رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

إسدال الستار على انفراد "الوطن".. رحلة سيدة عرضت رضيعتها على "الفيسبوك" للبيع

كتب: آية أشرف -

05:42 م | الثلاثاء 26 مارس 2019

قصة سيدة عرضت رضيعتها على الفيسبوك مقابل 20 ألف جنيه

قضية قشعرت لها الأبدان، فجرتها "الوطن" منذ 5 أشهر، لتسلط الضوء على سيدة قررت اللهث وراء المال، لم تكتفي بسلوكها السيئ بعدما حملت من شخص، واقنعت زوجها الحالي أنها تحمل جنين من صُلبه داخل رحمها، بل زين لها الشيطان عملها، حتى اتفقت مع زوجها على بيع الجنين قبل ولادته، من أجل الحصول على المال.

فقر وجهل، بل وتبلد مشاعر وانعدام ضمير، دفع الثنائي لعرض الجنين قبل ولادته، على إحدى صفحات "فيسبوك" مقابل 20 ألف جنيه.

مثله كمثل جهاز كهربائي أو قطعة أثاث، لم ينظر له كطفل لحم ودم، بل نظرا له، كأداء استثمار على المدى القريب، لبيعه والاستفادة من ثمنه.

5 أشهر من التحقيقات بالقضية، تابعتها "الوطن" لحظة بلحظة، منذ أن فجرت محررة "الجريدة" الأمر، وساهمت في إنقاذ الرضيع، حتى اسدلت محكمة جنايات الإسكندرية، الستار عليها، اليوم، بعدما قضت بالسجن المشدد 10 سنوات لكل من "محمد. ن. ع"، عاطل، وزوجته "سعيدة. ط. ع"، ربة منزل، غيابياً، وتغريم كلاً منهما 100 ألف جنيه وإلزامهما بالمصاريف الجنائية فى القضية، بتهمة الاتجار بالبشر، وتبين أن المولودة ليست ابنة الزوج، المتهم الأول.

تعود أصل القصة إلى 5 أشهر بعدما تتبعت صحفية "الوطن" آية أشرف منشورا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لحساب باسم هنا محمد عبر صفحة "تبني طفل"، تعرض فيه طفلًا للتبني، قبل ولادته مقابل مبلغ مالي محدد.

وخاضت بعدها "أشرف" مغامرة بدأت بالتواصل مع صاحبة "البوست" المنشور بتاريخ 30 أغسطس الماضي لمعرفة حقيقته، وعرفت نفسها كراغبة في التبني، قبل أن تبلغ خط نجدة الطفل 16000، التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة، بالواقعة وما حوته من تفاصيل ومعلومات، والتأكد من صحة الواقعة من عدمها، واتخاذ الإجراءات اللازمة.

مشاهد متسلسلة يرصدها "هن" منذ تفجير القضية وحتى انتهاءها اليوم:

المشهد الأول: "منشور يقود صحفية الوطن لتبني القضية"

"لو فيه حد حابب يتبنى طفل هيتولد إن شاء الله كمان أسبوعين بالكتير، والتبني هيتم من خلال أم وأب المولود: التواصل عَ الخاص للجادين فقط، والله المستعان".

من هنا بدأت القصة، بعدما نُشرت هذه الكلمات عبر حساب سيدة تُدعى "هنا محمد" عبر إحدى صفحات "الفيسبوك" التي تحمل اسم "تبني طفل"، وهي تعرض جنينا لم يُولد بعد للبيع بمقابل مادي.

تواصلت "الوطن"، مع صاحبة البوست الغامض، المنشور بتاريخ 30 أغسطس الماضي، لمعرفة حقيقته، وكيف يمكن لأم عرض فلذة كبدها للتبني، وبيع جنين لم يأتِ للحياة بعد، والأسباب التي دفعتها لذلك، خاصة أن الحوار معها بدا كأنه استفسار من راغب في التبني، وليس حواراً أو تصريحات لصحيفة.

وأكدت صاحبة المنشور أنها تلقت عشرات الاتصالات، بعضها هزلي وأغلبها جاد، قائلة: "ابني أنا.. وهولده كمان يومين، وعاوزة فيه 20 ألف جنيه"، مؤكدة أن الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها هي سبب بيع الطفل.

وطلبت السيدة من "محررة الوطن" الحضور صباح يوم الثلاثاء 18 سبتمبر بمستشفى الشاطبي العام بالإسكندرية، لوضع جنينها، وإتمام البيع، ودفع المبلغ المطلوب.

وأثناء التواصل مع "صاحبة البوست" تدخّل زوجها ليوضح أن الأسرة التي ستتبنى المولود ستتسلم إيصالاً مختوماً من المستشفى باسم "أم الطفل وزوجها"، ثم يتم تسليم المبلغ المطلوب وتسلم الطفل، وبسؤاله عن إجراءات التنازل عن الجنين، قال إنه سيوقع على تنازل نهائي عن ابنه.

إلا أنه عاد لنقطة الصفر، بعدما أكد والد الجنين أنه لن يُسلم الإيصال إلا بتسلم 20 ألف جنيه أولاً، قائلاً: "آخد الفلوس أديكم الولد، وإيصال البيع، وأمضى على التنازل".

-المشهد الثاني: "الوطن" تُبلغ القومي للطفولة والأمومة

توقفت "الوطن" على الفور عن التواصل مع السيدة، وبادرت بإبلاغ خط نجدة الطفل 16000، التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة، بالواقعة وما حوته من تفاصيل ومعلومات، والتأكد من صحة الواقعة من عدمها، واتخاذ الإجراءات اللازمة.

المشهد الثالث: إلقاء القبض على المتهمين:

استجابت قوات الأمن، وألقت القبض على الأب والأم المتهمين بعرض طفلتهما للبيع، وقالت الدكتورة عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، إن خط نجدة الطفل 16000 التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة، تلقى بلاغًا من جريدة "الوطن" يفيد بعرض أم طفلها للبيع قبل ولادته بأيام، مبينة أن محررة الجريدة أجرت مغامرة للتواصل معها.

على الفور أُبلغ المجلس القومي للطفولة والأمومة الإدارة العامة لحقوق الإنسان بمكتب المستشار النائب العام، والذي بدوره وجه فورا نيابة استئناف الإسكندرية بمباشرة التحقيقات وتتبع السيدة صاحبة المنشور، مؤكدة أنه بالفعل تم التحقيق في الواقعة وألقي القبض على الأم والأب المتهمين بالقضية بحوزتهم الرضيعة.

المشهد الرابع: محررة "الوطن" تدلي بأقوالها

أدلت المحررة بموقع "هُن" التابع لـ"الوطن"، بشهادتها أمام نيابة باب شرق الإسكندرية، في عرض أم لبيع لجنينها مقابل 20 ألف جنيه.

واستغرق الإدلاء بالشهادة ما يقرب من 4 ساعات، لمعرفة تفاصيل الواقعة من الصحفية، الشاهدة بالقضية، وعن كيفية كشفها للأمر، وخطوات كشف ملابسات وتفاصيل خطته الأم والأب لبيع الطفل.

كما استمعت النيابة لتسجيلات المكالمات الهاتفية بين الزميلة وأهل الطفل، بالإضافة للاطلاع على المحادثات الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تمت بينهما، لتأكيد صحة البلاغ.

المشهد الخامس: التحقيق حول أسباب الواقعة

قررت نيابة باب شرق في الإسكندرية بشهر أكتوبر الماضي، حبس "محمد. ن. ع"، بائع طفله عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على صفحة تسمى "تبني طفل"، 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وإخلاء سبيل زوجته مراعاة لأبنائها لحين تحويل القضية لمحكمة الجنايات.

وكشفت تحقيقات نيابة باب شرق حول واقعة بيع طفل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن الزوج المتهم "محمد. ن. ع"، 29 عاما، وشهرته محمد أبو هنا، يتعاطى المواد المخدرة، وهو المسؤول عن التواصل والتفاوض مع العملاء لبيع نجلته فور ولادتها، وإنه محتجز في قسم شرطة باب شرق على ذمة القضية، وإنه تم إخلاء سبيل الأم لمراعاة الجنين بالحضانة في مستشفى دار إسماعيل وهي نفس المستشفى الذي وضعت فيها الطفلة، بعدما رفضت مستشفى الشاطبي العام استقبالهما، وتم ضبط المتهم في مستشفى دار إسماعيل، وتم تحريز هاتفه المحمول الذي كان يتواصل من خلاله بالأطراف الثانية.

ونفت "سعيدة. ط. ع"،31 عاما، الزوجة المتهمة، الأمر خلال تحقيقات النيابة، مؤكدة أن زوجها هو من أجرى جميع المهام، بينما أكد زوجها خلال التحقيقات، إنه طلب منها أن تُسقط الجنين ولكنها عرضت عليه فكرة البيع.

وقال مصدر قضائي، لـ"الوطن"، إن التهمة الموجه للمتهمين الإتجار بالبشر وحكمها يتراوح ما بين 15 إلى 20 سنة، مؤكدًا أن القانون يشدد العقوبة في حالة لو أن بيع الأطفال من الدرجة الأولى إلى المؤبد، مؤكدًا أن من حق الأم المتهمة صحبة نجلها الرضيع داخل السجن لمدة 4 سنوات.

باطلاع "الوطن" على تقرير الشؤون الاجتماعية بالإسكندرية، تبين أن المتهمين يقيمون في شقة دور أرضي "بدون عقد إيجار"، بشارع عبدالوهاب متفرع من شارع الجمعية، منطقة المندرة قبلي، شرق الإسكندرية، وخلف "سوبر ماركت سعيد"، بالإضافة إلى أن إيجار الشقة 300 جنيه شهريًا، وقرر أهالي المنطقة توفير فرصة عمل للمتهم في ملاهي بمدينة كفر الدوار ولكن رفض لبعد المسافة، خاصة أنه من متعاطي المواد المخدرة.

وأضاف التقرير أن الزوجة المتهمة "سعيدة. ط. ع"، 31 سنة، كانت تعمل في محل أسماك مملحة وتركته لأسباب لم يعلن عنها، ثم ذهبت للعمل مع شيف مأكولات لإعداد وجبات الأفراح، وبعد مرور الوقت شعرت بآلام الولادة وتركت العمل، ولديهم طفلة اسمها "هنا محمد"، تبلغ من العمر عامين ونصف عامين، بالإضافة إلى أن المتهم أستعار يوم الولادة من صاحب "السوبر ماركت" مبلغ مالي قدره 25 جنيها.

وأكد التقرير أن المتهمين يقيمون بشراء المواد الغذائية من "السوبر ماركت" عن طريق "الشُكك"، وإنهما مدانان بمبلغ قدره 300 جنيه لم يتم دفعها، موضحين أن المتهمة طلبت من صاحب "السوبر ماركت" يوم الولادة إصلاح التليفزيون وكانت تكلفته 100 جنيه، وأكدت أحد الجيران أنها تبرعت لهم بسريرين ودولاب لعدم وجود أثاث بوحدتهم السكنية، مشيرة إلى أنه قبل العيد طلبت المتهمة قطعة من اللحم لعدم تناول أسرتها اللحمة منذ شهر تقريبًا.

وأشار إلي أن الزوج المتهم كان دائمًا يطرد زوجته خارج الشقة سكنهما وبعد مرور الوقت يفتح لها الباب مرة أخرى، بدون تدخل الأهالي لأنهم كانوا منغلقين على نفسهم وليس لهم ترابط بالجيران.

الشؤون الاجتماعية تتكفل بمصاريف الرضيعة وشقيقتها

لم ترفع "الوطن" يداها على كشف القضية والابلاغ عنهما فقط، بل الاطمئنان على مصير الرضيعة، حيث أكد مصدر قضائي عقب التحقيقات، أن الشؤون الاجتماعية ستتكفل بمصاريف شهرية لرضيعة عرضتها أمها للبيع على "فيسبوك" ولشقيقتها عامين ونصف، مضيفًا إنه تم التحفظ عليها في مكان تابع لها لحين الانتهاء من تحويل الأم للمحاكمة.

وأضاف المصدر، خلال تصريحاته لـ"الوطن" أنه تم إخلاء سبيل زوجته مراعاة لأبنائها لحين تحويل القضية لمحكمة الجنايات.

المشهد ما قبل الأخير: "المولودة ليست ابنه المتهم الأول"

وكانت تحقيقات نيابة باب شرق بالإسكندرية كشفت مؤخرا  عن مفاجأة بالقضية، لتؤكد أن الطفلة ليست ابنة الزوج، المتهم الأول، وحينها قررت تأجيل الحكم في القضية المذكورة أعلاها إلى جلسة 25 مارس.