رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

كورونا خسّرت «هيام» شغل الهندسة فاتجهت للكبدة: أكل لأطباء العزل جدعنة (فيديو)

كتب: سمر صالح -

01:32 م | الإثنين 08 مارس 2021

المهندسة هيام داخل محلها الخاص

رائحة طعام ذكية تخترق أنوف المارة في وسط المدينة بمحافظة أسيوط، يتزاحم أمامه محبي الأكل تزداد دهشتهم بمجرد رؤيتهم لفتاة في العشرينات من عمرها تتولى عملية الطهي وأمور البيع والشراء، لم يكن ذلك مألوفا في مجتمع الصعيد صوت ماكينة الطهي يكسر سكون الشارع فتدب الحياة فيه يوميا مع الظهيرة، لم تجد «هيام» حرجًا فيما تفعله رغم محاولات البعض من إحباط الفكرة، ما العيب في أن يعمل المرء ما يحب رغمًا عن العادات والتقاليد والأفكار المتوارثة عن عمل المرأة، هكذا ناجت نفسها كثيرا وانطلقت في تجربتها التي اختارتها بعد أن فقدت وظيفتها بفعل جائحة كورونا.

تركت الهندسة واتجهت للعمل في التسويق

مهندسة عمارة في إحدى الشركات الخاصة المعنية بتصميم المطابخ، مهنة ظلت عليها «هيام أحمد» سنوات منذ تخرجها في كلية الهندسة جامعة أسيوط، أحبت مهنتها كثيرا حتى أعلنت الشركة خسارتها والاستغناء عن العاملين بها في هذا القسم، «اشتغلت بعد كده في مجال التسويق وحققت مبيعات كتير ونجحت بس أزمة كورونا كان ليها قرار تاني غيرت مجرى حياتي»، تقول الفتاة العشرينية في بداية لقاء«الوطن» بها داخل محلها الخاص في محافظة أسيوط، عن سبب التحول الجذري الذي أجبرها على ترك مجال الهندسة وامتهان الطهي وبيع الوجبات الجاهزة.

جائحة كورونا أفقدتها وظيفتها ولجأت إلى تأسيس مشروع لبيع «سندويتشات الكبدة»

ملابسها مهندمة تنم عن فتاة في مركز مرموق، تستقبل المهندسة «هيام» زبائنها بوجه بشوش وابتسامة اعتادت عليها منذ عملها في مجال الهندسة، تنهمك في تلقي طلبات وجبات«الكبدة والسجق»، وتعاود الحديث عن جائحة كورونا التي تركت بصمات واضحة على حياتها، مع منتصف مارس الماضي ومنذ بداية الموجة الأولى للوباء التي أعقبها قرارات للحظر والغلق التام لم يكن أمام الفتاة الأسيوطية سوى خيارين لا ثالث لهما، «سيبت شغل التسويق مع بداية أزمة كورونا ومكنش قدامي غير حلين إما أقعد في البيت أو أفتح مشروع خاص بيا وطبعا اخترت الاختيار التاني لإني متعودتش الاستسلام»، بلكنتها التي لاتنم عن أصلها الصعيدي تستكمل الفتاة الشابة حديثها.

عملها في تصميم المطابخ، أكسبها حبًا لعالم الطهي، لمعت فكرة جريئة في رأسها،«فكرت أعمل مشروع كبدة وسجق تيك أواي واستغليت خبرتي في تصميم المطابخ وحبي للعالم ده»، في البداية واجهت محاولات رفض شديدة من بعض المحيطين بها، كيف لفتاة مهندسة تتخلى عن منصبها المرموق وتعمل بائعة، هكذا كان يخاطبها البعض في محاولات لإرجاعها عن الفكرة ولكن شغفها كان أعظم أثرًا في نفسها من تلك الأقاويل،«فتحت المحل مع أول يوم في بداية الموجة الأولى من كورونا ودعمني في قراري أهلي وأسرتي وخصوصا والدي ووالدتي».

محاولات إحباط من البعض ودعم من الأسرة

مكاسب ليست بالقليلة حققتها «هيام» مع مرور الأيام من عملها في بيع «الكبدة» حفزتها لاستكمال ما بدأته، نظرات بعض الزبائن من الرجال والشباب خاصة، لم تعير له بالًا، التزم الجميع منازله جراء قرارات الحظر لمواجهة الوباء ولم تجلس«هيام» يوما واحدا في بيتها، الأطباق والمقلاة والبوتجاز الكبير المتصاعد منهم بخار الطعام، تقضي بينهم ساعات يومها من الظهيرة حتى الليل، «الزباين بدأت تعرف المكان والطلبات زادت» ومن هنا اتخذت قرارًا بتخصيص وجبات يومية للجيش الأبيض في مستشفيات العزل بمحافظتها أسيوط.

وجبات صحية مجانا من «هيام» للجيش الأبيض في مستشفيات العزل بأسيوط

وجبات مصنوعة بـ«حب» مع اتباع كافة الإجراءات الاحترازية من تعقيم للمكان وارتداء للقفازات والكمامة الطبية، تعدها«هيام» بنفسها لأفراد الجيش الأبيض منذ الموجة الأولى من الوباء، اعتنت بطريقة الطهي الصحية واختيار عناصر غذائية محفزة للمناعة،«كل الأكل بيتعمل بطريقة صحية مشوي ومن غير دهون مع خضار وسلطة لرفع مناعتهم» رغبة منها في رد الجميل لهم واستغلالًا لمهنتها التي أحبتها.

عشرات الوجبات تخرج يوميا من محل «المهندسة هيام»- كما يحب أن يناديها والديها حتى الآن رغم تركها الهندسة- إلى مستشفى الصدر بأسيوط والأماكن المخصصة لعزل مصابي كورونا، تعدها وتنقلها إليهم بنفسها بسيارتها الخاصة رافضة أن يذهب أحد مساعديها إلى الوباء برجليه، حسب وصفها، حتى إذا جاء شهر رمضان الماضي خلال فترة الجائحة كانت حريصة رغم مشقة الصيام أن تستكمل مبادرتها لدعم الجيش الأبيض، ولاتزال متحمسة لتقديم الوجبات الشهية إلى الجيش الأبيض حتى الآن وبعد مرور عام كامل على الأزمة، «تعبانين مع الناس بقالهم شهور وحقهم علينا ندعمهم».