رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

"قلب الأم غلب كورونا".. صابرين دعمت ابنتها طالبة الثانوية من سرير العزل

كتب: سمر صالح -

10:43 م | الأحد 21 يونيو 2020

الممرضة وابنتها تسنيم- صورة تعبيرية

منذ مطلع مايو الماضي، حولت تسنيم غرفتها إلى معسكر مغلق ممتلئ بالكتب والأوراق المتناثرة يمينًا ويسارًا في كل جانب، استعدادًا لانطلاق ماراثون الثانوية العامة، وبدأ العد التنازلي للتجربة التي تفصلها خطوات قليلة عن حلم الالتحاق بكلية الألسن.

وعزمت "تسنيم" النية على أن تسعد والدها المريض ووالدتها التي تحارب فيروس كورونا منذ مارس الماضي بين صفوف الجيش الأبيض، لذا لم تقصر يومًا في المذاكرة.

وبينما اعتمدت الوزارة جدول الامتحانات، وهيأت الفتاة نفسها للمواجهة صفعها خبر إصابة والدتها بفيروس كورونا، فانقلبت الدنيا رأسًَا على عقب، وباتت محاصرة بين رُحى الخوف عليها ومواجهة رهبة الثانوية العامة وحدها.

بعد يوم شاق من العمل في مستشفى الساحل بمنطقة شبرا، قبل أن تتحول إلى مستشفى لاستقبال مصابي كورونا، داهم جسد صابرين سيد، الممرضة بقسم النساء والتوليد بالمستشفى أعراض الفيروس، شعرت بآلام بالجسم، وارتفعت حرارتها، ولم تتوقع أن سبب ذلك إصابتها بكورونا لعدم تعاملها مع حالات إيجابية.

لكن، ومن أجل الاحتياط، عزلت نفسها في غرفة بالمنزل، تناولت المسكنات وأدوية خافضة للحرارة، ولكن دون جدوى، حتى اشتد عليها التعب وبادرت بالاتصال على الرقم (105) المخصص من وزارة الصحة للإبلاغ عن حالات الإصابات بالفيروس المستجد،"عملت المسحة وطلعت النتيجة إيجابية، ومن وقتها باخد العلاج وملتزمة بالعزل المنزلي"، تقول الممرضة صابرين في بداية حديثها لـ"الوطن".

صابرين: اكتشفت إصابتي من 7 مايو وزادت حالتي في العلاج المنزلي ونُقلت للمستشفى

بعد نحو أسبوع من العزل المنزلي وتناول أدوية بروتوكول وزارة الصحة المخصص لعلاج مصابي كورونا ساءت حالة الممرضة البالغة من العمر 49 عامًا، تحاملت على نفسها وكتمت أنين التعب مرات عديدة حتى لا تشعر ابنتها تسنيم بارتباك يؤثر على مذاكرتها واستعدادها لامتحانات الثانوية العامة، غير أن طاقة الأم لم تحتمل الصمت أكثر من ذلك،"ابني الكبير متجوز وعايش في بيت تاني، كلمته قولتله التعب بيزيد عليا، وبدأنا نتواصل مع رقم (105) تاني عشان أتحجز في مستشفى".

لم يكن أمام طالبة الشعبة الأدبية، إلا الصمود وإظهار القوة أمام والدتها، تسترق من وقتها الممتلئ بالمهام الكثيرة وحصص المراجعات اليومية عبر الإنترنت مع مُعلميها، دقائق لتطمئن على أمها المعزولة، وتضع لها الطعام وتتواصل معها عبر الإنترنت من غرفتها طوال اليوم، بينما انشغل اخوتها بالتواصل مع الرقم (105) والمعارف من حولهم لإيجاد مستشفى في أقرب وقت، حتى جاءتهم مكالمة هاتفية تخبرهم بإمكانية حجزها بمستشفى النجيلة بمحافظة مرسى مطروح، "المكان كان بعيد أوي، وخوفت أروح وأبعد عن ولادي، وبنتي اللي داخلة على امتحانات ثانوية عامة، وعايزة أكون قريبة منها"، بحسب وصف الممرضة الأم.

الأم: كنت بكلمها كل يوم من المستشفى أطمن عليها

بعد محاولات أيام، حٌجزت صابرين في مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر لتتلقى العلاج اللازم هناك، بعد أن فشل العزل المنزلي مع حالتها.

ولم تتحسن حالتها بسرعة، وقضت عشرين يومًا تعاني من ضيق في التنفس، ما أجبر الأطباء على وضعها تحت جهاز التنفس الصناعي، مرت خلالها الساعات بطيئة وموحشة على الأبناء الثلاثة، خاصة طالبة الثانوية العامة التي اعتادت تلقي الدعم المعنوي من والدتها كل ليلة امتحان، تحضر لها الطعام والعصير إلى غرفتها، غير أن "اخواتها كانوا بيحاولوا يطمنوها، بيجيبوا ليها الملازم عشان متنزلش من البيت وتركز في مذاكرتها".

ورغم تشديد الأطباء على ممرضة مستشفى الساحل بشبرا، بتقليل الكلام الذي يضر بجهازها التنفسي، إلا أن عاطفة الأم غلبت آلام كورونا، لم تترك يومًا يمر خلال فترة علاجها التي امتدت نحو 28 يومًا، إلا واطمأنت فيه على أسرتها وتابعت ابنتها تسنيم، بل وأخفت عليها أوجاعها ودعمتها نفسيًا، الأمر نفسه حرصت عليه طالبة الشعبة الأدبية،"كانت طول الوقت تقولي متقلقيش عليا يا ماما، أنا كويسة، وبذاكر كويس".

بعد رحلة علاج طويلة وليال مرت ساعاتها كالدهر على أسرة صابرين، شاء القدر أن يمسح لها الأطباء بالخروج ليلة امتحانات الثانوية العامة، ليبنض قلب ابنتها تسنيم فرحًا بعودتها إلى البيت بعد أن انتصرت على الفيروس المستجد.

أغدقت صابرين في ليلة الامتحان الأول على ابنتها كل مشاعر الحب التي طمأنتها وشدت من أزرها، وفور إعلان موعد انتهاء اللجنة اتصلت بها، "أول ما خرجت من اللجنة كلمتها عشان أطمن عليها والحمدلله كانت مبسوطة، وعدى اليوم الأول على خير رغم صعوبة الفترة الأخيرة"، بحسب رواية الأم المتعافية.