أكتب وأمحو، ثم أعود لأكتب من جديد، ثم أجد نفسى أحاول جاهداً أن أنتقى الكلمات ولا أعرف، هل فى إمكانى أن أوصل لك مدى اشتياقى لك أياماً عديدة، بل إنها سنوات كثيرة مضت منذ رحلت بعيداً عنى وخلفتنى وراءك صبياً صغيراً لم يعرف غير قلب أمه بيتاً يؤويه، ولكن ما زالت كل كلماتك رغم كل السنوات أحفظها، وكل مكان ذهبت إليه أراك كلما مررت به، وإن كانت تغلبنى فيه الذكريات، وكثيراً ما حدثتك فى خلوتى بأنى كبرت وأصبحت رجلاً يشار إليه بالبنان، وكبرت وأصبح أولادى أمام عينىّ، وكلما رأيتهم وهم أمامى أسامة وعمر وأخوتهم وهم يقبلون يدى حباً ورضاء، عرفت أنه لا يمكن أن يضيع برى بك وبأبى رحمكما الله، فلم أقل لكما يوماً «أُف»، ولم تسمع أذنى لصوتى حساً فى حضرتكم، واليوم أرى ذلك بعينى فى أولادى. فعرفت أن الإرث ليس مالاً فقط، ولكنه رضا ومحبة من الله لمن أطاع والديه، كم تمنيت أن يطول بك المقام فى دنيانا، صحيح أن السنوات كانت ستضع بصماتها عليك، ولكن كنت ستزدادين جمالاً فى عينىّ، تمنيت أن أجدك وأقبل قدمك ورأسك كلما مررت بك وهذا لن يكفيك حقك، وكلما سمعت حديث الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام «خاب وخسر من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخلاه الجنة» تمنيت لو بقيت معى.

                                                  محمد الطرابيلى – المنصورة

يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي

bareed.elwatan@elwatannews.com