رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"حبس منزلي واعتداء".. فتاة ضحية عنف والدها: "منعني من الخروج شهرا وهددني بسكين"

كتب: آية المليجى -

10:24 م | الأربعاء 03 أبريل 2019

طفولة تفتقر لأبسط معاني المرح والشقاوة، لم تذق حلاوتها يومًا واحدًا، فمنذ أن فتحت "دينا"، اسم مستعار، عينيها الصغيرتين على الدنيا، غير واعية بما يدور حولها، عاشت أولى تجارب العنف على يد والدها حينما ألقى بها أرضًا أثناء مشاجرته مع والدتها، وكان عمرها آنذاك لا يتعدى الـ6 أشهر، ليصيبها بنزيف دائم في الشعيرات الدموية.

مرت السنوات ومازال المشهد المؤلم يتجسد أمام الفتاة العشرينية منذ أن روته لها والدتها، فحياة مليئة بتجارب متكررة من الحبس المنزلي عاشتها "دينا" ربما بدأت من صغرها حينما أجبرها والدها على قراءة ما كان يريده وحفظ القرآن الكريم على يديه دون فهم معانيه.

تصرفات عنيفة كثيرًا ما أقدم عليها والدها لم تجد لها الفتاة العشرينية تبريرًا، ربما اتخذها وسيلة لترهيب أخواتها، وبضحكة ممزوجة بالحزن تذكرت جلوسها أمام أبيها إبان المرحلة الابتدائية، ليحصي عدد أوراق كراستها المدرسية، ليعتدي عليها بالضرب المبرح إذا ما وجدها ناقصة.

3 ليال ربما كانوا الأصعب في حياة "دينا" لم تستطع نسيان الألم التي اعترتها في هذه الفترة، روت  في حديثها لـ"هن"، حينما تشاجرت مع والدها بعد أن رفضت تنفيذ أوامره بالنوم المبكر وظلت جالسة لمشاهدة التلفاز فاستيقظ على صوت عال، وبغضب شديد طرحها أرضًا موجهًا إليها ضربات عدة، تسابق سيلان الدم من أنفها مغطيًا وجهها الحزين، وتورمت عيناها اللتان شاهدتا نظرات تشجيع والدتها لما يحدث، وبملابسها الممزقة أودعها الأب داخل غرفتها الخالية، تاركة آثار دمائها على أحد الجدران، ليصبح الظلام والبرد صديقيها طيلة تلك الأيام القاسية.

بصوت أجش فتح والدها الباب سامحًا لها بالخروج من الغرفة، فجروحها لم تلتئم بعد، لكن ذهنها كان يبحث عن التعافي والرحيل من منزل تشبعت جدرانه بالقسوة، فتظاهرت بأنها الشخص المخطئ وأنه يجب عليها الاعتذار لأسرتها، فقبلت يد والدها الخشنة، وساعدت والدتها في الأعمال المنزلية، حتى تمكنت من الحصول على هاتفها المحمول واللاب توب.

تجهيزات وترتيبات عدة أجرتها "دينا" استعدادًا للفرار من المنزل، خطوات قليلة كانت تفصلها عن ترك أسرتها، لكن شعور بالعطف انتابها على حال والديها كبيري السن، ما جعلها تعدل عن قرارها، وأصبح البحث عن وظيفة تضمن لها دخل ثابت هي الخطوة التي سعت لتنفيذها، حتى تتمكن من الاستقلال المادي، وبعد صراعات خاضتها الفتاة العشرينية مع أسرتها، تمكنت من إيجاد فرصة عمل مناسبة لها.

لكن موقف آخر ما زال محفوراً بداخلها تتجدد بشاعته أمامها كلما شردت بذهنها، وبنبرة تخللها الحزن تذكرت "دينا" وجه والدها المتجهم وعصبيته المعتادة عندما بحث عن بعض متعلقاته الخاصة بالمنزل، ووجه إليها السباب، وحينما اعترضت على ألفاظه النابية، اعتدى عليها بالضرب وأشهر السكين في وجهها، حاولت الدفاع عن نفسها بدفع جسده الثقيل عنها، فازداد غضبًا وأمسك بخشبة حادة معتديًا عليها حتى سالت دماؤها، خيبة أمل كبيرة أصابت "دينا" حينما استعانت بأخوالها، الذين وقفوا مع والدها حاكمين عليها بالحبس قرابة الشهر داخل منزلها محرومة من استخدام هاتفها، غير مسموح لها بالنوم بمفردها في غرفتها.

ورش "الدعم النفسي" ربما كانت الطريقة التي لجأت إليها "دينا" للتغلب على معاناتها ومحاولة تحويل حالها للأفضل، حيث تعرفت على إحداها عبر الإنترنت، وانتظمت في الذهاب إلى جلساتها، وفرغت طاقتها السلبية من خلالها، واستمدت منها نقاط القوة التي ساعدتها في الاعتماد على نفسها وتقوية شخصيتها.