"بأصابع خشنة، ممسكة طبقة من الورق الليّن، تهذب إكرام محمد، ذات الـ45عاما، مرآتها، وتزيل ما لفظه الجو من أتربة صغيرة، محاولة لمع سطحها لتنظر إليها لثوانٍ، ثم تفرغ خطواتها لترتب بضائعها بمحل صغير، بمنطقة غيط العنب، بالإسكندرية".. مشهد بدأت به إكرام يومها، في لقطات متتابعة منذ أن كانت طفلة، كما روت لـ"هن".

"أبويا معندوش فكرة البنات تشتغل بره، واللي عايز يشتغل يكون في الدُكان بتاعنا بس، إحنا صعايدة، واخترت الشغل وحبيته وكان عندي 10 سنين، وفضلت شغالة حتى يومنا ده، يعني 35 سنة، طلعت من المدرسة في تانية ابتدائي، وأنا بحب الشغل مبكرهوش"، فسّرت إكرام عدم تفكيرها بالزواج لهذا السبب، وتفرغها للعمل.

وتروي عن حلمها الذي بات صعب تحقيقه: "كان حلم حياتي أشتري عربية وأتعلم السواقة، وأوصل الأولاد لمدارسهم، ولكن دي حاجة بتاعة ربنا، وبقالي فترة بدور على إني أتعلم ويكون معايا شهادة محو الأمية، ولكن ملقتش، والشغل علمني الحساب والقراية والكتابة وأي ست لازم تشتغل، الشغل مش عيب ولا حرام، عشان تعرف الدنيا ماشية إزاي".

رأت أفضليتها في العمل منذ طفولتها، لتعيل أسرتها: "أنا أكبر أخواتي البنات، وهم لسه متجوزوش لإن أعمارهن صغيرة، وأخواتي الولاد اتجوزوا، وأعرف ستات أصحابي اتجوزوا، كانوا بيعاملوني كأختهم الكبيرة، وكانوا بيقولولي عايزين نقعد زيك منتجوزش، وأقولهم لأ لازم أهاليكم تفرح بيكم".

لم يتهكم من يحيطها على رفضها الزواج، أو جدية مظهرها، مؤكدة "الناس هنا بيعزوني، وبيقولو عليّا بت جدعة، وبيحترموني أوي، ومنطقتنا مليانة ناس كويسة، ومفيش حد بيقول عليا عانس، وموعتش بإني أتجمل وأحط الكحل، لإني بشوف كل ده أي كلام، روج إيه وبتاع إيه، هو ربنا خلقنا بالروج!".

وتابعت: "لغاية دلوقتي في ناس بتتقدملي، بس بيشوفوا الجدعنة، مثلا ييجي واحد يقولك إنتي جدعة، عاجبني فيكي رجولتك، وبرفض لإن عمري ما حبيت راجل قبل كده، ولا هحب".

وأكدت إكرام إنها تمتلك قلب كأي امرأة: "عندي قلب وبزعل على أي حد لكني اتعقدت من كُتر الحكايات، واللي بحبه شغلي وأخواتي وعيال أخويا، واللي أتجوزوا خدوا إيه وبتمنى لأي ست متفكرش في الجواز".