رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

أخبار من الوطن نيوز

القضاء ينصف سيدة بعد سنوات من عدم الإنجاب بشهادة ميلاد لطفلة السفاح

كتب: أحمد ربيع -

06:12 م | الأحد 15 سبتمبر 2019

مجلس الدولة

قصة مأساوية بطلتها صاحبة الحكم الصادر اليوم من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بأحقيتها في استخراج شهادة ميلاد لطفلتها مجهولة الأب.

تزوجت 3 مرات، الطلاق في كل زيجة كتب كلمة النهاية في حياتها الزوجية، الأسباب عدم قدرتها على الإنجاب، إلى أن ساقها حظها العثر في طريق ذئب بشري، تجرد من مشاعر الإنسانية، أفرغ شهوته في السيدة غصبا عنها، معتديا على شرفها، لم يعبأ بصرخاتها، وتركها هارباً.

جسد السيدة منهك، وعقلها المشتت لم يهدها إلى تحرير محضر اغتصاب ضد من اعتدى عليها، ربما كان تفكيرها في عدم تحرير محضر هو عدم قدرتها على الإنجاب، مرت الأيام والشهور وفجأة بدأت تظهر عليها علامات الحمل، السيدة التي لا تنجب أصبح بداخل أحشائها طفل مجهول الأب.. كيف أحمل وأنا لا أنجب؟.. تساؤلات بدأت تدور في ذهن السيدة، في تلك اللحظة تذكرت أنها لم تحرر محضرا ضد المعتدي عليها.

بدأت المشكلة تزيد بعد ولادة الطفلة، وأثناء ذهابها لاستخراج شهادة ميلاد لها، كان الجواب واقعياً من موظفي مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية: "مين أبو الطفلة؟".. لترد "معرفش مين أبوه" وبدأت تقص القصص، وبدأت رحلتها في المحاكم محاولة استخراج شهادة ميلاد لطفلتها مجهولة الأب.

ذهبت إلى دار الإفتاء ومشيخة الأزهر، حاولت أن تجد مخرجا لأزمتها، حتى هداها عقلها إلى إقامة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالبة إلغاء القرار السلبي لمصلحة الأحوال بالامتناع عن استخراج شهادة ميلاد لطفلتها.

وعلى مدار عدة جلسات أمام الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري، حققت المحكمة الواقعة وتبينت وتيقنت أن الطفلة مجهولة النسب، فكتبت حكمها التاريخي والأول من نوعه بإلزام سجلات مصلحة الأحوال المدنية بإثبات قيد الطفلة بصفة مؤقتة في السجل المدني، شريطة ألا يكون اسم الوالد والجد متشابها مع الأسماء المقيدة بقاعدة بيانات المواطنين بوزارة الداخلية، وإلزام الجهة الإدارية المدعي عليها بأن تؤدى إليها تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها نتيجة عدم إثبات طفلتها.

وقالت المحكمة في حيثياتها، إن حرمان الأم من أن يكون لطفلها وثيقة ميلاد للطفل في حالة الميلاد سفاحاً يعد نوعا من الإيذاء البدني والنفسي للأم وعدوانا على أخص ما منحه لها الدستور من حقوق، كما أن حرمان الطفل من حمل شهادة ميلاد تثبت فيها البيانات الخاصة به، دون أن يرد بها ما يحقر من شأنه أو يتسبب له في المهانة على المستويين الشخصي والاجتماعي، هو أعظم هدراً لحقوقه المصونة دستورياً.

وأوضحت أن المدعية قد أقامت دعواها بطلب إثبات طفلتها في سجلات مصلحة الأحوال المدنية بصفة مؤقتة، استنادا إلى حدوث واقعة اعتداء عليها نتج عنه إنجاب الطفلة المطلوب قيد ميلادها مجهولة الأب، ولما كان الفهم الواعي للنصوص التشريعية يقتضى أن تدمج أحكام قانون الأحوال المدنية مع قانون الطفل بحسبانهما من القوانين المنظمة للأحوال الشخصية للمواطنين مما يتعين معه على الجهة الإدارية المختصة قيد نجلة المدعية في سجلات مصلحة الأحوال المدنية وإصدار شهادة ميلاد للمولودة.

واستكملت المحكمة أنه لا يجوز الاحتجاج بعدم وجود عقد زواج موثق رسميا لحرمان الأم التي التصق بها طفلها من حقها الطبيعي في رعاية طفلها بل وحرمان طفلها من حقه الدستوري في تمتعه بأدلته الثبوتية لشخصيته، حتى ولو كان هذا الزواج العرفي موضوعا لخلافات بين الزوجين من حيث انعقاده، فلا يجب أن يتخذ من ذلك سبيلا لحرمان الطفل في أن يكون له وثيقة ميلاد دالة على إنسانيته وتضمن له ممارسة حياته الطبيعية في المجتمع، طالما لم يثبت بدليل قاطع عكس ما تدعيه والدته من نسبته لأبيه في عقد زواجها العرفي وذلك بموجب حكم نهائي صادر من المحكمة المختصة بحسبان أن قيد الطفل المولود في ذاته ومنحه شهادة الميلاد الدالة على ذلك لا يعد في ذاته حجة في إثبات النسب وإنما مجرد قرينة بسيطة عليه قابلة لإثبات العكس على النحو السالف بيانه.

وأضافت المحكمة أن القانون رقم 12 لسنة 1996 قد حرص على ضبط عملية قيد الأطفال وحمايتهم بنسبة الطفل إلى والديه باعتباره أحد حقوق الطفل الدستورية التي تدعم حقه في الحياة الآمنة في بيئة اجتماعية ودينية صالحة – فأوجب الإبلاغ عن واقعة الميلاد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ حدوثها وحدد حصرياً الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن الولادة ومنهم والد الطفل إذا كان حاضرا أو والدته شريطة إثبات العلاقة الزوجية.

وتابعت المحكمة، أن المشرع الدستوري قد ألزم الدولة بكل أجهزتها الإدارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتخذ حياله، والتي يأتي على قمتها حقه أن يكون له الاسم الدال على شخصيته القانونية، وذلك تقديرا منه أن الاسم ليس مجرد بطاقة شخصية أو رقم قيد، وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود.