كتب: غادة شعبان -
05:58 م | الخميس 10 سبتمبر 2020
لم تهب الموقف، سبقتها عاطفتها وأمومتها التي ترسخت بها تجاه من يقابلها، وكأنه واحد من أبنائها، فحينما وجدت الشاب في مأزق لم تتردد في الوقوف بجانبه، إذ وجدت السيدة صفية إبراهيم، في الخمسينيات من عمرها، ابنة مدينة المحلة الكبرى، نفسها تقف أمام كمسري القطار رقم 948 المتجه من المنصورة إلى القاهرة، بعد أن دخل في مشادة كلامية وصلت حد التطاول، لتدفع ثمن التذكرة التي تبلغ قيمتها 22 جنيها.
روت السيدة صفية إبراهيم، والمعروفة إعلاميًا باسم"سيدة القطار"، كواليس الواقعة وتفاصيل مكالمتها مع وزير الدفاع، خلال حديثها لـ"الوطن".
"مكنتش عارفة حوار التذكرة، لقيت الكمسري بيقوله هسلمك يلا انزل"، بهذه العبارة بدأت السيدة الخمسينية حديثها، كاشفة كواليس واقعة القطار، مضيفة"أول ما لقيت الصوت عالي انتبهت للحوار، وعرفت إنه على التذكرة اللي قيمتها 22.5، وقتها محستش غير وأنا واقفة قدام الكمسري وبقول للشاب مش هتنزل".
غلبت عاطفة الأمومة التي توجد بداخل السيدة عليها، إذ رددت عبارة "اقعد يا ابني أنا عندي 3 صبيان زيك، قلبي وجعني عليه قولتله مش هتنزل، وطلعت الفلوس ودفعتها".
دخلت "سيدة القطار"، في نوبة بكاء شديدة حينما وجدت الشاب في هذا الموقف، إذ تذكرت أولادها الثلاثة، وخشيت أن يقع أحدهم في موقف مثله، "تخيلت ابني في يوم من الأيام ممكن يقف الوقفة دي، ولو أي حد تاني كنت عملت أكثر من كدة، أنا اتصرفت كأم".
وعن كواليس تواجدها بالقطار، قالت السيدة، "كنت في طريقي لحضور حفل زفاف ابنة شقيقتي في مدينة بركة السبع، بمحافظة المنوفية".
انتقدت السيدة الخمسينية موقف الكمسري تجاه الشاب، حيث قلل من ذاته، وكان بإمكانه تأدية وظيفته ولكن بأسلوب هادئ، "لو كان عاملة زي ابنه واتحمل هو المبلغ كانت الناس كلها أشادت بيه، حتى لو هياخد جزاء فيها".
"البدلة الميري مينفعشي تتشد ولا تتهان ولو كان طلب ألف جنيه كنت دفعتهم"، بهذه العبارة واصلت السيدة صفية حديثها، قائلةً "ده عسكري بيدافع عن حياتنا كلنا.. الموقف زعلني جدًا، وماسك إيده على كتفه، وميعرفش هيرجع لأهله تاني ولا لا".
لم يدر أي حوار بين السيدة والشاب بعد انتهاء الموقف، سوا بكلمات قليلة، حينما التفت ووجدها قد أجهشت في البكاء، وحينها وجه لها سؤالًا "مالك يا أمي.. قولتله صعبت عليا".
وعن ردود الأفعال عبر وسائل السوشيال ميديا عقب تداول مقطع الفيديو المصور للواقعة، قالت "دي أبسط حاجة أعملها، أنا شايفة إنكوا كبرتوا الموضوع وهو بسيط".
تلقت السيدة الخمسينية، اتصالا هانفيًا من وزير الدفاع، ليثني على موقفها البطولي الذي ربما لم يأخذه أي رجل ممن كانوا في محيط الواقعة، "الوزير كلمني بنفسه ومكنتش مصدقة، هو راجل في قمة الأخلاق والذوق والتواضع، وتحدثنا على موقفي مع الشاب والكمسري، وبلغني بإنهم هيكرموني يوم السبت".
وعن قرار الفريق كامل الوزير وزير النقل، الذي أعلن اعتذاره وتحويل "الكمسارية" المتجاوزين في حق أحد الركاب للتحقيق الفوري ووقفهما عن العمل، قالت "مشوفتش القرارات، ولو كان الوزير شايف إن الكمسري على صواب مكنش حوله للتحقيق، قلبي بيوجعني كل ما أفتكر الموقف".