فرحة انتظار قدومها كانت مختلفة، ظلت تعد الأيام والأشهر حتى تلتقي بها وتضمها لصدرها وتسمع أنفاسها، تتخيل ملامحها وشكلها، تتحمل آلام الحمل ومتاعبه، حتى اليوم الذي انتظرته مريم النبوي، ابنة محافظة الإسكندرية، صاحبة الـ27عامًا، الذي تكلل بمولد ابنتها «عهد»، التي لم يُكتب لها بنعمة البصر، إذ وُلدت بحالة نادرة بدون أعين، ليختبر الله صبر والديها ورضاءهما بما قُسم لهما، حتى تجد الأم الحافز لتعليم ابنتها وتقويمها على القرآن والتواشيح الدينية.

عهد ولدت بحالة نادرة دون أعين

لدى مريم خبرات سابقة مع المكفوفين، إذ كان لديها العديد من الأصدقاء التي تصطحبهم داخل الملحق الخاص بهم في كلية الآداب قسم التاريخ، بجامعة الإسكندرية التي تخرجت بها، فلم يكن من الصعب عليها التعامل مع ابنتها عهد، وتولي شؤونها.

وروت الأم، كواليس رحلتها مع ابنتها، خلال حديثها لـ«الوطن»: «معرفتش بحالة عهد غير بعد ساعتين من دكتورة العيون، وهو بيحطلها قطرة بعد الولادة، ومكناش نعرف قبل كدة أيام فترة الحمل، مكنتش مصدومة أوي، ولو كنا عرفنا عمري ما كنت أفكر أنزلها، ورضيت وقولت ده رزقي في الدنيا».

مريم واجهت التنمر على ابنتها بالقرآن وبرايل

كلمات من الانتقادات والسخرية، ربما لم تع لها الطفلة عهد، صاحبة الـ3 سنوات، لكن كان لها صدى سلبيا على والديها، إذ كان للتنمر حيزا داخل واضحا في حياتهم: «بنتك نايمة.. إحنا في مجتمع مش متعود على الاختلاف، والكفيف بالذات عنده سلوكيات معينة زي الهز والاستكشاف، ومش دايمًا بيتقبلها أي حد».

لاقت الطفلة عهد، الدعم من قبل أسرتها والمحيطين بها، إذ عزمت والدتها التغاضي عن الانتقادات ومحاولة بث الايجابية، إذ قررت العكوف على تعليم ابنتها القرآن الكريم فضلًا عن التواشيح الدينية، وطريقة برايل لتسهيل التعامل معها بشكل أكبر، وشقيقتها الأكبر قرر أن يتعلم رياضة الكونغ فو «علشان يدافع عنها ويحميها من أي حد».