رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

زوجها خانها فهربت للرصيف.. "فتحية": شوفته بعيني وماقدرتش اتكلم

كتب: هبة حسنين -

08:41 ص | الإثنين 16 مارس 2020

فتحية

في العقار رقم 1 بشارع محمد فرج الششتاوي، المتفرع من شارع الرشاح ببولاق الدكرور، ترقد فتحية محمد، 75 عاما، داخل دار "روضة الحبيب للرعاية الإنسانية"، فاقدة القدرة على الحركة، لإصابتها بقروح شديدة تغطي جسدها بالكامل، إضافة إلى عدة أمراض مزمنة كالسكري والضغط، وكسر في ذراعها اليمنى، جراء العيش في الشارع لفترة طويلة.

خلف باب في آخر ممر صغير، تنام "فتحية" على مرتبة طبية ذات بروز، عيناها معلقتان على السقف بينما يداها لا تتوقفان عن الحركة.

مرة تسحب البطانية حتى عنقها وكأن لفحة برد طالتها داخل الغرفة، ومرة ترفعها وتمسح حبات عرق على جبينها، شعور غريب بالبرد والحر في الوقت نفسه، وكأنها تشعر باختناق يجعلها غير قادرة حتى على الكلام.

شردت "فتحية" في ماضٍ قريب تحاول أن تنساه، وبكلمات مقتضبة روت كيف تبدل حالها من "سيدة منزل" ترعى زوجها وأبناءها فى منزل صغير بالإسكندرية، إلى مشردة على رصيف السيدة نفيسة بالقاهرة، تشحذ لقمتها من الركض وراء أصحاب النذور.. وما بين الحالين قصص كثيرة ورجال كثيرون تُحملهم مسؤولية ما حدث لها.

"أنا اللي زهقت وسبت البيت، جوزي عمل غلطة كبيرة قوي ماقدرتش أسامحه عليها، شفته بعيني بيخوني، لساني نشف ماقدرتش اتكلم ولا اتحرك كأني مشلولة"، تحكي "فتحية" عن زوجها الأخير.

رجل مسن كانت تظن أنها ستعيش في كنفه ما تبقى من عمرها، لامها أبناءها الكبار على الزواج في سن كبيرة، لكنها أصرت على إتمام الخطوة ربما تنجو من آلامها وأحزانها وهي معه: "الناس لاموني قالولي ده راجل كبير مش قد الجواز، طلع مقطع السمكة وديلها، سبته له البيت وخدت معايا شنطة بلاستيك فيها 13 ألف جنيه، فلوس جمعيتي اللي قبضتها، اتنقلت من رصيف للتاني والشنطة البلاستيك مابتفرقش إيدي، لحد ما في يوم صحيت ملقتش الشنطة، مشيت أصرخ في الشارع زي المجنونة، الظابط ماصدقش أن معايا الفلوس دي كلها، فكرني مجنونة وقالي بطلي يا ست أنتي بدل ما أمشيكي من المنطقة خالص".

التزمت فتحية صمتا طويلا، خارت قواها على الرصيف، تكوم لحمها كجبل رمال، ومع ارتفاع حرارة الجو التصق جلدها بالأرض، وأصبحت مصدر قلق وإزعاج استدعى اتصال أحد رواد مسجد السيدة نفيسة بوحدة الإنقاذ السريع التابعة لوزارة التضامن وعلى الفور جرى نقلها إلى دار الرعاية.

امرأة مسنة منهكة القوى، تدخل الدار محمولة على أيدى ثلاث رجال، جسدها واهي ولحمها مترامي على الكرسى المتحرك، شعرها أشيب مجعد ومقلتاها منتفختان من طول البكاء، هكذا كانت هيئة "فتحية" عندما دخلت الدار، استقبلتها دعاء خالد، الأخصائية الاجتماعية بالدار، وبذلت معها جهداً كبيراً حتى تعرف قصة حياتها وسبب نومها فى الشارع: "هي مشكلتها مع أزواجها، اتجوزت كتير، وعانت مع كل واحد فيهم من مشكلات كتير، مرة اتجوزت عراقي وسافرت معاها، ومرة اتجوزت واحد من دين غير دينها وماكملتش معاه، وآخر مرة اتجوزت واحد كبير في السن ولما خانها سابت له البيت ومشيت".

هاتف صغير كان بحوزتها، قاد فريق البحث داخل الدار إلى التعرف عليها: "لقينا معاها تليفون مكسر، فكرناه لعبة أو عِدة مش شغالة، ولما حطناه على الشاحن اشتغل وظهر لنا آخر أرقام هي اتصلت بيها، وكان من بينهم ابنها".

وبحسب رواية "دعاء"، لدى "ماما فتحية" كما تلقبها، 3 أبناء اثنان يعيشان في الإسكندرية والثالث يعمل ويعيش في القاهرة: "بعد ما تواصلنا معاهم عرفناهم إن والدتهم عندنا في الدار، قالوا لنا إنهم بقالهم فترة بيدوروا عليها، لكن حتى الآن محدش جه زارها ولا حتى عرض إنه ياخدها عنده".