رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بيشوفوا بنور الله.. «شادية ونورا» شقيقتان كفيفتان يحولان منزلهما لكٌتاب لتحفيظ القرآن «فيديو»

كتب: سمر صالح -

01:27 م | الجمعة 18 مارس 2022

شادية ونورا وحولهم أطفال القرية

عقار لا تحمل واجهته أي لافتة تشير إلى ما بداخله من عمل إنساني، بات قبلة يتردد عليها أطفال القرية بأكملها، يصدح من نوافذه المورابة صوتهم وهم يتلون آيات القرآن ترتيلا، فيصل إلى المنازل المجاورة والمحال المفتوحة، ليقف المار من أمام البيت يسترق النظر إليهم وهم يجلسون أرضا حاملين بأناملهم الصغيرة المصاحف فتمتلأ أركان البيت بهم، قصدوا من مختلف أنحاء القرية منزل الشيخة «شادية» وشقيقتها، لحفظ كتاب الله، بعد أن خصصن منزلهن الصغير ليكون «كُتابا» يفتح أبوابه كل يوم، اللتين رغم جمال ذلك المشهد، لم يتمكنا من رؤيته بأعينهما. 

تحويل منزل «شادية» إلى كُتاب لتحفيظ أطفال القرية القرآن

قبل أربع سنوات تقريبا، سكن إيقاع حياة الشقيقتين «شادية» و«نورا»، أو كما يُعرفا بـ«الشيخة شادية» و«الشيخة نورا»، بعد أن فشلت محاولاتهما في الالتحاق بوظيفة في الأوقاف، ليضيق صدرهما من السكون والرتابة فاتخذا قرارًا، بعد الرجوع إلى والديهما، بتحويل منزل الأسرة إلى كُتاب لتحفيظ أطفال قريتهما القرآن الكريم، إذ أتمما حفظ أياته كاملا عن ظهر قلب.

«ربنا كتب عليا أنا وأختي أتولدنا مكفوفين لكن أنعم الله علينا بدراسة وحفظ وتحفيظ القرآن»، بدأت «شادية» الأخت الكبرى، حديثها لـ«الوطن» من داخل منزلها بقرية «أبو جهل» التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، بينما كانت جالسة ومن حولها الأطفال تتلو عليهم آيات من كتاب الله الكريم وتختبر حفظهم.

رحلة الشقيقتان الكفيفتان لم تكن يسيرة يوما، إذ عرفا فيها معنى الصبر منذ نعومة أظافرههما، فحُرمن من الراحة من أجل العلم، ومن اللعب مبكرا قبل أن يعيشا طفولتهما: «والدي كان يصحينا بدري قبل الفجر بساعة عشان يوصلني للمعهد الديني البعيد عن القرية ويلحق يطلع على شغله»، ليعود إليها عصرا ليصطحبها إلى المنزل خوفا عليها من الطريق، ورغم ذلك حرصت «شادية» على إكمال دراستها الأزهرية حتى أتمت حفظ القرآن في أقل من عامين، وحصلت على شهادة كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، بحسب روايتها.

أصوات أطفال القرية تنير عتمة «شادية» و«نورا»

الطريق إليهن ليس ممهداً على الإطلاق، ففي منتصف الشارع مطبات عشوائية، حفر تترسب فيها مياه راكدة، كل ذلك يعطل السير نحو الدار، إلا أن الأهالي حفظوا مكانه جيدا، وفي الثالثة عصرا من كل يوم يتحول سكون البيت إلى ضوضاء لا تهدأ، حين يصل أطفال القرية في الموعد المحدد لجلسات تحفيظ القرآن، بينما تجلس «شادية ونورا» أرضا ومن حولهما صغار من أعمار متفاوتة، يرتلون القرآن ترتيلا، لتصنع كلتيهما من تلك الأصوات الطفولية قناديل ملونة تنير عتمة أيامهما القاسية، في مشهد يومي يجسد معنى العزيمة ينتهي مع السادسة مساء.

«بنسّمع ليهم اللي حفظوه قبل كده ونبدأ بعدها نحفظهم أيات جديدة»، تلك هي طريقة الشقيقتان في تحفيظ الأطفال، بحسب الأخت الأصغر«نورا»، وحتى ختم القرآن كاملا أملا في نيل الأجر والثواب، بدلا من شبح الفراغ الذي يملأ رأسهن يأسًا.

حلم العمل في الأوقاف

على عكس الاسم الذي تحمله قريتهما «أبو جهل»، تحرصن الشقيقتان على الدراسة والتفقه في الدين دائما، فأحلامهما تبدو في أعينهما، رغم بساطتها، بعيدة المنال: «نفسنا نتعين واعظات في أي مسجد تابع للأوقاف»، إذ يجدا متعة وشغفا في تدريس علوم القرآن، وتمنيا لو بات حلمهما حقيقة يوما ما بعد محاولات متكررة للالتحاق بتلك الوظيفة عديدة دون جدوى.