رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

الإبهام الكبير.. متلازمة "روبينشتاين" تصاحب "حبيبة" منذ ولادتها

كتب: آية المليجى -

12:21 ص | السبت 23 نوفمبر 2019

الطفلة حبيبة

مجموعة من المشاعر المختلطة سيطرت على "أمنية زكريا"، طيلة أشهر الحمل، خاصة بعدما علمت بأن جنينها مصاب بتشوه خلقي، ارتضت بقضاء الله رافضة أي أحاديث حول الإجهاض، ظلت منتظرة مجيئها بسلام حتى وضعتها ولاحظت كبر حجم أصبع الإبهام لديها، اعتقدت بأن التشوه أخذ مكانه في أصبعها، غير مدركة بأنه علامة مميزة لأصحاب المرض النادر متلازمة روبينشتاين، الذى أحدث تأخرا ذهنيا بالطفلة الصغيرة.

مرت أشهر على ميلاد الرضيعة "حبيبة" زادت من فرحة الأم، فهي حبيبة الروح ومسكن الفؤاد، الذى بدأ القلق يتسرب إليه، لاتها لم تنتبه لأى مؤثرات خارجية، وجه ملائكي خال من أي تعبيرات، وكأنها فضلت العيش في عزلة عن العالم الخارجي.

قصدت "أمنية" أحد الأطباء ليلقي في وجهها صدمة أفقدتها السيطرة على مشاعرها، فرضيعتها مصابة بثقب في القلب، وفاقدة لجميع الحواس ولا يمكنها مواصلة الحياة أكثر من 4 أعوام، هكذا أخبرها الطبيب.

حسرة وخوف من فقدان حياة رضيعتها التي أصرت على منحها فرصة الخروج من رحمها بأمان، رفضت حديث الطبيب وقصدت مراكز طبية متعددة، لكن النتيجة كانت واحدة، الحيرة التي انتابت الأطباء في تفسير الحالة الصحية للطفلة، فلا أشعات أو تحاليل تمكنت من الوصول لحل اللغز، الرحلة المزعجة استمرت 4 أعوام كاملة دون تقدم في حالة "حبيبة" التي بدت عليها ملامح التأخر الذهني، فقررت والدتها الذهاب بها لجلسات تنمية المهارات الأساسية.

وعلى مدار عام كامل احتضنت الأم صغيرتها، تعلمت خلالها المهارات الأساسية، ففي عمر الثالثة خطت الصغيرة أولى خطواتها، وبعد جلسات التخاطب، استمعت الأم الثلاثينية للمرة الأولى الكلمة التي طال انتظارها: "أول مرة تقول لي ماما.. كان عندها 5 سنين كأني ساعتها ملكت الدنيا كلها".

الأم: الأطباء قالولي بنتك عندها مرض نادر ملوش علاج

قصدت الأم المركز القومي للبحوث، الذى طلب من الأم إجراء تحليل للكروموسومات على الطفلة، تجمع الأطباء حول النتيجة التي رسمت على وجوههم الغرابة والتحديق بسبب زيادة حجم أصبع الإبهام، حتى حمل أحد الأطباء النتيجة النهائية بأن صغيرتها حاملة لمرض نادر يدعى متلازمة روبينشتاين: "قالولي بنتك عندها مرض نادر ملوش علاج".

الطبيعة النادرة التي يتسم بها المرض جعلته غير معلوم بالنسبة للكثيرين، ما دفع "أمنية" لتدشين صفحة عبر "فيس بوك" تحمل اسمه، للتوعية به ونشر آخر الأبحاث العلمية حوله.

بلغت "حبيبة" عامها التاسع لكن من الناحية الإدراكية والذهنية فهي ما زالت طفلة لم تبلغ عامها الثالث بعد، تساعدها جلسات التخاطب وتنمية المهارات في اكتساب أمور جديدة، فهي قادرة على تدبير أمورها الأساسية، والتحقت بإحدى مدارس التربية الفكرية، بعدما تجاوزت اختبارات الذكاء بنسبة بلغت الـ50%: "مكنتش أتخيل توصل للمستوى ده.. إنجاز وفرحة كبيرة بالنسبة لي".

تميز الطفلة بالحيوية والحركة جعل الأم تفكر في تكرار الإنجاب للمرة الثالثة، فـ"حبيبة" هي الطفلة الثانية، خاصة بعدما نصحتها طبيبة بضرورة الإنجاب حتى تكبر ابنتها في رعاية أشقائها، وبالفعل وضعت "أمنية" صغيرتها الثالثة: "حبيبة عارفة أخواتها.. بتحبهم وبيلعبوا مع بعض.. ربنا مراضينى فيهم".

حياة مليئة بالحب تعيشها الأسرة الصغيرة، لم يعكر صفوها سوى أحاديث تحمل التنمر والسخرية من الطفلة الملائكية، المعاناة التي تواجهها "أمنية"، تحاول الابتعاد عن كل ما يؤلم طفلتها نفسياً: "الناس بيؤذونا بالكلام.. بقيت خايفة عليها تكبر"، تحاول الأم تفريغ الآلام النفسية التي تلحق بها في قصائد شعرية عبرت من خلالها عن حبها لطفلتها الملائكية: "حبيبة نفخ الخالق روحها بأحشائي وبدأت معها تزداد دعواتي يوما بعد يوم أتخيلها أمامي ترافقن تدللني تواسى آلامي طفلتي المدللة تلهو ترقص ولا تبالي".