كتب: سارة فرنسيس -
07:29 ص | الثلاثاء 10 سبتمبر 2019
"فستان وميك آب وفرحة لكل بنت"، خاطرة طرأت على عقلها الشاب، قبل خمس سنوات، عندما كانت متطوعة في إحدى المناطق الفقيرة وكانت تفرز ملابس المتبرعين ووقع بين يديها فستان زفاف، حتى تحولت الخاطرة لحلم، قضت شيماء عبده، طالبة ماجستير العلوم الإنسانية قسم علم النفس، ثلاث سنوات تبحث عن طريقة تنقله لأرض الواقع فيمكنها توفير فستان زفاف بسعر رمزي أو بصورة مجانية لغير القادرات وتكفل لكل فتاة حقها في الفرحة في يوم زفافها بما يجعله "ليلة العمر".
بين البحث عن جمعية خيرية تتبنى الفكرة، ومحاولة تنفيذها "في البيت" أو من خلال الكتابة عنها على مواقع التواصل، حاولت "شيماء" أن تنقل فكرتها إلى حيث يمكنها أن ترى الضوء، فأطلقت، قبل حوالي ثلاث سنوات، فعالية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تحت عنوان "هتتجوزيه يعني هتتجوزيه"، لترسل لكل فتاة رسالة، من خلال الفعالية، بأنها قادرة على أن تتزوج من تحب دون أن تحول المقدرة المادية المحدودة دون فرحتها، فتروي شيماء، لـ"الوطن"، "عشان أي بنت تتجوز كان لازم بنت تانية تتبرع بفستان جميل".
بعد نجاح الفعالية الأولى، وجدت شيماء أن هناك إقبالا من بعض الفتيات على التبرع بفساتينهن لأخريات، إلا أن عدم وجود مكان يمكنها حفظ الملابس فيه لحين وصولها لأصحابها، كانت مشكلة واجهتها حتى قررت أن يكون هذا المكان هو غرفتها، فيما تصفه بـ"الفساتين كانت على السرير وكنت بنام على الأرض".
شغف بمبادرتها غير الربحية، لمسه فيها جميع المحيطين، ليحاول كل منهم مساعدتها بقدر المستطاع لتأسيس مبادرة "حكاية فرح"، التي كانت تحلم بها ولكن دون رأس مال كاف لتحقيق الحلم، فتبرع لها أحد أقاربها بملغ 200 جنيه، قبل عامين، واشترت فتاة فستان بمبلغ مخفض، 300 جنيه، فوجدت شيماء أنها تملك رأس مال متواضع جدا إلا أنه من الممكن أن يشتري فستان آخر ويسعد فتاة أخرى، حتى أخبرها خالها بأنه على استعداد أن تستضيف شقته بمدينة السلام مشروعها، بصورة مجانية، فانتقلت إلى الشقة لتحولها في خلال أيام إلى أتيليه صغير مجهز لاستضافة العرائس حيث يمكنهم قياس الفساتين واستلامها، فذهبت بالمبلغ الذي تملكه إلى أحد محال فساتين الزفاف لتخبره بقصة المبادرة التي تحمس لها جدا وقرر أن يبيع لها 5 فساتين مقابل المبلغ الصغير الذي تملكه.
بدأت شيماء صفحتها على "فيسبوك"، قبل عامين، تحت عنوان "حكاية فرح"، حيث أعلنت أن شروط التبرع بفساتين من أنه "لازم يكون شيك وستايله جديد ومناسب إن بنت تلبسه"، فحرصت على التأكد من سلامة الفساتين وموافقتها لموضة العام بحيث لا تشعر العروسة غير القادرة بأن "فرحتها أقل"، وأوضحت شيماء منذ اليوم الأول حرصها على خصوصية كل عروسة من خلال عدم نشر صورها بعد الحصول على الفستان.
سرعان ما انتشرت الفكرة التي أطلقتها "شيماء"، بين محبي عمل الخير، وتطلّب زيادة الإقبال تكوين فريق تنظيمي، فاستعانت بخمس أفراد من تخصصات مختلفة يمكنهم تحمل مسئولية العمل التطوعي إلى جانبها، وبدأت الفكرة تنتشر في المحافظات فيتطوع أحدهم بإعارة سيارته لزفة العروسة، بينما انضمت للمبادرة ماكيرات أو "ميك آب آرتست" حرصت شيماء على اختيارهن بدقة وضمان أن "شغلهم كويس"، من خلال متابعة صفحاتهم وعرائسهم، كما اهتمت بتوفير مصورين بأسعار مخفضة أو متطوعين لتصوير الأفراح بصورة مجانية.
تجديدات متنوعة، تحرص شيماء على إضافتها لمبادرتها بدافع الشغف المستمر، فتبحث عن مكان في حلوان لتنشئ أتيليه جديد يكون في مكان قريب من عرائس القاهرة، بينما اتفقت مؤخرا مع أحد الحدائق التي تستضيف جلسات تصوير الأفراح بمقابل مادي لتصوير الأفراح، فيها مجانا، كما أن مصادفتها لعرائس من ذوي القدرات الخاصة جعل شيماء تتواصل مع أحد أصحاب السيارات المجهزة لتقل الكراسي المتحركة وتخبره بتفاصيل المبادرة، ما لقي ترحيبا كبيرا منه، معللة، "عشان الكرسي المتحرك والفقر مش عائق للفرحة".
لم تنس شيماء وفساتينها، بنات المحافظات المختلفة حيث تعلم أنهن سيتكلفن مصاريف الذهاب للقاهرة والعودة منها أكثر من مرة، بهدف القياس والاستلام، فحرصت وزملاؤها على حفظ بعض الفساتين ذت الأسعار المخفضة جدا لهن فتقلل أعباء الحياة عليهن بأكبر قدر ممكن، من خلال إرسالها لهم مرفقة بهدية تتنوع بين المكياج وأدوات العناية بالبشرة.
تدرس شيماء حالة الفتاة التي تطلب المساعدة جيدا قبل أن تقدم لها خدماتها، فيما تصفه بـ"مش كل بنت تتزنق في الفلوس قبل فرحها يبقى اسمها غير قادرة"، فتحرص على التعرف على حيل بعض الفتيات لضمان وصول المساعدة لمستحقاتها.