كتب: سمر صالح -
03:57 م | الجمعة 28 مايو 2021
في السابعة صباحًا من كل يوم، تنهض ضحى عزت من غفوتها، تتحرك بخطوات محسوبة، حتى لا تزعج طفلتها الرضيعة الخالدة في نومها، وفي عجالة تنتهي سريعًا من تناول ما تجده أمامها من فطور، تتجه بعده صوب خزانة ملابسها تجر أدراجها بحذر تخرج منها عبائتها السوداء التي خصصتها لأوقات العمل، وفي غضون ساعة أو أقل تغادر منزلها قاطعة خطوات قليلة إلى المكان الذي خصصته لكسب قوتها اليومي، «جبت بضاعة على قدي وواقفة ببيع لعب أطفال عشان أعرف أعيش»، تقول السيدة الأربعينية في بداية حديثها لـ«الوطن».
رغم فقدان بصرها، لم تعرف «ضحى» أو كما يناديها أهالي منطقتها بـ«أم منى» طريق اليأس وقلة الحيلة، اتخذت من الأرصفة الجانبية في أحد شوارع حي فيصل بالجيزة مقرا لعملها، تفرش بضاعتها التي لا تتجاوز قيمتها عشرات الجنيهات، تخصص جزءًا منها لمصاريفها ومصاريف صغيرتها والجزء الآخر- إن تبقى - تخصصه لسداد الإيجار الشهري لمحل إقامتها.
بيدها اليمنى تحتضن رضيعتها التي كادت أن تكمل عامها الثاني، وبالأخرى تلوح للمارة للفت أنظارهم إلى بضاعتها، تروج للألعاب جيدا كلما مرت سيدة ومعها طفلها وكأن الجنيهات التي تحصل عليها من ثمن اللعبة هي طوق النجاة بالنسبة لها بعد أن تركها زوجها وحيدة تواجه مصيرها ومصير طفلتها بمفردها، «لإني كفيفة الشغل أصعب عليا، وفلوس إيجار البيت غالية، وبيع اللعب مبيجبش تمنه وعايشين بالعافية أنا وبنتي».
كحال الملايين غيرها من ذوي الإعاقة، تحلم الأم الأربعينية بمعاش شهري ثابت وسكن بإيجار منخفض تستطيع سداده في موعده دون تراكم للديون عليها، «مش عايزة غير معاش ثابت وشقة إيجارها رخيص عشان أقدر أدفعه، وأعيش أنا وبنتي من غير ما نمد إيدينا لحد»، بحسب وصفها.