كتب: وكالات -
10:23 م | الثلاثاء 21 يوليو 2020
قد لا تنجو سيدة من فتح الشهية خلال فترة الحمل وتحديدًا نحو أطعمة بعينها والتي يصفها البعض بـ "وحم الحمل" كتناول المثلجات أو المُخللات أو الدجاج المقلي لها والشوكولاتة، وربما لا يقتصر هذا الجوع الشديد لأطعمة بعينها على النسوة في فترة الحمل، بل قد يشعر البعض منّا به كذلك.
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، فإنه يُتوقع في غالب الأحيان أن يكون السبب في اشتهاء النساء الحوامل أحيانا لتناول بعض الأطعمة، هو رغبتهن في تلبية بعض الاحتياجات الغذائية لهن أو لأجنتهن.
وكشف الباحثون عن أن تلك الشهية لا توجد بالضرورة في كل الثقافات، كما أن طبيعة ما تشتهيه المرأة الحامل، في ثقافات الدول غير الناطقة بالإنجليزية؛ من تلك التي قالت فيها النساء إنهن يَخْبُرن هذا الشعور أحيانا، تختلف بشكل كبير، عما تشتهيه نظيراتهن في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على سبيل المثال، ففي اليابان، مثلا، شكّل الأرز الوجبة التي قالت النساء الحوامل في المعتاد، إنهن يَتُقنّ إليها أكثر من غيرها، وفقا لدراسات علمية أُجريت في هذا الشأن.
وأُجريت دراسات لتحديد ما إذا كانت الأطعمة، التي تُشتهى عادة خلال فترة الحمل، تحتوي على عناصر غذائية مفيدة بشكل خاص للحوامل، من عدمه، وأظهرت هذه الأبحاث أن تلك المواد الغذائية، لا تحتوي على أي مواد مفيدة في هذا الشأن، على الإطلاق.
وتبين وفقا للدراسة أن النسوة اللواتي قلن إن هذا الشعور راودهن أثناء الحمل، نزعن لاكتساب وزن زائد في تلك الفترة، ما جعلهن يتجاوزن ما يُعد – بوجه عام – مستوى صحيا من الوزن خلالها، وقد يزيد ذلك بالتبعية، احتمالات حدوث مشكلات صحية، لهن خلال شهور الحمل.
وبحسب جوليا هورمز، الأستاذة الجامعية في علم النفس في الولايات المتحدة، والتي تجري دراسات بشأن الرغبة الشديدة التي تراود الناس في تناول أطعمة محددة في سياقات مختلفة، بأنه قد يكون الشعور باشتهاء الطعام ذا أسباب نفسية، أو مرتبطا بالثقافة السائدة في هذا المجتمع أو ذاك .
وتقول هورمز إن هذه الدراسات تلقي الضوء على بعض المعلومات المتعلقة بهذا الأمر، مثل ما قالته نصف النساء الأمريكيات تقريبا، من أنهن يشتهين أكل الشوكولاتة خلال الأسبوع السابق لموعد دورتهن الشهرية، وقد أجرى الباحثون دراسات لتحديد ما إذا كان هذا الشعور ناجما عن احتواء هذا النوع من الحلوى، على عناصر غذائية مهمة للنسوة في فترة الحيض، أم أنه مرتبط بالتغيرات التي تطرأ على هرموناتهن خلال هذه الفترة.
وفي إحدى التجارب التي أُجريت في هذا الصدد، أعطى أحد علماء النفس النسوة اللواتي يشكلن عينة الدراسة، علباً تحتوي على أنواع مختلفة من المواد الغذائية الحلوة المذاق، وطلب من كل منهن فتح هذه العلب، حينما يشعرن بالرغبة الشديدة في تناول شيء ما.
في بعض العلب، وُضِعَت ألواح شوكولاتة بالحليب، تحتوي على كل العناصر المغذية التي توجد في الشوكولاتة، وتمتاز بأن قوامها يذوب في الفم، وفي القسم الثاني من العلب، وُجِدَت ألواح من الشوكولاتة البيضاء، التي تتميز بدورها بقوامها اللطيف الشهي، لكنها تفتقر لمادة الكاكاو الصلبة، التي تُكسب الشوكولاتة الداكنة والشوكولاتة بالحليب لونهما البني.
أما القسم الثالث، فوُضِعَ فيه حبوب الكاكاو، التي تحتوي على كل المواد المُغذية الموجودة في مادة الكاكاو الصلبة، لكن تناولها لا يعطي المرء الإحساس بأنه يلتهم قطعة شوكولاتة، بأي شكل من الأشكال.
وأظهرت الدراسة أن الشوكولاتة البيضاء، كانت الأكثر فاعلية في إرضاء شعور النسوة بالرغبة الشديدة في تناول الطعام، ويعني ذلك بالتبعية أن اشتهاء التهام هذا النوع من المواد الغذائية، لم يكن ناجما عن احتوائه على مواد مُغذية من عدمه، إذ أن النسوة لم يفضلن حبوب الكاكاو، رغم أنها مفيدة بشكل أكبر، في هذا الشأن.
وقد أظهرت دراسات أخرى عدم وجود أي صلة بين الشعور بالتوق لتناول الشوكولاتة، ومستوى الهرمونات في الجسم، فبحسب ما توضح هورمز، تواصل النساء القول إنهن يشتهين الشوكولاتة، حتى بعد وصولهن للفترة التي ينقطع عنهن فيها الطمث، لكنهن في هذه الحالة، يُرجعن حدوث ذلك لأسباب أخرى، لا تتعلق بالحمل أو بتغير مستوى الهرمونات.
وتشير نتائج دراسات مثل هذه، إلى أن هناك أسبابا نفسية أو ثقافية، تقف وراء الشعور بالرغبة الشديدة في تناول طعام بعينه، فاشتهاء التهام كعكة بالزبد أو لوح من الشوكولاتة أو بطاطس مقلية، ربما يبدأ في ذهن المرء كخاطرة تراوده، قبل أن تتزايد حدتها شيئا فشيئا، لتصبح هوسا يصعب عليه مقاومته.
وتقول هورمز: "ثمة ازدواجية وتناقض بعينهما هنا. فتناول الشوكولاتة مثلا ممتع في حد ذاته، لكن المرء يعيش في سياق ثقافي يقول له إنه لا يتعين عليه التهام هذا النوع من المواد الغذائية. وهكذا؛ يجد الإنسان نفسه في موقف يريد فيه شيئا بحق، لكنه يعلم في الوقت ذاته، أنه لا يجب عليه تناوله".
بجانب ذلك، فإنك إذا فرضت قيودا لبعض الوقت على تناولك طعاما بعينه، ووضعت في ذهنك فكرة أنه من المحظور عليك التهامه، سيكون من العسير عليك بشدة، أن تكبح جماح نفسك فور عودتك لتناوله مرة أخرى. ويفسر ذلك السبب، في أنك عادة ما تندفع لالتهام عدة قطع من الكعك، إذ تناولت قطعة واحدة منه، بدلا من أن تشعر بالرضا والاكتفاء بما حصلت عليه منه بالفعل.
ويُذكِرنّا ذلك بأن بعض النسوة يفرضن قيودا على تناولهن أطعمة معينة خلال فترة الحمل، إما من أجل الالتزام بنظام غذاء صحي، وإما استجابة لنصائح الأطباء.
وتؤدي كل العوامل السابقة - على الأقل في بعض بقاع العالم - إلى حدوث وضع، يزداد فيه الإحساس بالرغبة الشديدة في التهام بعض الأطعمة، ليصل إلى حد تصعب مقاومته، وهو ما يؤدي في الأغلب، إلى اكتساب الوزن بطريقة مفرطة.