"عيون القلب سهرانه مابتنامش.. لا أنا صاحية ولا نايمة مابقدرش"، هكذا غنت الطفلة الصغيرة في مكبر صوت داخل نفق 45 بكورنيش الإسكندرية، لتسلية نفسها أثناء بيع الحلويات للمارة.

"ابتسام الصغيرة"، 9 سنوات، صاحبة أجمل صوت وأحلى ابتسامة، تقف أمامها حائراً، فبالرغم من الظروف القاسية التى تعيشها بعد وفاة والدتها وحرمنها من طفولتها واللعب، لمساعدة والدها المريض في بيع الحلوى، إلا أن روح الطفولة لم تفارقها، وجعلتها تتغلب على مشكلاتها بالتمثيل والغناء والتقليد.

تفترش "ابتسام" مدخل النفق علي الكورنيش بأصناف من الحلوى، لكسب قوت يومها، مرتدية طرحة لتغطية شعرها خوفاً من مضايقات المارة، وفي نفس الوقت تتعامل مع من يضايقها بكل حسم وقوة.

"يوم الشارع بسنة من حياتكم، البنت مننا لو مبقتش بـ100 راجل كلاب السكك تنهش فى لحمها"، هكذا قالت "ابتسام" لـ"الوطن"، حيث تجلس الفتاة يومياً من الثامنة مساء حتى الخامسة فجراً، التوقيت الذي يعمل فيه والدها كفرد أمن، مصطحباً شقيقتها الصغيرة صاحبة الـ7 سنوات، ليتقابلا سوياً، ويعودوا إلى منزلهم بمنطقة المندرة.

تعشق "ابتسام" الغناء والتمثيل، وتسلي وقت عملها بإنشاد الأغاني، وتقلد عدد من الشخصيات الفنية مثل "القرموطي" للممثل أحمد آدم، و"الزعيم" للممثل عادل إمام: "أنا بحب عادل إمام أوى، ونفسي يشوفني وأنا بقلده، أو حد يكتشف مواهبي، أنا مش بروح المدرسة بس بحفظ الدور في المسلسل بسرعة جدا وبمثله على طول"، وأكبر أمنية لـ"ابتسام" في الحياة، هى أن تجد فرصة علاج لوالدها المصاب بتليف فى الكبد على نفقة الدولة.

الظروف الاقتصادية والحاجة للعمل، منعت إكمال "ابتسام" لدراستها، حيث تعمل وهي في الثالثة من عمرها، مع بدء تفوهها بكلمات، فكانت تسير مع والدها حاملة "الجرجير"، ثم انتقلت إلى النفق وبيع الحلوى، مقابل مكسب بسيط في القطعة: "اللي جاي على أد اللى رايح، بس نفسي أتعلم وأمثل ويكون معايا فلوس أساعد بيها كل الناس".