رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

الأسباب والعلاج.. حكايات الفتيات مع الفراغ العاطفي: "مبحسش إني فارقة مع حد"

كتب: ندى سمير -

10:07 م | الخميس 01 أغسطس 2019

الفراغ العاطفي

الفراغ العاطفي هي حالة تنتاب الشخص دون سابق إنذار، يشعر بأنه مهمش، أو كَمٌّ مُهمل، لا يأبه له أحد أو يهتم لما يمر به من ظروف، يعيش إحساسا بالوحدة مشوَّبا بحزن، وفراغا يجعله يقدم على الانخراط في أي علاقة، حتى وإن كانت غير سوية أو غير ملائمة فقط لأنه شعر بالقليل من الاهتمام.

ندى: الموضوع كان صعب في أوله.. وساب فيا علامة

ندى حسين، 19 سنة، فتاة جامعية شعرت بهذه الحالة منذ أن انفصلت عن حبيبها السابق، والتي لطالما أحبته، وفقا لحديثها، شعرت أنه لا يوجد في حياتها من يهتم لأمرها، وكأن العالم بات فارغًا.

لم يدم هذا الوضع طويلًا، كما أنها لم تتخطاه بسهولة، ولكن المهم أنها تخطته، رغم أنها كانت فترة صعبة بالنسبة لها، وفقا لحديث "ندى حسين" لـ"الوطن"، دفعتها إلى القيام بأمور تجهل هي نفسها سبب الإقدام عليها، كالسماح لبعض الأشخاص بدخول حياتها لفترة زمنية بسيطة ثم تقرر الانسحاب من هذه العلاقات دون إبداء أسباب أو تبريرات، وللأسف لم تستطع التخلص من هذا الأمر حتى مع مرور الوقت.

هنا: الجواز مقدرش يقضي على الفراغ العاطفي

أما عن "هنا" (اسم مستعار)، المهندسة البالغة من العمر 36 سنة، متزوجة منذ 7 سنوات، روت لـ"الوطن" قصتها مع "الفراغ العاطفي" الذي يسيطر عليها نظرًا لانشغال زوجها الدائم في عمله، وبعد أن أجبرها على ترك عملها بعد زفافهما بعدة أشهر.

وأشارت إلى أن شعورا بالوحدة والحزن ينتابها، وتتمنى أن تتلقى من زوجها دعما نفسيا أو عاطفيا، ولكنه لم يعد يلق لها بالًا: "بدأت أحس إني وِحْشَة، ما أستاهلش أتحب، حتى أنا مبقتش قادرة أحب نفسي".

أميرة.. نجاحها العملي يحميها منه أحيانا

"بحس بالفراغ العاطفي ده ساعات، يمكن لما بكون فاضية بس".. هذا ما بدأت به "أميرة" حديثها مع "الوطن"، فالفتاة العشرينية العزباء التي تعمل بمجال المحاماة، أغلب وقتها تقضيه بين العمل والقراءة ومع العائلة والأصدقاء.

أميرة كانت من الطالبات المتفوقات في دراستهن، وأكدت أن لتفوقها، الفضل عليها في أنها لم تتطرق لعلاقات، الفشل هو مصيرها الحتمي.

وأعربت عن شعورها أحيانًا بهذا الفراغ العاطفي: "حتى وأنتِ ناجحة وواصلة لكل أحلامك، بيفضل ناقصك سماع كلمة تشجيع من حد معين"، مشيرة إلى أن سرعان ما يتلاشى هذا الشعور بمجرد انشغالها بأمرٍ ما.

التحليل النفسي

زينب علي، الإخصائي النفسي الكلينيكي، قدَّمت تفسيرًا لهذه الحالة، إذ أوضحت أنها عبارة عن إحساس بالخواء الداخلي الناتج عن أسباب عديدة، يمكن أن تكون "التفكك أو الإهمال الأسري، أو الشعور بالرفض، أو الهشاشة النفسية، أو قلة الثقة بالنفس".

وأشارت الإخصائية النفسية، إلى أن الفتيات أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة عن الرجال، نظرًا لأن عاطفتهن قد تغلب على تفكيرهن العقلاني في معظم الأحيان.

واستطردت: وربما تدفع هذه الحالة، ضحاياها، إلى القيام بأمور عدة، مثل "التقليل من شأن أنفسهن، تقبل دخول أي شخص لحياتهن مقابل إبداء بعض الاهتمام، التخلي عن أمور مهمة في الحياة فقط لإرضاء الطرف الآخر"، وغيرها من التصرفات "البلهاء" التي ينتج عنها الندم فيما بعد.

وأوضحت زينب علي، في حديثها لـ"هُنَّ"، أن الأمور التي قد تأتيها الفتاة، ربما تأتي في بعض الأحيان بنتيجة عكسية، فتجبر الفتاة على النجاح، عن طريق ملء هذا الفراغ العاطفي بساعات أطول تقضيها في العمل أو الدراسة أو أي شيء مفيد لها أيًا كان، فتستطيع تحقيق ذاتها وإثبات وجودها عن طريق أن تصبح شخصا ناجحا ومنتجا في المجتمع، تُقدّر نفسها حق تقديرها كما يقدّرها ويعظم من شأنها معظم من حولها.

الفراغ النفسي قد ينتج عنه شخص ناضج

أضافت "زينب" أن الفراغ العاطفي عادةً ما يصيب الفتيات في لحظات شعورهن بالضعف والهوان، فإذا حاولت إحداهن استغلال هذا الشعور لصالحها سينتج عن هذه الخطوة شخص ناجح ناضج، أي أن الأمر سيختلف، فلن تصبح عرضة لاستغلال أي شخص تحت مسمى الحب، وفي نفس الوقت لن ترفض الارتباط العاطفي بشكل كلي ونهائي، ولكنها ستصبح أكثر عقلانية في اختياراتها، وستتوقف عن التعلق المرضي بالأشخاص.

علاج الفراغ العاطفي

"أهم خطوة هي الانشغال الأول بالنفس وحب الذات"، لم تكن تعني الإخصائية النفسية بهذا الأمر، أن تكون الفتاة أنانية، ولكنها تنصح بهذه الخطوة، لعدة أسباب، منها:

1- أنها إذا لم تُقدّر نفسها حق تقديرها، فلن تجدِ هذا التقدير من أحد آخر.

2- أن طريقتها لحب ذاتها ستنعكس في تصرفات الآخرين وحبهم لها، أي أن الآخرين يستشفون منها الطريقة التي يجب أن يحبونها بها، إذا وجدوا أنها لا تحب نفسها أصلًا، كرد فعل طبيعي للنفس البشرية، لن تتلقى منهم أي حب.

3- أن أهم نقطة في حب الذات، أنه سيدفع الفتاة للنجاح دفعًا، أي أنها إذا كانت تحب نفسها، ستصر على أن تراها ذات شأن وناجحة دائمًا، أما إذا كانت لا تحب نفسها في الأصل، فلن يهمها الأمر في المطلق، ناجحة أم فاشلة، كلها تعد أمور ثانوية بالنسبة لها، غير مهمة.

وأشارت "زينب" أيضا إلى أنه من المضر جدًا للفتاة أن تستشف حبها لنفسها من الآخرين، بمعنى أنها تشعر بذاتها فقط عند تقدير شخص آخر لها، فإذا حدث واختفى هذا الشخص، أو توقف عن إبداء إعجابه وتقديره بصفة استمرارية، سترجع الفتاة إلى نقطة الصفر مرة أخرى، تبحث عن شخص آخر يبدي اهتمامه وإعجابه بها، لتصبح هي قادرة على حب نفسها.

ونوَّهت إلى أن الاحتواء والترابط الأسري، أهم عوامل التغلب على حالة الفراغ العاطفي، بالإضافة إلى القضاء على أوقات الفراغ التي دائمًا ما تؤثر عليهن تأثيرًا سلبيًا.