وسوريا، وكافة دول الخليج، كما أنَّها في الشتاء تكون أفضل بكثير من فصل الصيف، سواء في الجودة أو الإنتاج أو الأسعار.
من ناحيته، كشف محمد معبد، صاحب مزرعة طماطم، أنّه يبدأ في زراعة الطماطم في شهر أغسطس، موضحًا أنّها تتكلف مبالغ مالية ضخمة لزراعتها، حيث أنّ الفدان الواحد يتكلف ما يقرب من 100 ألف جنيه للزراعة والتسميد وإعطاء الأدوية المكافحة للأمراض والحشرات، بالإضافة إلى الأيدي العاملة، ولكن التصدير يحقق أرباحًا جيدة ويعوض مصروفاته بالكامل وفوقها أرباح تتراوح بين 25 إلى 50 ألف جنيه كل عام من الفدان الواحد حسب سعر السوق، حيث أنّ الفدان ينتج ما يقرب من 60 إلى 80 طن طماطم.
ونوّه إلى أنّ الطماطم يتم زراعتها مرتين سنويًا، في كل مرة تستمر في الإنتاج لمدة 6 أشهر متصلة، حيث يتم حصادها ما يقرب من 40 مرة في الشهور الأربعة الأولى، و15 مرة في الشهور الأخيرة.
ولفت إلى أنّه يتم الآن حصاد الطماطم الأرضي التي تزرع في التربة، وخلال أيام قليلة سيبدأ في حصاد الطماطم «السلك»، التي تزرع في الأعلى فوق أسلاك وضعت خصيصًا لها، موضحًا أنّ الأخيرة أفضل في الزراعة لأنّها مطلوبة بصورة كبيرة في التصدير، وتنتج محصولًا أكبر بكثير من الطماطم الأرضي، مُشيرًا إلى أنّ الطماطم لها أنواع كثيرة منها لميس والفيروز وروزلينا.
وواصل «معبد» حديثه قائلًا ‘نّ الطماطم التي يتم تصديرها يتم حصادها وهي نصف خضراء وتُسمى في تلك المرحلة «مخوصة»؛ لتتحمل الطريق ولا تفسد خلال التصدير، وحينما تصل إلى الدولة المصدرة إليها تكون قد نضجت وتحوّلت للون الأحمر بفعل الجو.