حادث أوجع القلوب وأثر فيها، راح ضحيته مريم محمد، المعروفة باسم "فتاة المعادي"، حينما كانت عائدة من عملها في أكتوبر الماضي، إذ تعرضت لعملية سرقة اصدمت خلالها بسيارة في الشارع، وسقطت أرضا حتى لفظت أنفاسها الأخيرة بعد نزيف استمر 30 دقيقة.

أثار الحادث الرأي العام، وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي، إلى دفاتر عزاء، ومطالبات بالقصاص من مرتكبي هذه الجريمة، وظلت صدى القصة عالقا في الصدور، التي أثلجتها محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، اليوم، بعدما قضت بإحالة أوراق المتهمين إلى فضيلة المفتي، وتحديد جلسة الأربعاء 30 ديسمبر المقبل للنطق بالحكم.

قصة فتاة المعادي

جريمة بشعة شهدها حي المعادي الراقي، في 16 أكتوبر الماضي، حيث تعرضت مريم محمد، المعروفة بـ"فتاة المعادي"، إلى عملية سرقة، لقيت بسببها مصرعها إثر ارتطام رأسها بسيارة في شارع 9 بالمعادي.

فيديو يوثق لحظات قبل الجريمة

ظهرت فتاة المعادي في الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع عبر السوشيال ميديا، تسير في جانب أحد الشوارع، قبل لحظات قليلة من تعرضها لمحاولة سرقة وعنف في شارع 9 بالمعادي، إذ حاول 3 رجال في سيارة ميكروباص سرقتها، وشدها من حقيبة الظهر التي كانت ترتديها، ما أدى إلى سقوطها أرضا، وارتطمت رأسها بسيارة كانت واقفة على جانب الطريق، حتى فارقت الحياة خلال 30 دقيقة.

فيديو من أمام منزل مريم، انفردت "الوطن" بأول فيديو "لايف" من أمام منزل فتاة المعادي بنفس المنطقة.

القبض على المتهمين

تمكنت قوات الأمن من ضبط 3 متهمين ضالعين في قتل ضحية المعادي، بينهم السائق الذي دهس الضحية، سابق اتهامهم في قضايا سرقة وخطف حقائب السيدات، وتم التحفظ عليهم، وأخطرت الجهات المختصة التي باشرت التحقيق.

مريم مع أسرتها

كانت مريم "عروسة" تنتظر حفل زفافها الشهر الجاري، لكن الحادث كان أسرع إليها، فتوفيت محدثة حالة كبيرة من السخط على حالات السرقة والعنف ضد النساء التي تحدث في الشوارع بشكل مستمر.

وكانت مريم بحسب أصدقائها بشوشة وطيبة القلب، وتضحك باستمرار، هادئة ومجتهدة في عملها، وكتبت إحدى صديقاتها على "فيسبوك": "مريم كانت زميلتي في المدرسة وفي الجامعة مريم كانت من أكتر الناس المحترمة اللي ممكن حد يتعامل معاهم، مريم كانت بشوشة، طيبة، قريبة من الله وتدخل قلب أي حد في ثانية".

وتابعت: "مريم ماتت بسبب شوية أشكال مش قادرة أقول حيوانات حتى لأن الحيوانات عندها قلب ورحمة عن الأشكال دي، مريم ماتت بسبب التحرش برضه مريم ماتت بسبب أن مفيش قانون يحمي البنت في مصر من التحرش".

واختتمت "الليثي": "أمال فين سيادة الشيخ عبدالله اللي بيقول إن لبس البنات هو السبب، المرة اللي جاية هتبقى أمك أو أختك أو بنتك خليك فاكر". 

دعم وحزن وتريند والمطالبة بإعدام المجرمين

آلاف التغريدات عبر من خلالها الرواد عبر "توتير"، على تعاطفهم مع فتاة المعادي، متبادلين التعليقات وتفاصيل الواقعة، وعلقت فتاة تدعى هبة، إحدى الرواد، قائلةً: "لم تمت فقط، لقد قُتلت لم تكن فقط منزعجة في الشارع، بل تعرضت للتحرش استخدم الكلمات الصحيحة، واعرف اسمها، ولا تتوقف عن الحديث عنه".

وقالت أخرى "النساء تتعرضن للمضايقات اللفظية كل يوم، من الممكن أن تكون أنت، يتم التحرش بالرجال والنساء كل يوم"، بهذه العبارة تضامنت إحدى الفتيات مع فتاة المعادي وما حدث معها، جراء تعرضها للسرقة، مضيفةً "فقد تكون أختك أو والدتك أو صديقك المقرب، لا يمكننا البقاء صامتين، لا يمكننا السماح بهذا التمرير، هذا ليس سخيفًا حسنًا، إعدام قاتلي مريم".

نجوم الوسط الفني يتضامنون مع مريم

العديد من نجوم ونجمات الفن أبدين تضامنهم مع واقعة فتاة المعادي، مطالبين بإعدام الجناة، كان أبرزهم الفنان محمد هنيدي والفنانة منة شلبي وإنجي علاء وأسماء جلال وغيرهم.

وعلق هنيدي على الحادث: "البنت الجميلة دي اسمها مريم محمد، كانت ماشية في أمان الله، جيه 3 كائنات ماينفعش نقول عليهم حتى حيوانات مفترسة، لإننا هنكون ظلمنا الحيوانات، وتحرشوا بيها، ولما حاولت تبعد عنهم تسببوا في وفاتها"، مختتمًا: "ربنا يرحمك ويصبر أهلك، وياريت الكائنات دي يتم توقيع أقصى عقوبة عليهم عشان يكونوا عبرة".

بيان النيابة العامة

قالت النيابة العامة في بيان سابق لها، إنها تباشر التحقيقات في حادث أودى بحياة فتاة بحي المعادي، حيث تلقت بلاغًا من غرفة عمليات النجدة بقسم شرطة المعادي، بوفاة المجني عليها "مريم" البالغة من العمر 24 عامًا بحي المعادي، وأنَّ شاهدًا قد أبلغ الشرطة برؤيته سيارة (ميكروباص بيضاء اللون) يستقلُّها اثنان، انتزع مُرافِق سائقِها حقيبةَ المجني عليها منها، ما أدى إلى اصطدامها بسيارة متوقفة ومن ثَمَّ وفاتها.

وأضاف البيان أن "النيابة العامة" انتقلت لمناظرة جثمان المجني عليها وتبينت إصابتها بأنحاء متفرقة من جسمها، كما انتقلت لمعاينة مسرح الحدث بصحبةِ ضُبَّاط "الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية"، فتبينت آثار دماء ملطخة بالرمال على مقربة من إحدى السيارات، فأخذت عينات منها، وكلَّفتْ ضباطَ الإدارة بمضاهاتها بعينة دماء المجني عليها.

وتمكنت "النيابة العامة" من الحصول على 5 مقاطع مرئية من آلات المراقبة المُطلَّة علي موقع الحادث، والتي تبيَّن منها مرورُ السيارة التي استقلها المتهمان بسرعةٍ فائقة.

وسألت "النيابة العامة" شاهدًا رأى المجني عليها في صحبة أخرى تتحدثان بالقرب من السيارة التي عثرت "النيابة العامة" على آثارٍ دمويَّةٍ بالقرب منها، وخلال توقفهما اقتربت سيارة ميكروباص بيضاء اللون مطموس بيانات لوحتها المعدنية الخلفية، يستقلها اثنان أدلى بمواصفاتهما، حيث انتزع مرافق سائقها حقيبة المجني عليها التي كانت ترتديها على ظهرها، وتشبث بها خلال تحرك السيارة ممَّا أخلَّ بتوازن المجني عليها، فارتطم رأسُها بمقدمة السيارة التي كانت تتوقف بجوارها، وفرَّ الجانيان بالحقيبة، بينما ابتعدت الفتاة التي كانت بصحبة المجني خوفًا أثناء وقوع الحادث، وأضاف بأن المجني عليها قد مكثت قرابة 30 دقيقة بمكان الحادث حتى قدوم سيارة الإسعاف، ثم فارقت الحياة.

اعترافات المتهمين في واقعة فتاة المعادي

قال المتهمون إنهم يمارسون نشاط السرقة منذ فترة، ولم يقصدوا قتل تلك الفتاة: "كنا بنسرق على طول لكن الموضوع كبر مننا"، وأشار المتهم الأول، إلى أن المعادي منطقة عملهم في السرقة، ويوم الواقعة قرروا النزول الي المعادي لسرقة حقيبة يد لشراء مواد مخدرة.

وأوضح المتهم، أنهم ذهبوا إلى شارع 9 والانتظار كثيرا حتى يتم معاينة وتحديد الفتاة التي سوف يسرقونها، إلى أن شاهدوا المجني عليها خارجة من أحد المطاعم الكبيرة في المنطقة والمشهور عنها ارتفاع أسعارها، وقرروا سرقة تلك الفتاة وتم تتبعها بواسطة السيارة، حتى اقتربوا منها وقام المتهم الثاني بخطف حقيبة يدها، لكنها تمسكت بها حتي ارطمت بسيارة أخرى كانت متوقفة ثم سقطت على الأرض، ولاذوا بالفرار.

أحد المتهمين يروي كواليس الواقعة: "وقعت على الأرض وكانت تعاني من كدمات"، مضيفا أنهم اعتقدوا أنها لم يحدث لها شيء سوى كدمات، وفي الساعات الأولى من صباح اليوم التالي وجدوا الفيسبوك يتحدث عن فتاه توفيت أثناء التحرش بها، وفي البداية اعتقدوا أنها فتاة أخرى، لكن بعد تدوال الأخبار بأنها في شارع 9، بدلأ القلق يدخل قلوبهم.

وأضاف أنه بعد نشر بعض المواقع أن 3 شباب يستقلون سيارة ملاكي، تأكدوا أنه لم يشاهدهم لأحدا ، ومع انتشار الأخبار حتى أصبحت حديث التليفزيون، قرروا الهرب من المنطقة، والاختفاء في محافظة الجيزة، وظلوا يتتبعون اللأخبار من لأحد اللأشخاص بالمنطقة حتى علم بالقبض على زميلهم، وبعدها بـ3 ساعات وجدا المباحث تلقي القبض عليهما.

دفن جثمان "فتاة المعادي" بمقابر أسرتها في بلبيس

وكان الأهالي قد أنهوا، مراسم دفن مريم، بمقابر الأسرة بمدينة بلبيس، وخيّم الحزن على جميع المشيعين، فيما انخرطن السيدات في البكاء وسط ترديد عبارات الدعاء المتوفية بأن يرحمها الله عز وجل ويسكنها فسيح جناته، وأن يلهم أسرتها الصبر والسلوان، بالإضافة إلى ترديد عبارات "في الجنة يا مريم.. مع السلامة يا حبيبتي". 

إحالة أوراق المتهمين للمفتي

قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، محاكمة المتهمين بقتل المجني عليها "مريم محمد" المعروفة بـ"فتاة المعادي"، بإحالة أوراق كل من المتهمين الأول والثاني إلى فضيلة المفتي، وتحديد جلسة الأربعاء 30 ديسمبر المقبل للنطق بالحكم.

صدَر القرار برئاسة المستشار وجيه حمزة شقوير، وعضوية كل من المستشار مجدي عبدالحميد، والمستشار أشرف عبدالوهاب.

وأمر المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، بإحالة 3 متهمين محبوسين إلى محكمة الجنايات، لاتهام اثنين منهم بقتل المجني عليها "مريم" عمدًا بحي المعادي يوم 13 أكتوبر الماضي، حيث اندفع أحدهما تجاهها قائدًا سيارة بالطريق العام، ولما اقترب منها انتزع الآخر حقيبة من على ظهرها حاولت المجني عليها التشبث بها، فصدماها بسيارة متوقفة بالطريق ودهساها أسفل عجلات السيارة التي يستقلانها.