تأتي يوميا في الصباح، لتوجه آمال صدقي، 50عاما، أصحاب السيارات بإتخاذ الركنات، بشارع المنارة، وسط الإسكندرية، مُنادية في خطوات مسرعة «أيوة يا باشا، هنا كويس».

في خلال أيام العيد تزداد الحركة على الشارع، الذي يقع أمام مقابر المنارة، نسبة لزيادة لزيارات والإقبال عليها: «أنا أصلًا بشتغل 12ساعة يوميًا، النهار كله، وده المكان اللي بحب أقف فيه».

لها بالمقابر والدها، وولدتها، وزوجها الأول، تزرف أعينها دموعًا على فراقهم، قائلة: «كان ممكن أقف في إشارة، بس بحب الشارع ده لأن قريب من العزاز».

عمل والدها ببيع وشراء الفاكهة: «كنت بقف معاه، وقبل 6سنوات بيعت ملابس جاهزة، وسمك، وعملت مغسلة، وصالة رياضيات، وبعدين وقفت في الشارع لركن العربيات».

اشتهرت آمال بالمنطقة بـ«أم شروق»، نسبة إلى ابنتها التي تدرس بكلية الحقوق، في السنة الرابعة: «لا أنا مش برجح أي بنت تشتغل في الشارع، وبحب الشغلانة بس أنا كبرت».

يأمنها صاحب السيارة على أولاده الذين يستقلونها، وأوقات على ماله: «وقوفي في الشاعر مش مرخص، وأتاخدت من القسم عدة مرات، لغاية الضباط ما عرفوني، وعرفوا أمانتي مع الناس».

قبل 6 أعوام، تزوجت أم شروق للمرة الثانية بشاب يصغرها، بالرغم أنها لا ترى الحب معه: «تزوجته عشان كلام الناس لأنه لا بيرحم الأرملة والمطلقة، وأني واقفة في الشارع، وأنا محبتش غير أمي».

آمال لديها أربع أخوات: «عندي أخواتي شغالين سواقين، وملهمش علاقة بشغلي، وأتعرفت على ناس كتير بقوا أصحابي منهم المحامين والمهندسين».

لا تلزم أصحاب السيارات بدفع ح أدني لحراستها أو ركنها: «في سايس بيفرض إتاوة، ومعنديش كده وهم اللي طلعوا علينا سمعة وحشة، وكتير بيتكلم من غير ما يجرب الشارع».

تحصل على 30، أو40جنيه يوميا، وإذا زادت الحركة يصل أجرها لـ100جنيه: «اليوم لما يبقى حلو 50،100جنيه، وكل واحد بيدفع زي ما هو عايز، والجنازات مش باخد منها فلوس».

تتعرض «أم شروق» للتحرش عند التعامل مع راكني الشارع: «فيه كتير بيقولي تعالي وهخليكي ست الهوانم، وفيه ناس مش مصدقة إني عندي بنت».

«ده مرار، ونفسي أوقف شغل»، تقولها آمال واصفة الحركة على الأسفلت بالمشقة: «بشتري علاج ليا، وبنتي 500جنيه عندها جيوب أنفية، ومش بستعد أجوزها لإني أنا على الأبيض، ونفسي يكون ليا معاش وأقعد في البيت».