كتب: إسراء جودة -
06:24 م | الجمعة 22 مارس 2019
نساء يصطففن جنبًا إلى جنب مع الرجال بأحد شوارع مدينة "كرايست تشيرش" النيوزيلندية، يرتدين أغطية للرأس رغم عدم انتماء بعضهن للديانة الإسلامية، تطغى مشاعر الأسى والتعاطف على وجوههن، حزنًا على ضحايا هجوم المسجدين الإرهابي الذي مر عليه أسبوع كامل، وراح ضحيته 50 شهيدًا وعشرات المصابين.
تعاطف كبير أبدته نساء نيوزيلندا على اختلاف فئاتهن العمرية والطبقات الاجتماعية المنتميات إليها، حرصن على إظهاره بارتداء الحجاب تضامنًا مع ذوي الضحايا والمصابين من الجالية المسلمة المقيمة في نيوزيلندا، في لفتة إنسانية قادتهن فيها رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن، التي ظهرت دعمها لهن بارتداؤه أيضًا في اليوم التالي على وقوع الهجوم، خلال زيارتها لمركز "كانتربري" للاجئين، بالإضافة إلى تأكيدها على "تعاطفها وحبها لكل المجتمعات المسلمة".
وفي صباح اليوم، تقدمت "أرديرن" مراسم التشييع الرسمي والشعبي لضحايا الحادث في متنزه هاجلي أمام مسجد النور، الذي شهد توافد الآلاف من النيوزيلنديين للتضامن مع المواطنين المسلمين في أول جمعة بعد الهجوم الإرهابي، واستشهدت بحديث للنبي "محمد" خلال خطابها، جاء فيه: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وامتد التعاطف بارتداء "غطاء رأس" لمختلف فئات الشعب النيوزيلندي، إذ حرصت عدد من المذيعات بالنشرات الإخبارية والبرامج على ارتداء الحجاب على الهواء مباشرة، اليوم، وهو ما قُوبل بترحيب شديد من قِبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أثنوا على تلك اللفتة.
تضامن رسمي أيضًا أبداه أفراد الشرطة النيوزلندية من اللحظات الأولى للحادث، إذ حرصت الشرطة على طمأنة المواطنين وتقديم المعلومات إليهم لحظة بلحظة، واتبعت خطابًا يؤكد أن الهجوم الإرهابي هو هجوم على المجتمع النيوزيلندي بأكمله، حتى أن قائدة مسلمة بالشرطة النيوزلندية خرجت ووجهت حديثًا بدأته بتحية الإسلام والصلاة على النبي "محمد" وبعض الآيات القرآنية، فيما ظهرت أخرى بالحجاب حاملة سلاحها ووردة حمراء.
عفوية وبساطة شديدة اتسمت بها التجمعات النسائية المشاركة في مراسم التأبين اليوم، فاستعانت الكثيرات من غير المحجبات بأغطية الرأس المتاحة لديهن حرصًا على التضامن من ذوي الضحايا والمصابين، فظهرت بعضهن بأوشحة الكتف الملونة على رؤوسهن وأخريات بمناديل الرقبة، يحملن باقات الورود في مشهد تضامني مع الحادث الإرهابي غير المسبوق في هذه البلاد.
وكان مواطن أسترالي يدعى، بيرنتون هاريسون تارانت، يوم الجمعة الماضي، مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية، وبث منفذ الهجوم مقطعًا مباشرًا صادمًا عبر تقنية "لايف فيسبوك"، وثق فيه عملية قتله للمصليين بإطلاق النار عليهم مباشرة، من بدايتها إلى نهايتها، سجله بواسطة كاميرا "جو برو" تم تثبيتها على جسمه.
وتمكنت السلطات النيوزيلندية من توقيف المعتدي، الذي نفذ هذه المجزرة الدموية، ومثُل أمام المحكمة السبت الماضي، ووجهت إليه تهمة القتل العمد.
