كتب: آية أشرف -
11:51 ص | الأربعاء 18 يناير 2023
داخل مركز دكما بمدينة شبين الكوم في المنوفية، ولدت السيدة زبيدة عبد العال، عام 1936، وعاشت حياة عادية تقليدية مثل نظيراتها من فتيات الأرياف، لا تفقه شيئًا سوى الأرض وأعمال المنزل، حتى قررت أسرتها زواجها في عمر 18 عاما، لتتحول من فتاة صغيرة إلى ربة منزل.
لم تهدأ عليها الحياة، وأنجبت 8 أبناء واحد تلو الآخر، 4 أولاد، و4 فتيات، قبل أن تأخذها عجلة الحياة دون رحمة أو شفقة، إلا أنها لم تنس أو تهمل حلمها، وهو الرغبة في التعليم، وتحقيق الذات.
المبادرة الرئاسية «لا أمية مع تكافل»، كانت بمثابة القشة التي تعلقت بها السيدة، وكانت أول المتقدمين لفصول محمو الأمية في شهر يوليو الماضي، لتصبح الحاجة زبيدة، صاحبة الـ87 عامًا، حديث الناس بين ليلة وضحاها، بعد اجتياز الامتحان، كأكبر دارسة بفصول محو الأمية على مستوى الجمهورية.
ربما رغبة الزوج، كانت الأولى والفارقة، بعدما أقنعها بعدم استكمال التعليم، على الرغم من رغبتها في التعلم: «قالي لاء أنتي ست فلاحة، مفيش تعليم، بصي للبيت والعيال والأرض، وأنا كان نفسي أقدم، وأتعلم لأني متعلمتش، والعلم نور ليه نعيش في الضلمة».
تؤكد الحاجة زبيدة عبد العال، خلال حديثها لـ«هن»، إنها قررت تعليم بناتها تعليم عالِ، وإرسالهن للعاصمة لاستكمال دراستهن: «الحمد لله اللي درست تجارة، واللي بقت مدرسة، واللي بتدرس ترجمة صم وبكم، تعليم عالي كلهم، ده اللي هينفعهم قبل الجواز، ومش هما بس، وأحفادي كمان».
لم تكن «زبيدة» مجرد جدة عادية، بل نقلت أهدافها وأحلامها لأحفادها: «عندي 13 حفيد أنا اللي أجبرتهم على الحضانة، وابني مات سابلي بنتين، علمتهم برضوا، الجواز مش هينفع قبل التعليم، ومين هيجهزهم، كنت لأروح وراهم المدرسة، ولأتابع أنهم شغالين مع المدرسين وماسيبهومش».
إعلان المبادرة الرئاسية «لا أمية مع تكافل»، كانت طوق النجاة للسيدة المسنات، التي اقترب عمرهن من 90 عاما: «لما شوفت المباردة، قولت كان نفسي أقعد على تختة، هعمل إيه جنب القيراطين بتوع الأرض، ده أنا جبت 8 فرخات كنت بكلمهم ويسمعوا كلامي، بس عاوزة أتعلم، وروحت من ورا ولادي، وكنت أمشي كيلو ونص لحد الفصل، المهم أتعلم، ده الواحد كان بيمشي تايه، دلوقتي أعرف أقرأ اليافطة، وأعرف أنا فين».
وفاة الزوج منذ 5 أعوام، وعدم قدرتها على قراءة القرآن على روحه، كانت سبب قوي للبحث عن مصدر لاستكمال تعليمها: «كان نفسي اقرأ عليه قرآن، وأبقى بعرف، لما مات، بس الحمد لله دلوقتي، أقدر ومبسوطة إني اتنورت».