بوجه غطت التجاعيد ملامحه ويدان مرتجفتان وصوت خافت يتمتم الكلمات شيئًا فشيئا، تطل المعمرة البريطانية آمي هوكينز، على منصة «تيك توك»، بعيون غائرة وشعر أبيض فضي يكشف عن عمرها الذي تخطى العاشر بعد المائة، تضبط زوايا كاميرا  هاتفها المحمول، وتبدأ في الحديث إلى متابعيها الذين تجاوزوا 55مليون متابع، تارة تحكي عن رحلتها المثمرة وأخرى تغني وتمرح لتصبح أكثر تفاعلا مع عالم افتراضي صنعته بخفة ظلها وروحها المرحة.

قبل أسبوعين مضا، أحدثت الجدة آمي جدلًا واسعًا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة «تيك توك»، حينما ظهرت في مقطع فيديو مصور لا يتعدى مدته ثوان معدودة وهي تحتفل وسط أحفادها وأبنائها بعامها الجديد، لتحصد ملايين المشاهدات بهذا المقطع.

استطاعت «هن»، التواصل مع الجدة آمي، للحديث عن فكرة استخدامها لتطبيق «تيك توك»، وعن كواليس حياتها وروتينها اليومي، والذي استغرق قرابة أسبوعين، وإلى نص الحوار..

في البداية نريد أن تعرفينا بنفسك.. من هي الجدة آمي؟

اسمي آمي هوكينز، ولدت في كارديف في بريطانيا، نشأت بين 5 أشقاء بنين وبنات ولدي شقيقة تصغرني بـ8 أعوام تدعى ليليان، والدي كان يعمل وكيل تأمين ووالدتي ترعانا، وتدير منزلًا داخليًا للبحارة الذين وصلوا إلى الميناء من الخارج.

عاصرتي الحربين الأولى والثانية.. فماذا عن ذكرياتك معهما؟

كنت صغيرة ولا أعي ما هي الحرب في الفترة الأولى، فقد كان عمري لا يتخطى حينها 4 أعوام، ولكن ببلوغي عامي السابع، قمت بغناء أغنية «طريق طويل تيبيراي»، التي تحولت إلى موسيقى عسكرية.

وخلال الحرب العالمية الثانية عملت كمراقب حريق داخل الحي، فضلًا عن كوني كنت أعمل كراقصة أتجول في البلاد برفقة فرقة الرقص الخاصة بي، قبل التعرف على زوجي جورج هوكينز، الذي كان يعمل ككاتب للافتات عام 1937، وأنجبت منه ابنتي روزماري، عام 1947.

هل كانت لديكِ ميول فنية أخرى غير الغناء؟

عملت كممثلة في بداية حياتي، إذ قمنا بعمل جولة في المملكة المتحدة، ولكن والدتي منعتني من المسرح، كونها تعتقد أنه لم يعد بقدر كافٍ من الاحترام.

كيف وجدتي الحياة بعد وفاة زوجك؟

توفي زوجي عام 1996، وعشت بمفردي لسنوات، ولكن مع بلوغي عامي الـ96، انتقلت للعيش مع ابنتي وزوجها وأحفادي، حيث أقيم حاليًا في مزرعة في مونمارث مع 4 أجيال مختلفة.

وماذا عن الأوبئة والفيروسات التي عاصرتيها قبل كورونا؟

أثناء طفولتي كانت الإنفلونزا الإسبانية، أخطر كارثة عرفها التاريخ في الفترة بين 1918، 1919، وأصيب به أكثر من نصف سكان العالم بالعدوى، والطاعون وسارس والإيدز، إنفلونزا الخنازير وميرس.

ماذا كنتِ تفعلين في ظل جائحة كورونا والحظر؟

قبل تفشي الفيروس في أرجاء العالم، كنت دائمة التنقل والسفر حيث كنت أسافر بانتظام إلى فرنسا لقضاء العطلات العائلية، ولكن تغير كل شيء من حولي، أشاهد المئات يموتون أمامي، فقد الكثير أسرهم، كان عام في غاية الصعوبة بالنسبة لنا جميعًا، لا أطيق الانتظار لرؤية شقيقتي على المدى البعيد، فلم أرها منذ ذلك الحين، سوى عبر شاشات الهاتف المحمول.

كيف جاءت فكرة الانضمام لمنصة «تيك توك»؟

لم أكن أدري أي شيء عن عالم التكنولوجيا حتى ذلك الحين حينما تفشت جائحة كورونا، علمني أحفادي كيفية التعامل معه حتى أستطع التحدث إلى شقيقتي، ومن ثم بدأت دخول عالم «تيك توك»، أقوم بالتحدث إلى الملايين من خلال شاشة تجعلنا نرى بعضنا البعض مجددًا، لم أكن أتمنى البقاء على قيد الحياة ليوم كهذا، حتى ذلك اليوم الذي أعده لي الجيل الجديد لعيد ميلادي الـ110، وبدأت في غناء أغنيتي التي كنت أغنيها في الشباب وهي «طريق طويل تيبيراي»، وأنا أستمتع بهوايتي المفضلة وهي الحياكة، بجانب الرياضة والتمارين.

ماذا عن ردود الفعل؟

لم أكن أتوقع أن يلقى مقطع الفيديو هذا استحسان الملايين مثلما حدث، كنت أقرأ التعليقات ودموعي تنهمر، واندهشت لعدد الأشخاص الذين رأوه.